يواجه لبنان أزمة اقتصادية ربما الأكبر في تاريخه، فبالإضافة للمطالب الداخلية وفاتورة المظاهرات التي دامت أكثر من100 يوم تعطلت خلالها مؤسسات الدولة، هو مطالب بدفع فاتورة ديون خارجية تصل قيمتها مليارا و200 مليون دولار بحلول مارس المقبل . فهل يستطيع لبنان الوفاء بالتزاماته ؟
إعادة هيكلة الديون
قال مصدر حكومي لبنانى، إن لبنان سيلجأ لطلب مساعدة من من صندوق النقد الدولى لوضع خطة لتحقيق الاستقرار فيما يتعلق بأزمته المالية والاقتصادية، بما فى ذلك كيفية إعادة هيكلة دينه العام.
وقال المصدر إن الطلب الرسمى للمساعدة الفنية سيرسَل إلى صندوق النقد الدولى قريبا.
وأضاف "هناك تواصل مع صندوق النقد الدولى لكن لبنان سيرسل طلبا رسميا خلال الساعات المقبلة ليكون لديه فريق مخصص للتعامل مع المساعدة الفنية".
وقال المصدر: "لبنان...يسعى لمشورة من صندوق النقد الدولى بشأن ما إذا كان سيسدد استحقاقات السندات الدولية فى ظل مخاوف من أن أى إعادة صياغة لديون لبنان يجب أن تتم بطريقة منظمة لتجنب إلحاق أضرار بالنظام المصرفى للبلاد"، وذلك فى إشارة إلى سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين موعد استحقاقها فى 9 مارس.
وفى السياق نفسه، أكد فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان الأسبق، أن مشكلة لبنان أكبر من مجرد تشكيل حكومة جديدة تعرض بيانها الوزاري على البرلمان اللبناني، مشيرا إلى أن لبنان يحتاج إلى عملية إصلاح اقتصادي واحترام سلطة الدولة، لافتا إلى أن حكومة حسان دياب جاءت خلافا لما كان يتوقعه المراقبون وهذا الشباب اللبناني الذى يتظاهر في الشارع الذين يصرون على أن يتم تشكيل حكومة لبنانية مستقبلة، وأن يتولى المستقلين الحقائب الوزارية.
وأضاف رئيس وزراء لبنان الأسبق، في تصريحات لقناة إكسترا نيوز، أن حكومة حسان دياب تم تشكيلها بناء على توزيع الحقائب والحصص على القوى السياسية التى يسيطر عليهم حزب الله اللبناني وبالتالي هذه الحكومة اللبنانية لم تتشكل بالطريقة التي ينبغي أن تتشكل عليها.
ولفت رئيس وزراء لبنان الأسبق، إلى أنه البيان الوزاري الذى عرضه حسان دياب رئيس الوزراء اللبناني على البرلمان جاء قاصرا على حل المشكلات التي تعانى منها لبنان، موضحا أن حكومة حسان دياب جرى توزيعها على القوى السياسية، وأن الأزمة في لبنان تتمثل في حل الخلاف القائم بين الشباب ومؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية اللبنانية، مشيرا إلى ضرورة حل تلك الأزمة سريعا.
وزير المالية: القرار ليس سهلا
وأكد وزير المالية اللبنانى غازى وزنى بعد اجتماع مع الرئيس وحاكم مصرف لبنان اليوم الخميس، إن الحكومة ستواصل بحث خياراتها للتعامل مع استحقاقات السندات الدولية الوشيكة بما فى ذلك ما إذا كنت ستفي بالمدفوعات أم لا.
وأضاف وزني أن لدى لبنان خيارات عديدة جرى بحث كل منها بعمق خلال الاجتماع، قائلا إن القرار مهم وليس سهلا.
وتابع أن تعميما سيصدر خلال الأيام القليلة القادمة بخصوص تنظيم القيود غير الرسمية على حركة رؤوس الأموال المفروضة من البنوك التجارية، وذلك من أجل مزيد من الوضوح وحماية المودعين.
إصلاحات قاسية
ومن جانبه قال الرئيس اللبنانى ميشال عون، إن الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان، لم يعد بالإمكان حلها بسهولة وأصبحت تستلزم إجراءات إصلاحية قاسية نسبيا، ستطال اللبنانيين جميعا، وهو الأمر الذي يتطلب تحقيق التوعية الضرورية للمواطنين، وأشار الرئيس اللبناني إلى أن مرحلة جديدة قد بدأت بعد نيل الحكومة ثقة مجلس النواب، وأنه بحكم موقع مسئوليته سيمضي قدما في تحقيق الإصلاحات اللازمة على الرغم من أن تكلفة الإصلاح أصبحت أكبر من أي وقت مضى.
وأضاف: "إننا جميعا مسئولون عن توعية المواطنين، خاصة في ظل ما نشهده من تعميم المتظاهرين صفة الفساد على كافة المسئولين، بحيث أن أيا من الوزراء الذي لم يكن في الحكم أو في أي من المواقع العامة في السابق أصبح في نظرهم سارقا وفاسدا، وهذا أمر لا يجوز، كما أن قسما كبيرا من المتظاهرين بات يشكل فريقا راديكاليا رافضا لأي مقترح، على نحو أصبحنا معه لا نعلم ما الذي سيطلبه بعد، وقد لا يعجبه أي من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة".
وأكد أن العبء الذي يتكبده لبنان جراء النزوح السوري وصل حتى الآن إلى حوالي 25 مليار دولار بحسب أرقام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.. وقال:"إذا تساهلنا نحن إزاء وضعنا الاقتصادي ومعالجته بالتدابير اللازمة فلن يقدم أحد على ذلك".
وشدد الرئيس اللبناني على أن كل من امتدت يده إلى المال العام، سيخضع لسلطة القضاء والمحاكمة بمقتضى القانون، وفي ظل محكمة خاصة متخصصة للجرائم المالية المتعلقة بالمال العام.
وتطرق عون إلى الأزمة التي يعاني منها القطاع المصرفي اللبناني، مشيرا إلى أن لجوء اللبنانيين إلى سحب ودائعهم بسبب خوفهم عليها، زاد من حدة الأزمة، معربا عن ثقته في أن لبنان سيستعيد عافيته بعد معالجة أسباب الأزمة الراهنة.