أكرم القصاص

رجب يبحث عن مخرج.. كيف فقدت الازدواجية الانتهازية لأردوغان صلاحيتها؟

الأحد، 16 فبراير 2020 07:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعتاد رجب أردوغان أن يطرح خطابا للاستهلاك الدعائى أمام الأتراك، يضمنه الكثير من التهديدات والصخب، مقابل خطاب سياسى فى الغرف المغلقة، وهو خطاب براجماتى يتعامل مع الواقع بكل واقعية. وهذا الأمر واضح ولم يعد من الممكن إخفاؤه فى ظل تدفق المعلومات. 
 
خلال سنوات حاول أردوغان إيهام الولايات المتحدة والغرب أنه يسعى لصالح حلف الناتو وينفذ مصالح الغرب فى سوريا، وحاول إيهام السوريين أنه يساند قضية الديمقراطية والتغيير، وفى كل هذا كان يعقد اتفاقات لاستيراد وإدخال الإرهابيين من كل دول العالم إلى سوريا والعراق. بل واقتسام البترول والثروات المسروقة بواسطة داعش والنصرة. كان أردوغان يدعم الحرب بالوكالة ويدعم النزعات الطائفية والعرقية فى سوريا والعراق بشكل يدعم ظهور وتقوية نفوذ داعش، التنظيم القائم على الطائفية بالأساس.
 
اليوم يطلق أردوغان ومعاونوه فى حزب الحرية والعدالة خطابا تهديديا تجاه روسيا، وهو خطاب موجه إلى الداخل التركى والناخبين فى محاولة لإنقاذ صورته المهزوزة والتغطية على الخسائر التى يتكبدها فى سوريا وليبيا، ومقابل التهديدات العلنية يسعى الرئيس التركى خلف الأبواب للتفاوض مع روسيا.
 
 وفى مواجهة تهديدات الأتراك بإسقاط جميع الطائرات فوق إدلب قال الباحث السياسى جيفورغ ميرزايان: «إذا أسقطت تركيا طائرة روسية فوق الأراضى السورية، فستكون هناك ضربة منظمة على جميع الجبهات، لهذا قرر أردوغان إرسال وزير خارجيته للقاء نظيره الروسى بعد أن اكتشف انتهاء صلاحية التهديدات التى أطلقها طوال أيام، بعد فشله فى إنقاذ الإرهابيين.
 
أردوغان لم يغير من طريقته فى تقديم خطابين، بالرغم من أنه أصبح مكشوفا وفقد الكثير من حلفائه، بعد أن اكتشفوا أنه كان يلعب لمصالحه، وأنه خلق مشكلة اللاجئين والإرهابيين، التى يبتز بها الغرب. وحتى فى تعامله مع القضية الفلسطينية، كان أردوغان يقدم خطابا عاطفيا حول فلسطين، بينما تركيا أكثر دولة فى الشرق الأوسط لها علاقات عسكرية واقتصادية مع إسرائيل، ومع هذا فقد أردوغان أن يقدم خطابا مزدحما بالشعارات لتابعيه فى تركيا ولبعض الفلسطينيين، وهو خطاب شعاراتى لا يكلف صاحبه شيئا. 
 
أردوغان نسى أن العالم اليوم فى ظل تدفق الأخبار لم يعد يصلح معه الخطاب الفارغ، وأن التصرفات المزدوجة يصعب إخفاؤها. 
 
تحالف أردوغان مع داعش والقاعدة وميليشيات الإرهاب فى سوريا، ومع الوقت كانت تحالفاته ظاهرة ومكشوفة بالصوت والصورة، وقد فشل طوال سنوات فى انتزاع منطقة آمنة من سوريا، سواء بالغزو أو التلاعب، وفى إدلب أوهم الأتراك أن جيشه فى نزهة، بينما تلقت قواته الضربات بشكل مكثف، لدرجة أنه طلب العون من حلف الناتو ولم يتلق ردا. 
 
وفى الداخل، أعلنت المعارضة ممثلة فى حزب الشعب التركى، أن أردوغان يخوض حربا بالوكالة، وأنه ينسق مع إسرائيل فى عدوانها على سوريا، وأن الجنود الأتراك يدفعون ثمن مغامرات أردوغان وحزبه فى سوريا وليبيا، والشعب التركى أصبح مدركا أكثر من أى وقت مضى كيف ورطهم أردوغان فى مغامرات متشعبة، وأنه أصبح فى وضع صعب، ويبحث عن أى صيغة تضمن له انسحابا من سوريا، حتى يخفى الخسائر بين قواته. 
 
أردوغان اعتاد الاستثمار فى أى أزمة من الممكن أن تخدم أجندته التوسعية، ولهذا زار العاصمة الباكستانية إسلام أباد فى محاولة لإنقاذ موقفه المتردى فى معركة إدلب التى وضعته فى مواجهة مع روسيا. أما إيران فبالرغم من تقارب الضرورة، فالواقع أن الإيرانيين يدعمون الجيش السورى فى إدلب، وإيران على طرف نقيض من تركيا.
 
لهذا يسعى أردوغان إلى باكستان ويفرط فى وعوده بمساندة إسلام أباد أمام الضغوط المالية الدولية ومساندتها فى قضية كشمير، وهى وعود بقدر ما تكشف عن انتهازية التركى لم تسفر إلا عن تصريح عابر بالوقوف مع تركيا، وهو تصريح لا يعنى مساندة الجيش التركى فى إدلب لأن هذا يعنى مواجهة مع روسيا وهى إحدى الدول المتعاونة مع باكستان تجاريا وعسكريا. 
كل هذه التفاصيل تضاعف من مأزق أردوغان، لكونه أصبح مكشوفا ولم يعد خطابه المزدوج صالحا، وفقدت انتهازيته صلاحيتها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة