سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1947.. جنازة شيخ الأزهر مصطفى عبدالرازق بعد وفاته بأزمة قلبية لاتهامه من مفتى الديار بتخريب الدين لاقتراحه تدريس اللغة الإنجليزية للأزهريين

الأحد، 16 فبراير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1947.. جنازة شيخ الأزهر مصطفى عبدالرازق بعد وفاته بأزمة قلبية لاتهامه من مفتى الديار بتخريب الدين لاقتراحه تدريس اللغة الإنجليزية للأزهريين  الدكتور مصطفى عبدالرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور مصطفى عبدالرازق إلى منزله بعد اجتماع عاصف فى الأزهر يوم 15 فبراير عام 1947، وأثناء استعداده للخروج مرة ثانية شعر بالهبوط والتعب، وقبل أن يصل الطبيب الذى تم استدعاؤه توفى فى الساعة السادسة مساء،وفى اليوم التالى، 16 فبراير، مثل هذا اليوم عام 1947 كانت جنازته مهيبة، وسار فيها أصدقاؤه وتلاميذه ومحبوه وكبار رجال الدولة، وتم دفنه فى مقابر العائلة بالإمام الشافعى.
 
كانت وفاته مفاجئة، فهو المولود فى قرية «أبوجرج» بمحافظة المنيا عام 1885، وينتمى إلى أسرة عريقة فى الفكر والسياسة، وكان أستاذا للفلسفة، بعد أن حصل على الدكتوراه من باريس، وكان محبا للفنون، وممن أثروا فى مسيرة سيدة الغناء العربى أم كلثوم.
 
جاءت الوفاة بعد أكثر من عام على توليه مشيخة الأزهر «ديسمبر 1946»، وأصابت تلاميذه من تيار التجديد فى الأزهر بالحزن، فهو رجل الفلسفة والدين الذى يرفض أصحاب النزعة الوهابية المتشددة الذين يهدمون القباب الفنية ويكفرون الناس، ويذكر فى أعماله الكاملة الصادرة عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة–القاهرة»: «نبرأ بدين هيئة كبار العلماء الذى يدفع بالكفر كل نزوع إلى العلم والفهم والذوق، فلما جاءنا دين أهل نجد يهدم على من فيها قبابا قد تكون آثارا تاريخية، يعرف خطرها أهل الفن والتاريخ، وأن الدين برىء من مثل هذه الدعاوة، وإنما يشوه الدين أولئك الذين يريدون كيدا وتضليلا وقيدا للعقول والقلوب ثقيلا».
 
يكشف أحد تلاميذه وأصدقائه الدكتور محمد البهى أسبابها.. كان «البهى» وزيرا للأوقاف وشؤون الأزهر فى الفترة من 29 سبتمبر 1962 حتى 25 مارس 1964، ويؤكد فى مذكراته «حياتى فى رحاب الأزهر» أن وفاة «عبد الرازق»، تعود فى الأساس إلى حالة الجمود التى كان عليها بعض رجال الأزهر.. يؤكد البهى: «لاقى الشيخ مصطفى عبدالرازق أثناء مشيخته للأزهر«ديسمبر 1945 – فبراير 1947» بعض الصعوبات من المشايخ والطلاب على حد سواء، ومن الأسف أن بعض كبار رجال الإدارة كانوا من بين المحرضين للطلاب ضده، وظهرت صورة رديئة من معارضة الطلاب فى حفلة أقامتها مشيخة الأزهر بمناسبة عيد ميلاد الملك، وخطب فيها الشيخ الأكبر فى الرواق العباسى».
 
يكشف «البهى» وقائع ما جرى يوم 15 فبراير، قائلا إن الشيخ مصطفى عبدالرازق ترأس يوم وفاته اجتماع مجلس الأزهر الأعلى، وكان «البهى» ينتظره فى مكتبه بناء على طلبه لحين الانتهاء من الاجتماع، يضيف البهى: «لما انتهى ودخل المكتب رأيته منفعلا وغاضبا، وقلما كان يغضب، فسألته: أحدث أمر غير عادى فى المجلس؟، فقال: هيا بنا إلى السيارة لأوصلك إلى المنزل فى طريقى، وكنت أنا أسكن فى «العباسية الشرقية» بينما هو يسكن فى «منشية البكرى» بعد ذلك، وأثناء الطريق ذكر لى، أنه كان من بين الموضوعات المعروضة على مجلس الأزهر الأعلى، تعليم اللغة الإنجليزية فى معهد القاهرة على سبيل الإلزام كتجربة يمكن أن يتضح منها فيما بعد، مدى استعداد طلاب الأزهر وهم كبار فى السن لتعلم اللغة الأجنبية، وقال إنه اتفق مع الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول على أن يقبل عددا من المتخرجين من الثانوية الأزهرية كطلبة فى كلية الآداب، وجاءت هذه الفكرة كسبيل إلى إخراج الأزهريين من عزلتهم فى الحياة المصرية وفى الوظائف العامة الحكومية، وتمكينهم من الوظائف المدنية والاختلاط بغيرهم حتى يمكن أن يسود بينهم تفاهم، وبالتالى بين الأزهريين بوجه عام وغيرهم من المدنيين الآخرين».
 
يؤكد «البهى» أن «عبد الرازق» فوجئ فى الاجتماع بمعارضة لفكرته، وينقل ما ذكره له عبد الرازق: «عندما عرض هذا الموضوع الذى أثير فى الجلسة تصدى له الشيخ حسنين مخلوف وكان بحكم وظيفته «مفتى الديار المصرية» عضوا فى المجلس الأعلى للأزهر، وكان تصديه للموضوع يتضمن تحديا للشيخ مصطفى، إذ وصف تقرير «تعلم اللغة الإنجليزية فى الأزهر» بأنه يضعف الدين، وإضعاف الدين– كانت وماتزال –  فى الأزهر هو الحجة فى مواجهة أى تغيير يطرأ على نظام الدراسة أو على الكتب الدراسية أو على المدرسين».. يضيف البهى: «عندما أعلن الشيخ حسنين مخلوف هذا التحدى غضب الشيخ مصطفى وواجهه بأن إضعاف الدين لا يكون أبدا عن طريق أسرة عبد الرازق، ويكفى أن ينظر شخص فى آثار الجمعية الخيرية التى أنشأها الشيخ «عبده» وكفلها النمو والازدهار «محمود باشا عبد الرازق» ليحكم عن صلة أسرة «عبدالرازق» بالإسلام، ومدى عنايتها به».
 
يؤكد «البهى»: «هنا كانت السيارة إلى منزلى فاستأذنت، بعد أن وعدت بالذهاب إليه فى «منشية البكرى» فى السادسة من مساء نفس اليوم، ولكن من الأسف ما إن وصلت إلى منزله حتى علمت بالخبر المؤلم، وهو وفاته أثناء استراحته بعد الغداء على أثر أزمة قلبية حادة».. يعلق البهى: «هكذا كانت وفاته بسبب بعض الشيوخ».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة