فى تحدٍ جديد يضاف على كاهل الدولة اللبنانية، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد أند بورز"، في بيان لها خفض تصنيف لبنان من "سي سي سي" إلى "سي سي" مع نظرة مستقبلة سلبية، وسط تحذيرات من الوصول للأسوأ، حيث أشارت الوكالة إلى أنها قد تخفض التصنيف إلى "تخلف انتقائى عن السداد" في حال "أعطت الحكومة إشارة أنها ستقدم عرضا لتبديل سندات الدين المستحقة أو تخلفت عن تسديد الدفعة المقبلة من الفوائد أو أصل الدين. وجاء في بيان "ستاندرد أند بورز" أن الوكالة قررت خفض التصنيف الائتماني لأنها تعتبر أن إعادة هيكلة دين الحكومة اللبنانية أو تخلّفها عن سداده بات أمرا شبه مؤكد، بغض النظر عن موعد التخلّف، مشيرة إلى حدة الضغوط المالية والخارجية والسياسية.
يأتي هذا في ظل وجود دين عام للدولة يعد من الأكبر في العالم، كما زاد من أزمته شح السيولة وفرض المصارف قيودا على عمليات السحب بالدولار.
ديون مستحقة!
اقتراب استحقاق سندات "يوروبوند" بقيمة 1.2 مليار دولار يثير جدلاً في لبنان وسط انقسام حول ضرورة تسديده في موعده في التاسع من مارس المقبل أو التخلف عن السداد. تملك المصارف اللبنانية 50 بالمئة من سندات الـ"يوروبوند" مقابل 11 بالمئة لمصرف لبنان و39 بالمئة لمستثمرين أجانب، وفق تقرير في نوفمبر لـ"بنك أوف أميركا ميريل لينش".
تحديات كبيرة
لم تكد تمر أيام على تصريحات كبير مسؤولي البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أكد أن السياسيين في لبنان يحتاجون إلى التوقف والإنصات، متابعا: لا يمكنك الاستمرار في فعل ما كنت تقوم به لسنوات عندما ترى ما هو رد الفعل في الشارع، وعندما ترى ما هي حالة الاقتصاد، ونأمل أن تتمكن الحكومة الجديدة من معالجة القضايا العالقة منذ فترة طويلة. تحسين إمدادات الكهرباء وتحرير قطاع الاتصالات وإصلاح التعليم، كلها أمور ضرورية.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن الصندوق الذي قرر بالفعل إرسال فريق إلى لبنان، سينظر في إمكانية تقديم مساعدات مالية إذا تأكد من جدية النهج الذي تتبعه الحكومة اللبنانية، حيث تتجاوز ديون الحكومة اللبنانية 150% من الناتج المحلي الإجمالي، ولا يزال السياسيون يبحثون ما إذا كان بالإمكان سداد 1.2 مليار دولار مستحقة في التاسع من الشهر المقبل.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات في أكتوبر الماضى، تضاعفت أزمات لبنان وطلبت الحكومة الجديدة برئاسة حسن دياب المساعدة الفنية من صندوق النقد الدولي حول كيفية التعامل مع أعباء الديون.
ويبدو أن الغضب الشعبى من تزايد التحديات دفع شركة طيران الشرق الأوسط في لبنان للتراجع عن قرار اتخذته، يقضي ببيع بطاقات السفر بالدولار حصرا بعد جدل غير مسبوق وغضب شعبي في لبنان، واصفة أن حيث القرار سيحول لبنان إلى سجن كبير، حيث قالت الشركة إنه بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء اللبنانى حسان دياب قررت إدارة شركة طيران الشرق الأوسط إلغاء قرار بيع بطاقات السفر في مكاتب الشركة بالدولار الأميركي حصراً، على أن تُعقد اجتماعات لاحقة لبحث تفاصيل وأسباب هذا القرار توصلاً لإيجاد الآليات والحلول التي من شأنها أن تراعي مصلحة المواطنين وواقع الشركة.
تدهور اقتصادى
تزامن مع اندلاع الانتفاضة اللبنانية في 17 أكتوبر الماضي، حدوث تراجع وتدهور كبيرين في الأوضاع المالية والاقتصادية والنقدية في لبنان، لاسيما في مستوى نقص السيولة بالدولار الأمر الذي أدى إلى وقوع أزمات متعددة ومتفاقمة في قطاعات حيوية وأساسية في البلاد مثل المحروقات والأدوية والمعدات الطبية والقمح، وتراجع حركة الصناعة والاستيراد والتصدير بصورة لافتة.
وأدى تكالب اللبنانيين على القطاع المصرفي لسحب مدخراتهم وودائعهم في البنوك على مدى الشهور الماضية، إلى اهتزاز الثقة في البنوك التي لجأت إلى فرض سياسة تقييد حركة رؤوس الأموال (كابيتال كنترول) وترتب عليها التضييق بصورة كبيرة على عمليات السحب والتحويلات المصرفية إلى الخارج بالدولار الأمريكي.
وسبق أن أعلن مسئولون مصرفيون وبرلمانيون أن الأرقام تُظهر أن اللبنانيين يحتفظون بنحو 6 مليارات دولار في منازلهم، وذلك نتيجة حالة القلق وعدم الثقة التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن وانعكاساتها على العلاقة مع البنوك.