حظرت السلطات التركية الدخول إلى مجلة لمان (Leman)، أبرز المجلات الساخرة في تركيا، بعد كاريكاتير ساخر من وزير الخزانة والمالية، برات ألبيراق وفقا لصحيفة زمان التركية.
وفي عددها الصادر في 22 يناير الماضي نشرت مجلة ليمان الساخرة على غلافها، كاركاتيرا ساخرا مقتبسا عبارة الوزير “انتبهوا؛ فهنا مهم جدا” التي يستخدمها ألبيراق كثيرًا، في إشارة إلى أنه يشتري المناطق الغالية بمسار مشروع قناة إسطنبول.
وكشفت صحف تركية شراء ألبيراق صهر الرئيس أردوغان، قطعة أرض بالمنطقة التي ستشهد مشروع قناة إسطنبول، فكان عقابها أن حظرت الدائرة السابعة بمحكمة الصلح والجزاء في إسطنبول الدخول إلى عدد المجلة بموجب قرارها الصادر بتاريخ 12 من فبراير.
وتسوق الحكومة التركية للمشروع وتحفز الأثرياء على الاستثمار على مساري قناة إسطنبول الجديدة لإنشاء مناطق عمرانية جديدة رغم الاحتجاجات الواسعة ضد إصرار الرئيس التركي رجب أردوغان تنفيذ مشروع قناة إسطنبول، وذلك على الرغم من تأكيد الخبراء الجيولوجيين على أنه سيتسبب في حدوث كوارث بيئية حال تنفيذه.
لكن حظر وسائل الاعلام التى تكشف مخططات صهر الرئيس التركى ليست الواقعة الأولى من أجل التعتيم على فساده، فقد تعمد النظام التركى اعتقال الصحفيين الذين فضحوا فساد البيرق، وفى يوليو عام 2018 اعتقلت السلطات التركية الصحفى تونجا أوكرتان بعد نشره أخبارا حول تسريبات المراسلات الإلكترونية لـ البيرق، قال الصحفى المعتقل آنذاك "أخبرنى المحامى أن قرار احتجازى جاء بسبب نشرى مقتطفات من مراسلات البيرق، ثم كشف أن مذكرة الاعتقال بحقى صدرت بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابى".
واعتقال الصحفى التركى بسبب نشره خبر عن صهر أردوغان لم تكن الواقعة الأولى، فقد اعتقل النظام أيضا مراسلها فى تركيا دنيز يوجل بسبب مقالات كتبها حول اختراق البريد الإلكترونى الخاص بـ بيرات البيرق صهر الرئيس رجب طيب أردوغان بحسب تقرير لصحيفة دى فيلت الألمانية فى فبراير 2017.
من هو امبراطور الفساد الوسيم "بيرات البيرق"
وكان دفع الرئيس أردوغان بصهره بيرات البيرق وهو الشخص النافذ فى النظام إلى الأضواء من جديد فى لباس وزير المالية ليعبد بذلك الطريق أمامه للصعود إلى سلم الحكم، بعد أن كان يتولى وزارة الطاقة منذ 2015، لكن الأزمة الاقتصادية التى حدثت على واقع تعيينه من هبوط قيمة الليرة التاريخى وارتفاع معدل التضخم وصولا لعجز الموازنة الكبير، سلطت الضوء على وزيرا يرافق الرئيس التركى كظله فى كافة الأمور ويعد من الأوفياء له سياسيا.
والبيرق هو ابن المؤلف والكاتب التركى صادق البيرق ذو التوجهات الإسلامية والذى تربطه بأردوغان علاقة صداقة قوية قديمة منذ عام 1980، وعقب تعيينه وزيرا للمالية والخزانة إضافة إلى تنصيبه وزير المالية أيضا فى مجلس الشورى العسكرى الأعلى وفقا لمرسوم رئاسى، نظر مراقبون إلى صهر أردوغان الوسيم ذو الكاريزما القوية على أنه خليفة أردوغان بعد عام 2028، والوريث للنظام الأردوغانى الجديد، حيث يستمد البيرق قوته من والد زوجته، وعليه تعاظم نفوذ السنوات الماضية، كما أنه حاول إقصاء السياسيين الذين كانوا يرافقون أردوغان للصعود على أكتافهم.
ويبلغ البيرق من العمر 40 عاما ومتزوج من إسراء، الابنة الكبرى لأردوغان، منذ عام 2004 وقد شهد نفوذه فى السنوات الأخيرة تناميا لافتا فى النظام وداخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وقبل زواجه من ابنة أردوغان كان مديرا لمجموعة جاليك التركية القابضة وأحد أبرز من يطلق عليهم "نمور الأناضول" فى حزب العدالة والتنمية، واشترى صحيفة الصباح التركية بمبلغ 1.5 مليار دولار، واسعة الانتشار والقناة التلفزيونية الإخبارية "خبر" بعد حصوله على قرض مساعدة من بنوك حكومية بمبلغ 750 مليون دولار. وترك المجموعة وأصبح يتولاها الآن شقيقه يافوز وترشح للانتخابات على قوائم حزب العدالة والتنمية عام 2015 وأصبح عضوا فى البرلمان وبعدها بأشهر قليلة تولى منصب وزير الطاقة فى 2015.
ويتورط البيرق فى قضايا فساد كبرى، فالعام الماضى كشفت محاكمة تجرى فى إيران لرجال أعمال تورطوا فى ملف فساد نفطى شارك فيها أيضا رجل أعمال تركى يدعى رضا ضراب، ومسئولين أتراك، أحداث مثيرة حيث اتهمت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط "استيلاء صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على أموال النفط الإيرانية"، وخلال إحدى جلسات المحاكمة فى يوليو 2017 اتهم الممثل عن الشركة الوطنية الإيرانية للنفط مهدوى، صهر أردوغان بالاستيلاء عن أموال النفط الإيرانية، بدلا من إعادتها إلى خزانة الدولة، قائلا " أن أموال النفط الإيرانية تم إنفاقها فى شراء مصنع للألمونيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل لصهر أردوغان".
ومع تعاظم نفوذه داخل الحكم حاول إقصاء رجال أردوغان عن المشهد السياسى، ففى عام 2016 كشفت وسائل إعلام أجنبية، أن البيرق وأخيه سيرحات كانا وراء تقديم داود أوغلو، رئيس الحكومة التركية السابق استقالته وإقصائه من المشهد السياسى التركى وتنحيه عن رئاسة حزب العدالة والتنمية فى 22 مايو من العام نفسه، حيث نظما هجوم سياسى وإعلامى ضده، لأنه رأى أن خروجه من المشهد السياسى يفسح المجال أمام أردوغان لتعزيز سلطته، كما أنه سيفسح للأخير المجال للدفعه به إلى الأضواء بحسب تقرير نشرته فايننشال تايمز مايو 2016.