نعم، الصين، تواجه كارثة حقيقية، والعالم يعيش فى حالة رعب، من انتشار فيروس «كورونا» الوحش الذى ظهر فجأة، متحديا كل ما توصل إليه الإنسان من علم، وتقدم، وكأنه يحمل رسالة للبشر تلخص الرسالة الربانية: «وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا».
والعلم الحديث نفسه عندما تطور وبلغ المدى الذى بلغه الآن صار أحد شواهد هذه الحقيقة الجلية، فكلما زاد التطور العلمى وارتقى فهم الإنسان لبعض الظواهر الكونية، وتوصله لحقائق الخلق، استعرت لديه الأسئلة الباحثة عن إجابات واضحة عن الهوة السحيقة بين العلم الإنسانى، والظواهر الكونية، بل جسم الإنسان نفسه لايزال العلم يبدى فيه من عجائب الخلق وتعقيد النظام ما يبهر العقل ويقلل به عن ادعاء العلم والمعرفة.
الدليل ظهور فيروس كورونا القاتل، والذى يقف أمامه العالم حاليا فى حيرة من أمره، وعاجز عن إيجاد علاج ناجع له، ورغم أنه وحتى الآن لم يصل فيروس «كورونا» إلى مرحلة تستدعى تصنيفه وباءً عالمياً، مادام أنه لم يبلغ مرحلة الخروج عن السيطرة، إلا أن مخاطر تحوّله إلى مرضٍ فتّاك يتخطّى حدود الصين ويهدد البشرية بأسرها، قائم، فى ظل أن فرص انتشاره كبيرة، والإحصاءات تسجّل إصابات بالآلاف يومياً داخل الصين.
وما لفت الأنظار منذ ظهور فيروس كورونا فى الصين، بجانب خطورته، وتعدد طرق العدوى، وانتقاله من شخص إلى آخر بسهولة، وتأثيره البالغ على الوضع الاقتصادى، وتراجع معدلات النمو، فإن هناك جملة أسباب إنسانية بالغة السوء، تدمى لها القلوب من هولها، وتهدد بهتك نسيج المجتمع، من بينها أن الأسرة تفر من ابنها المصاب بالفيروس خوفا من العدوى، وابتعاد الأطفال عن أمهاتهم وآبائهم، وأصبحت العائلات فى الصين مشتتة حسبما أوردته كبرى الصحف العالمية، فلا يعرف الزوج مكان زوجته، ولا الأطفال أمهاتهم.
وتتجلى المأساة، على المقابر، عندما ترفض الأسر والعائلات والأصدقاء والزملاء، تشييع جنازات الذين لقوا حتفهم جراء الفيروس، خوفا ورعبا من العدوى، كما بدأ الصينيون يفرون من التجمعات، وعدم المصافحة، مع ارتداء الكمامات ليل نهار، وصار كورونا يمثل فوبيا مرهقة للجميع، وكأنه كابوس جثم فجأة على صدور الناس، وسط عجز العالم وليس الصين من مواجهته والحد من انتشاره.
صحيفة الجارديان البريطانية، روت قصة مواطن صينى أصيب بفيروس الكورونا، وذلك بعد أسابيع من معاناته مع الحُمى، وتجلت المأساة فلا توجد أسرّة كافية فى المستشفيات، أو مكان للعزل، وتروى زوجته قصة معاناتها بمجرد اكتشاف إصابة زوجها بالفيروس الفتاك.
تقول الزوجة «لى» البالغة من العمر 39 عاما: عائلتى مكونة من 6 أفراد، زوجها ووالداه وطفلاهما، وكلاهما من ذوى الاحتياجات الخاصة، نعيش فى شقة ضيقة من ثلاث غرف فى ووهان، وقد أرسلت العائلة الطفلين إلى خالة لهما يوم الاثنين 3 فبراير الجارى، وقد ظهرت الأعراض على كل من «لى» وأم زوجها وتم تشخيص المرأتين بالتهاب رئوى، وهو ما رأى بعض الأطباء أنه سبب كافٍ لعزلهما صحيا.
وتضيف الزوجة: لم نتلق أى تعليمات من مركز ووهان لمكافحة الأمراض، ولا من هيئة الحى الذى نعيش فيه، وهو مسؤول عن التواصل مع السلطات الصحية والمستشفيات لترتيب العلاج وزيارات المتابعة، وتقول: «أخشى أننى سأنهار، لقد اتصلت بكل الأرقام تقريباً، فى كل مكان، ولكن لا أحد يهتم لأمرنا».
وسردت صحيفة الجارديان حكايات لمواطنين مصابين وأقربائهم بالفيروس الفتاك، وجميعهم عبروا عن شعورهم بالعجز وهم يحاولون الحصول على المساعدة لأفراد عائلاتهم المرضى وحماية الأصحاء منهم، وهم من الأطفال غالبا.
كما يروى المصابون عن أصعب شىء واجههم، وهو العزل، فتروى زوجة قصة مرور 9 أيام منذ آخر مرة رأت فيها زوجها وأطفالها، بعد أن أُصيبت بالفيروس، فقررت أن تنأى بنفسها عنهم وذهبت للعيش فى شقة والدتها، بعيدا.
هذه النماذج مزعجة، ومؤلمة إنسانيا، أن تجد المرء يفر من أمه وأبيه وأطفاله، خوفا من العدوى، وكأنه يوم القيامة..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة