خلال سنوات قليلة حرصت الدولة بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى على البدء فورا فى إعادة الروابط المصرية مع أفريقيا، إلى سابق عهدها باعتبار أن القارة هى العمق الطبيعى لمصر، وذلك بعد سنوات من التراجع فى هذه العلاقة، التى تمثل احد أعمدة العلاقات المصرية اقتصاديا واستراتيجيا، وخلال السنوات الأخيرة تضاعفت الاستثمارات المصرية فى أفريقيا، كما سعت مصر إلى إعادة التعاون المشترك مع دول القارة، فضلا عن توسيع الاهتمام بالقضايا القارية فى عالم يشهد تحولات اقتصادية وسياسية عاصفة.
وقد سلمت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد عام قدمت فيه القاهرة دورها فى رئاسته الاتحاد، وسعت إلى تقديم قضايا أفريقيا بشكل واسع فى المحافل الدولية «الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقمتى مجموعة السبع، ومجموعة العشرين، والاجتماعات الاستراتيجية المتنوعة مع اليابان وروسيا وألمانيا وبريطانيا.. وكان الهدف وضع أفريقيا على الخريطة الاستثمارية، والاستفادة من ثرواتها الطبيعية الهائلة».
خلال رئاسة مصر شهد ملف أفريقيا كثيرا من التحركات والخطوات المهمة فيما يتعلق ببناء مؤسسات الاتحاد، والاتجاه إلى كتل العالم الاقتصادية والسياسية، بشكل وضع القضايا الأفريقية مطروحة على أجندات العالم، من زاوية الندية والمصالح المشتركة. كانت أفريقيا حاضرة فى قمم أفريقيا اليابان والصين وأوربا وروسيا، حيث تم طرح أفكار التنمية المشتركة، والفرص والإمكانات المتاحة فى القارة، فى وقت يتحرك العالم كله بناء على المصالح.
فى تحركها كانت مصر تبنى على ماسبق فيه الاتحاد، إضافة إلى جهود فى توضيح الفرص الأفريقية أمام العالم بوصفها فرصا تتيح الربح لمن يستثمر، بشرط أن تكون التنمية والاستثمارات مصدرا لتنمية القارة وشعبها ومواطنيها، وليست مجرد مكان للمواد الخام أو المغامرات الاقتصادية غير المحسوبة.
وربما تكون هناك حاجة إلى التعرف على حجم العائد على الأفارقة، والنمو فى الاستثمارات المختلفة وعوائدها على المواطنين والشعوب.
لم يكن تحرك مصر تجاه أفريقيا مجرد رغبة، لكنه كان فى السياسة المصرية تعبيرا عن المصير المشترك لدول القارة، وما يمكن أن يحققه التكامل والتعاون المشترك فى إطار الاستثمار والتنمية.
وجاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالجلسة الافتتاحية للاتحاد الأفريقى، تعبيرا عن جهود القاهرة نحو قضايا القارة وحجم التحديات التى تواجهها والفرص التى تتيحها الامكانات القائمة، وطرح كافة القضايا القارية وخطورة النزاعات القائمة فى الساحل والقرن الأفريقى والسعى لمواجهة النزاعات وحلها سياسيا، وإتاحة آليات للتدخل فى هذه النزاعات وحلها حتى لا تتحول إلى بؤر تؤثر على واقع ومستقبل القارة. حتى يمكن أن تكون القضايا الأفريقية فى سياق القارة وفى الوقت نفسه انفتاح أفريقيا على المؤسسات الدولية لتحقيق التنمية الشاملة، وتنفيذ المشروعات القارية مثل الربط الكهربائى، تمهيدًا لإنشاء السوق الأفريقى للطاقة، ومشروع القاهرة - كيب تاون ومشروعات الطرق والسكة الحديد وغيرها، ومضاعفة عوائد الاستثمار وتمكين ودعم الشباب والمرأة من خلال تدريبهم بالوسائل التكنولوجية ومنها مبادرة تأهيل مليون شاب، وأخيرا دعوة مصر لإنشاء قوة أفريقية مشتركة لمكافحة الإرهاب، وهو أحد أخطر التهديدات التى يواجهها عدد من الدول الأفريقية، بشكل يعرقل جهود التنمية والتقدم.
وبالرغم من تسليم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، ضمن آليات التداول المعروفة، فقد كان حديث الرئيس السيسى متجها إلى التأكيد على استمرار تقديم الجهود من أجل مواجهة أزمات وقضايا القارة، ودعم جهود التنمية ومواجهة النزاعات الداخلية أو البينية، والتى تمثل أحد أهم التحديات أمام تنمية دول القارة والاستفادة من الموارد المهمة.