«إن ما تحتاجه مصر أساسا إنما هو ثورة نفسية، بمعنى ثورة على نفسها أولا، وعلى نفسيتها ثانيا، أى تغيير جذرى فى العقلية، والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أى تغيير حقيقى فى حياتها وكيانها ومصيرها، ثورة فى الشخصية المصرية وعلى الشخصية المصرية.. ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر». (جمال حمدان- شخصية مصر دراسة فى عبقريه المكان).
***
إن عيد الفن بدأ فى عهد الرئيس الراحل «أنور السادات»، والذى أصر عليه
اعترافا منه «بقيمة الفن المصرى وبأثره فى تاريخ البلاد..»، واختار السادات يوم الثامن من أكتوبر عام 1976، ليكون «أول احتفال بعيد الفن»، وخلاله ألقى الرئيس كلمته وفى مقدمة خطابه قال: «يسعدنى كل السعادة أن ألتقى اليوم بكل فنانى وفنانات مصر وكتابها ومفكريها وقادتها على جميع المستويات، فقد جئنا إلى هنا لنحتفل «بعيد الفن»، والاحتفال «بعيد الفن»، هو فى الحقيقة احتفال.. بمصر وبالقيم الانسانية العليا».
ولم يتوقف احتفال الرئيس السادات «بعيد الفن» فقط، وإنما اتخذ قرارات لصالح الفنانين والمفكرين والمثقفين، وكان أولها التزام الأجهزة التابعة لوزارة الإعلام بكفالة حق الأداء العلنى فى مجال الإبداع الفنى والأدبى للمؤلف والمخرج والمؤدى، بحيث يكون لكل منهم الحق فى مقابل مادى عن كل مرة يقدم فيها العمل للجمهور..
والذى أذكر أنه حتى لحظة كتابه تلك السطور فى نهايه العام 2019..
لم ينفذ حتى الآن!!
اللهم إلا للموسيقيين والمطربين فقط، ثم أصدر الرئيس «السادات».. جائزة الجدارة .. وقدرها ألف جنيه لعشرة من الفنانين والكتاب، وذلك بناء على اقتراح من «أكاديمية الفنون»، كما منح شهادات تقدير لعدد من
الفنانين والكتاب.
كما أضاف الرئيس «السادات» بندا اجتماعيا هاما- لا أعرف مدى جدواه فى تاريخنا الحاضر حقيقة..
وهو التأمين الشامل على الفنانين والفنانات وأهل الفكر والكتاب..
كما أوصى الرئيس أيضا، لدى مجلس الشعب آنذاك، بعدم إحالة الفنان إلى المعاش، مادام قادرا على العطاء.. وهو القرار الذى لا أعرف أيضا مدى فاعليته حتى الآن، وأخيرا اتخاذ الرئيس القرار بتطبيق القانون رقم ٦٤ لسنة ١٩٦٤، الخاص بالإعفاء الضريبى للفنانين بنسبة ٢٥% من صافى إيراداتهم!! والذى أعلم اليوم جيدا أننا يتم دفع ما يزيد على 32 % من ضرائب الفنانين والقيمة المضافة للدولة، هذا غير النقابات وتكافل وكرامة وأشياء أخرى!
ولن ينسى التاريخ التخفيضات «المجحفة بل والمهينة» للغالبيه العظمى للفنيين والفنانين، والتى حدثت بغير علم أو دراسة لآليات السوق من عرض وطلب!
***
بعد ثورة يناير.. طرحت الفكرة لعودة «عيد الفن».. بعد 33 عاما من التوقف، والذى استمر الاحتفال به حتى عام 1980 وتوقف بعدها فى عهد الرئيس حسنى مبارك!!
وبعد طرح الفكرة، تجاهل الرئيس المعزول «محمد مرسى» الاقتراح تماما.. إلى أن اندلعت ثورة «يونيو»، فكان للتاريخ أن يذكر.. بأنه قام الفنان «هانى مهنا»رئيس اتحاد النقابات الفنية وقتها باتصالاته لإعادة الاحتفال بالعيد من جديد..
وهى الفكرة التى لاقت قبولا من مؤسسة الرئاسة وقتها.. ويقام الاحتفال مرة أخرى من جديد.
وفى عام 2014 وبحضور الرئيس المحترم «عدلى منصور»، وبحضور الرئيس الوطنى «عبدالفتاح السيسى» والذى كان وقتها وزيرا للدفاع.. تم فى هذا اليوم المبهج والسعيد تكريم أعلام مضيئة ومتلالئة فى تاريخنا الفنى والثقافى.. «ماجدة الصباحى» و«مريم فخرالدين» و«نجاة الصغيرة» و«مديحة يسرى» و«سميحة أيوب» و«فاتن حمامة» و«شادية» و«نادية لطفى»، ولم يكتف الاحتفال بتكريم من كانوا على قيد الحياه فقط،
بل شهد الاحتفال تكريم أسماء لعلامات، هى الأعظم، لفنانين راحلين من بينهم الموسيقار والمطرب «محمد فوزى» والمخرج السينمائى«عزالدين ذو الفقار»، والممثل «رشدى أباظة»، والسيناريست «عبدالحى أديب»، والمغنى النوبى «أحمد منيب»، وليصبح 13 مارس من كل عام عيدا للفن المصرى
مرة أخرى، بل عيدا لتعود فيه «الروح» للجسد المصرى من جديد..
وكرامة الفنان والمثقف والمفكر.
وللتاريخ .. فقد استبدل الرئيس «حسنى مبارك» باسم «عيد الفن»، ما يسمى بجوائز «الدولة التشجيعية والتقديرية» فى مجالات الفنون والثقافة.
***
إن تحديد الـ13مارس من كل عام للاحتفال «بعيد الفن» جاء ليتزامن مع ذكرى ميلاد الموسيقار الراحل «محمد عبد الوهاب» الذى لقب بموسيقار الأجيال.. هذا وقد وجه الرئيس «عدلى منصور» خطابا وقتها
هو فى نظرى.. الأروع فى أهميه ومعنى الفن والثقافة، خاصة حينما تأتى هذه التعريفات من رئيس الدولة.
واسمحوا لى أن أنشر جزءا منها.. وأعود بعدها للتعليق..
***
الرئيس عدلى منصور:
الســيدات والســادة
......... فنانى ومبدعى مصـر..
نلتقى اليوم معا لنجدد تقليداً حميداً توقف منذ ما يزيد على ثلاثة عقود
فنحتفل اليوم معا بعيد الفن.. ذكرى القيم الإنسانية النبيلة..
ومعانى السمو بالروح.. والارتقاء بالوجدان..
ذكرى تثمين الجمال..
وتجديد الاعتراف بفضل الفنانين والمبدعين من أبناء الشعب المصرى العظيم.. نُحـْيِى اليوم هذا التقليد لنساهم فى إعادة الطبيعة السمحة لوطننا..
واسترداد صورته البهية.. التى طالما ألفناها فى عقود مضت.. مثلت فيها مصر مركز إشعاع فنى فى العالم العربى.. بل والمنطقة بأسرها..
حيث أسهم
نتاج فنانيها ومبدعيها فى نشر ثقافتها ولهجتها فى ربوع وطننا العربى..
وكان أدبها منهلاً ثقافياً يرتقى بالذوق العام..
فى حين مثل مسرحها وفنها السابع ريادة فن التمثيل ومصدر إلهام ونبوغ لمحيطها الإقليمى.
لقد وقع اختيار اتحاد نقابات المهن الفنية على يوم الثالث عشر من مارس
من كل عام، ليكون يوما للاحتفال بعيد الفن..
وهو اليوم الذى يتوافق مع ذكرى ميلاد موسيقار الأجيال..
العبقرى محمد عبد الوهاب- رحمه الله..
الذى طالما أطربت موسيقاه آذاننا..
وأضحى صوته العذب وألحانه الرائعة جزءا عزيزا من تراث مصر فى الطرب والموسيقى، بل وتراثنا العربى أيضا..
وفى هذا المقام لا يسعنى إلا أن أقتبس مقولته: «التراث هو الأصل.. والمعاصرة هى الواقع.. ومن أجل أن نقدم فناً كاملاً لا يمكننا أن نتخلص من أصلنا، ولا يمكن أيضاً أن نتجاهل معاصرتنا للواقع».
تحيةَ تقديرٍ وإعزاز لروح هذا المبدع العظيم..
الذى ستظل مصر و«الوطن الأكبر» يذكرانه دائما.
***
ومن الجدير بالذكر وللتاريخ فقط
لم يتم الاحتفال مرة أخرى بعد هذا الخطاب «بعيد الفن»!
حتى كتابة تلك السطور
فى نهاية 2019!
***
وهنا أحاول بكل حب
أن أنبه الإدارة الحالية، والتى أعلم عن صدق مدى صراعاتها وتحدياتها الجسام..
والتى تقف فى وجهها بقوة ووطنية لا مثيل لها..
سيذكرها التاريخ بحروف من نور
وأسألها..
عندما يفتح التاريخ كتابه بصدد «عيد الفن»
ويسألها التاريخ:
لماذا توقف «عيد الفن»؟
ماذا سيكون الجواب... الذى نجهل سره جميعا حتى الآن؟!
هذا أولا
كيف تريد الإدارة الحالية.. أن يذكرها هذا التاريخ؟
هذا ثانيا..
و.. ثالثا
هل شاهدنا عبر التاريخ القديم والحديث
حضارة تبنى عقولها
بدون
ثقافه وفنون؟!
وأخيرا أتساءل:
هل يمكن للإداره التى أنقذت مصر وبل الوطن العربى
من براثن الإسلام السياسى الإرهابى..
أن توصم بمثل هذا الخطأ الفادح ويقال عليها إنها ضد الفن!؟
هذه الإدارة الوطنية
الحثيثة بالفعل على كرامة الإنسان المصرى البسيط
والتى اثبتت يوما بعد يوم لنفسها وللعالم
فى أن تصنع ما عجزت عنه أعتى الدول
لكرامة الإنسان البسيط
من إنهاء للعشوائيات وتكافل وكرامة وعلاج لفيروس سى..
وغيره من أمور لا عدد لها..
أسالها..
بكل وطنيه وحب:
أين كرامة «عقل الإنسان المصرى»..
كرامة الفنان
والمثقف والمفكر المصرى؟!
وأخيرا حتى أكون محقا..
أنا على علم بأن هناك الكثير يتم تحضيره بل وبناؤه بالفعل
من أجل ذلك..
مثل أكبر مدينتين للثقافة والفنون فى العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة.
ولكن ياسادة
الأمر جلل..
وأصبح شديد الصعوبة بما هو كان!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة