سيدة من طراز خاص، اقتحمت عالم الرجال، وقادت جلسات للصلح فى حوادث الثأر، ونجحت فى حقن الدماء ووقف سلسال الدم بصعيد مصر، حتى لقبوها بالمرأة الحديدية فى الجنوب، لما تمتلكه من قوة ورزانة عقل وهدوء فى التعامل مع المشاكل، وحضور قوى جعله محل تقدير لدى الجميع، إنها أمانى أبو سحلى التي نتعرف على قصتها فى التقرير التالى.
"أنا أول واحدة اتكويت بنار التار"، بهذه الكلمات تحدثت "أماني أبو سحلى" لـ"اليوم السابع"، مضيفة:" فقدت أعز شخص لقلبي في حادث ثأر، نعم فقدت فلذة كبدي، فأصعب شيء عن الإنسان أن يعيش حتى يرى ابنه يموت في حياته، فهذا هو الموت نفسه، فقد شاهدت ابني يموت، وشعرت وقتها أن الحزن فالق كبدي".
وحول تفكيرها في وقف سلسال الدم، تقول "أبو سحلى":" أيقنت أن سلسال الدم لن ينتهي، وأن الثأر لن يخلف إلا الدمار والقتل والخوف، وأن حياتنا ستتحول حتماً لجحيم بسبب هذا الثأر المخيف، فلم أتردد في البدء بنفسي، والقضاء على الثأر وإعلان الصلح".
بلهجتها الصعيدية، ووجها البشوش، ولسانها المفوهة، تقول "أبو سحلى": لم أتوقف عند هذا الحد، وإنما قررت تعميم التجربة، حتى يعم السلام والأمان في ربوع بلادنا، حتى صعيد مصر الطيب، وأن تنتهي حوادث الثأر والقتل والعنف، وتعود المحبة بين الجميع، فأعلنت "صعيداً بلا ثأر" تلك المبادرة التي انضم إلي فيها نحو 10 سيدات أخريات فضليات لمساعدتي في هذا الأمر، ونجحنا في القضاء على العديد من حوادث الثأر بالصعيد.وحول الصعوبات التي تواجههن.
وقالت "أبو سحلي": "بالتأكيد مازالت المرأة في الصعيد ست والرجل راجل، لكن الحمد لله أقعنا الجميع بقدرتنا على الإحتواء وحل المشاكل، وأصبح الجميع يثق في قدرتنا على ذلك، وأصبح الأمر أكثر سهولة من ذي قبل".
وعن كيفية إقناع السيدات بقبول الصلح، تقول "أبو سحلي": " المرأة هي الزوجة التي فقدت زوجها بحادث ثأر، أو السيدة التي فقدت ابنها، ونبدأ في التواصل معها وتحديد موعد للقائها، ونقدم لها في البداية واجب العزاء، ثم نتحدث معها عن الصلح، ونشرح لها خطورة تسلسل الثأر، وربما يسقط آخرين من أقاربها في حوادث أخرى، وتفقد آخرين بدخولهم السجن، ونبدأ نحرك فيها العقل والمنطق، وبعد عدة جلسات متكررة، يوفقنا الله لإقناعها تماماً بقبول الصلح".
وحول أهمية المرأة في الإقتناع بالصلح، تقول "أبو سحلي":"المرأة هي كل شيء، ويبدأ من عندها كل شيء، فإذا اقتنعت بالصلح، تستطيع إقناع زوجها وأقاربها، لتبدأ بعد ذلك خطورة تالية بالجلوس وعقد الجلسات الرسمية ووجود الكتابات والتعهدات بعدم العودة لجرائم الثأر مرة أخرى".
وبعدما ذاع صيت المرأة الحديدية في الصعيد، تقول "أبو سحلي":" أصبحنا نتلقى اتصالات عديدة من أشخاص كثيرين لاستدعائنا في جلسات صلح بكافة المحافظات، آخرها تلقينا اتصال من محافظة أسوان لإنهاء خصومة بين عائلتين، فضلاً عن وجود عدداً من الجلسات الأخرى بعدد من القرى سيتم الترتيب لها لاحقاً"
وتضيف "أبو سحلي":"نلقى ندعم كبير من رجال الأمن، الذين يؤمنون بدورنا في إقناع السيدات بالعدول عن الثأر والعودة للصلح والصفح الجميل، فما أجمل أن ترى مشهد عناق الطرفين، بعدما يتصدر مشهد تقديم الكفن، ويجلس الطرفين بجوار بعضهما وينتهي العنف، وتعود الحياة لطبيعتها مرة أخرى".
وتقول "أبو سحلي": "الأمر لا يتوقف على جلسات الصلح وإنهاء الخصومات الثأرية، وإنما يتخطى ذلك وصولاً لعقد جلسات تثقيفية للمواطنين، خاصة السيدات لوأد جرائم الثأر من البداية قبل وقوعها من الأساس، في خطوات إستباقية وجادة، وتلقى هذه الجلسات قبولاً واسعاً من الأهالي في كافة ربوع الصعيد، وهدفنا خلال الفترة المقبلة التوسع في عقد الجلسات، حتى يعود صعيدنا الطيب بلا ثأر.