إن كان الجميع يحرق القماش لكى يفنيه ويمحو أثره فهناك من يحرقه لكى ينتج منه أعمالاً فنية رائعة لأنه شخص غير عادى يجلس فى مكان بعيد جدًا فى قلب صحراء مصر الشاسعة وتحديدًا فى مدينة موط بالداخلة فى محافظة الوادى الجديد يمسك بمكواة النار يحرق بها قطعة من القماش، وينتج أعمالاً فنية تكاد تنطق من فرص دقتها وروعة حسه الفنى ويتعامل بمنتهى التركيز فيصنع معركة بين مكواة النار والقماش ويكابد بين شقى رحا الحرق والخرق فهو ينشد حرقًا إبداعيًا دون أن يترك خرقا فى قطعة القماش التى يجسد عليها عمله الفنى الإبداعى .
ولأن واحات الوادى الجديد بالعديد من المواهب المتفردة فى كافة مجالات الفن والإبداع، وخاصة الفنون التشكيلية والرسم والنحت والفنون الشعبية والفولكلور وغيرها من المواهب التى تلونت بطابع البيئة الواحاتية بمذاقها الخاص فتجد كل الأعمال الفنية التى تجسد البيئة الواحاتية أينما تعرض فى مكان فتطغى بمفرداتها الفنية ودلالاتها الإبداعية عليه ويستشعر كل من يشاهدها مدى روعة البيئة الواحاتية ويتعايش مع أصالتها ويشعر بالحنين ويتوحد مع العمل الفنى وكأنه يعيش فعليًا داخل هذا المكان الذى يراه فى اللوحة الفنية المعروضة .
ومن أبرز ملامح الفن الواحاتى الإبداعى هو الرسم بكافة أنواعه وهو ليس رسما عاديا بالفرشة والألوان، وإنما ورسم بالرمال الملونة ورسم بالملح الصخرى وأيضًا رسم بالحرق على الخشب والأحدث هو الرسم بالحرق على القماش وهو أحدث ما أنتجه الفنان الواحاتى بالوادى الجديد ليتفرد به عالميًا، حيث إن الرسم بالحرق على القماش قمة فى الصعوبة لأنه يحتاج إلى تركيز من نوع خاص فلا مجال لاحتمالات الخطأ أثناء العمل لإنتاج اللوحة الفنية .
الفنان أحمد السعداوى ابن الداخلة وأبرز المبدعين فى مجال الرسم بالحرق على الخشب والقماش وهو صاحب أول تجربة إبداعية للرسم بالنار على الأقمشة وانتج بها عدة أعمال فنية غاية فى الروعة والإبداع، وهو ما استدعى اللواء محمد الزملوط محافظ الإقليم لزيارته فى مرسمه الواحاتى "حبة فتات من زمن فات" وأهداه الفنان سعداوى بورتريهًا شخصيًا مرسومًا بالحرق على القماش، وكلفه المحافظ بالإشراف على تجهيزات المعرض الفنى الذى أقيم على هامش زيارة وزيرة التضامن الاجتماعى والسفير الإيطالى مؤخرًا، والذى شارك فيه عدد من رموز الفن الواحاتى الأصيل .
يقول الفنان سعداوى فى تصريح خاص لــ"اليوم السابع"، أنه أول شخص يقوم بتجربة الرسم بالحرق على القماش بنجاح وأنهى مؤخرًا رحلة فنية لتوثيق ابتكار فن الرسم بالحرق على القماش فى معرض صالون النسجيات 2 بمكتبة الإسكندرية فى شهر نوفمبر الماضى بعمل فنى يحمل اسم "عروسة البحر"، مؤكدًا أن الرسم بالحرق هو إبداع من نوع خاص لأن الفنان يعتمد على أداة تسخين وحرق وقصعة من الخشب أو القماش والاختلاف هنا فى مستوى الحس الإبداعى للفنان وكيفية تعامله مع القماش بحرقه.
ويضيف سعداوى، أنه جرى تكليفه بالإشراف على بتنظيم معرض فن تشكيلى أثناء زيارة السفير الإيطالى جامباولو كانتينى ووزيرة التضامن الدكتورة نيفين القباج فى زيارتها الأولى للمحافظة لافتتاح العديد من المشروعات، وتم تنفيذ المعرض بحديقة مركز حاضنة المشروعات الصغيرة الذى افتتحه السفير الإيطالى ووزيرة التضامن، وضم المعرض أعمال للفنان أحمد وهبة "الرسم بالرمال" وأعمالى "الرسم بالحرق على الخشب والقماش"، وكل الأعمال تحاكى الطبيعة الصحراوية والتراث الواحاتى، حيث حقق هذا المعرض نجاحا كبيرا، وقدم فيه بروتريهات خاصة للوزيرة والسفير تقديرا لدورهما فى دعم منظومة التنمية بالمحافظة .
وتابع سعداوى، أنه يعشق تراث الواحات القديمة ويتمنى أن تعود الحياة الواحاتية بكافة ملامحها مرة أخرى، بعد أن أوشكت على الاندثار، ولأنه عاشق لها فدائمًا ما يحاول استرجاع تلك الملامح التراثية الأصيلة فى كافة أعماله الفنية التى تتعلق بالواحات، فهو يدرك قيمة تلك الحياة البسيطة المملوءة بالحب والخير والعطاء والتسامح، والتى اندثرت ملامحها مع مزامنة التطور والمدنية الجارفة.
شاهد.. رسام بالنار على القماش والأخشاب.. ويؤكد: أعشق تراث الواحات القديمة
الأحد، 16 فبراير 2020 04:30 ص
الوادى الجديد – ماهر أبو نور
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الموضوعات المتعلقة
محافظ الوادى الجديد يقرر صرف مكافأة 10 آلاف جنيه لعمال نظافة مستشفى الفرافرة
السبت، 15 فبراير 2020 02:09 مجامعة الوادى الجديد تحتفل باليوم الوطنى للبيئة بتشجير المبنى الإدارى للجامعة
الخميس، 13 فبراير 2020 04:29 ممشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة