بيشوى رمزى

بين الإقالة والاستقالة.. جونسون يستلهم رؤية ترامب

الأحد، 16 فبراير 2020 10:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يستغرق الأمر أكثر من 60 يوما، منذ فوزه الساحق بالانتخابات التشريعية المبكرة، التى شهدتها بريطانيا فى شهر ديسمبر الماضى، حتى يجرى رئيس الوزراء بوريس جونسون أول تعديل وزارى، عبر إقالة وزير أيرلندا الشمالية جوليان سميث، من منصبه، فى الوقت الذى استقال فيه وزير المالية ساجد جاويد، إثر محاولات التضييق عليه من خلال إقالة عددا من كبار مساعديه فى الأيام الماضية، فى انعكاس صريح للخلافات الكبيرة داخل أروقة الحكومة، رغم الانتصار البرلمانى الساحق، وغير المتوقع، لحزب المحافظين، فى الانتخابات الأخيرة.

وبين الإقالة والاستقالة، تبدو رغبة جونسون القوية في ترجمة نتائج الانتخابات البرلمانية، عبر فرض قبضته على مقاليد الأمور داخل الحكومة، وعدم السماح لأى صوت معارض داخلها، وهو النهج الذى سبق وأن تبناه على النطاق الحزبى، عبر استبعاد أعضاء حزبه من الجناح المعارض لـ"بريكست"، من قوائم الترشح للانتخابات المبكرة، لينهى بذلك حالة الجدل التي طالما لاحقت جولات التصويت البرلماني المتواتر على مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، والتي أدت إلى الإطاحة برئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى.

النهج الذى يتبناه رئيس الوزراء البريطاني، يمثل تكرارا صريحا للسياسة التي انتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تدور حول إعادة هيكلة المؤسسات، عبر إقصاء المعارضة داخل الحزب أولا، ثم بعد ذلك الحكومة، فيما يسمى بسياسة "قطع الشطرنج"، حيث يصبح بقاء المسئول الحكومى في منصبه مرهونا بمهمة معينة، وينتهى دوره بانتهائها.

ولعل استخدام جونسون لتلك السياسة قد بدأ منذ أن كان في منصب وزير الخارجية، حيث إنه لجأ إلى استخدام عصا الاستقالة، ليضرب حكومة تيريزا ماى في مقتل، عندما قرر الخروج من حكومتها، اعتراضا على الاتفاق الذى توصلت إليه مع قادة الاتحاد الأوروبى، في العام الماضى، والذى اعتبره قطاعا كبيرا من دعاة "بريكست"، التفافا على إرادة البريطانيين التي أعربوا عنها في استفتاء 2016، للخروج من أوروبا الموحدة.

وهنا يمكننا القول بأن استقالة جاويد، وإقالة سميث، تمثل امتدادا للنهج نفسه، عبر إخلاء الساحة من أي صوت معارض، يمكنه تقويض أو تشويه السياسات التي يسعى جونسون إلى تطبيقها، في مرحلة "ما بعد بريكست"، والتى تقوم في الأساس على استعادة لندن لنفوذها السياسى والاقتصادي، عبر قيادة دول القارة العجوز من خارج الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى حرصه الشديد على الاحتفاظ بوحدة المملكة المتحدة، وسط مخاوف حول احتمالات انفصال أسكتلندا وأيرلندا الشمالية عن التاج البريطاني.

رؤية جونسون لا تختلف كثيرا عن توجهات الرئيس ترامب، حيث تكمن في الأساس على مناهضة المؤسسات، بحيث تدور السلطة في فلكه، عبر الاحتفاظ بمقاليد الأمور، وهو الأمر الذى سبق وأن تبنته واشنطن، عبر الصراع بين البيت الأبيض والكونجرس تارة، أو تحييد جناح الصقور في الحزب الجمهورى تارة أخرى، أو التعامل مع المسئولين عبر منهج "القطعة" تارة ثالثة.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة