الكى بـ " الرجل " من أقدم المهن الموجودة فى مصر، والتى قاربت على الاندثار، رغم أنها الأداة الأقوى فى الكى، وعلى الرغم من ذلك مازال هناك الكثير يحرصون على كى ملابسهم عند " مكوجى الرجل " حتى الآن، وعلى الرغم من التقدم الكبير الذى شهدته مهنة المكواة حديثًا بعد ظهور الكى بالبخار، والآلات الحديثة التى يستخدمها المكوجى الحديث، فإن أصحاب تلك المهن مازالوا متمسكين بها برغم قلة دخلهم، وأصبحت محال "مكوجى الرجل" مثل العملة النادرة.
وحظيت هذه المهنة باهتمام وإقبال كبير من الرجال والسيدات من مختلف الأعمار والمناصب خلال فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، لذلك كانت مهنة مربحة ، لكن مع مرور الوقت وظهور الثورة الصناعية والتطور التكنولوجى، بدأت تتراجع أهمية مكوجى الرجل، لكن هذا لا يعنى أن هذه الشخصية قد اختفت نهائيا، فما زال لها جمهورها الذى يعشقها ولا يشعر بأناقته سوى بلمسة مكواة الرجل على ملابسه.
التقى "اليوم السابع" خلال جولتة داخل مدينة طنطا بمحافظة الغربية، الأسطى ربيع عبد الله علي هاشم" أقدم مكوجي رجل بالمحافظة يبلغ من العمر 58 سنة ، مكوجي الشيوخ والقراء كما أطلقي عليه الاهالى، والذى استطاع رغم كبر سنة، أن يحافظ على هذه المهنة ويواصل العمل فيها بعدما ورثها هو وأخواته من والده واجدادة، ترك الدراسة فى الأزهر وعمرة 6 سنوات من أجل العمل فى تلك المهنة حتى اتقنها جيدا، ثم توفى شقيقه وترك له هذا المحل بمفرده.
قال ربيع: بدانا العمل في هذه المهنة منذ عام 1906، حيث قام والده بتأجير هذا المحل والبدء فى العمل، وكان يعمل فى هذا المحل عشرات العمل الذين أتقنوا المهنة جيدا من هنا ثم تخرجوا ليفتتحون المحلات الخاصة بهم ويبدوا رحلة حياتهم، موضحا أن عددا كبيرا من الشيوخ والقراء أمثلة الشيخ مصطفى إسماعيل، الشيخ الحصرى والشيخ محمد متولى الشعراوى والشيخ سيد النقشبندى، هذا علاوة على عدد كبير من العمد بجميع مراكز ومدن المحافظة كانوا يقومون بكي ملابسهم فى هذا المحل.
وأضاف عم ربيع أن الترزي الخاص بالرئيس الراحل محمد أنور السادات كان يتعامل معهم خصيصا لكى ملابس الرئيس الراحل وكان دائما ينقل لهم إعجابه الشديد بطريقة الكي الخاص بهم .
وأشار إلى انه لم يترك المهنة بالرغم من ظهور تلك الآلات الحديثة وأن المحل ما زال على طرازة القديم منذ أكثر من 100 عام، موضحا أنه لم يدخل على المهنة أي تجديد، وكل ما قام بتغييره هو الانتقال من استخدام الجاز فى تشغيل الفرن، الذى تسخن فيه المكواة، إلى العمل بأنابيب الغاز الكبيرة.
وأضاف: المكواة مكونة من عنصرين هما الحديد والزهر، هذا بالإضافة إلى قطعة من الخشب تثبت فوق المكواة، لوضع القدم عليها، موضحا إن أي مكواة حديدية يجب تسخينها من 5 إلى 10 دقائق على نار “وابور الجاز” حسب الحجم والوزن قبل أن ترفع ويتم مسحها جيدا بقطعة قماش ثم يبدأ الكى، مشيراً إلى أهمية أن يضع المكوجى قدمه على المكواة في أثناء الكي لمزيد من الثقل والضغط على قطعه القماش، مع انحناء المكوجى فى أثناء الحركة بكل جسمه على ذراع المكواة.
واشار الى ان درجة حرارة المكواة نعرفها بالخبرة دون الاعتماد على أجهزة قياس، فلكل قطعه ملابس ما يناسبها من حرارة ومن طريقة رش ماء حسب نوع القماش، فالصوف يحتاج إلى أن تكون المكواة فى أعلى درجة ممكنة بينما الحرير على العكس.
وأوضح أن المكواة الحديدية تعد آلة نموذجية لا تتعطل وغير مكلفة، وتظل صالحة للعمل عشرات السنين طالما يتم الحفاظ عليها من الصدأ، بينما المكواة الحديثة التي تعتمد على الكهرباء والبخار لها عمر افتراضى، وتستهلك طاقة مما يجعل المكوجى يحمل الزبون ثمن كل هذا من خلال زيادة أسعار الكى.
واشار الى أنه مع مرور الوقت تنخفض كمية الملابس التي يقوم بكيها يوميا، وبشكل تدريجى، وبالرغم من أن أسعاره لا تقارن بالأسعار التي يدفعها الفرد لشراء احتياجاته الخاصة ، فمثلا سعر كي البالطو 20 جنيها، القميص أو البنطلون من 3 إلى 4 جنيهات، أما الجلباب فيحدد سعره وفقا لنوع القماش .
واختتم عم ربيع حديثة قائلا: "لهذا المحل تاريخ كبير فى هذه المهنة التى عرفها المصريون منذ مئات السنين، ولم أتركه يوميا بالرغم من قلة الإقبال عليها، وسأظل أحافظ عليها حتى ألقى الله ويتوارثها ابنائي من بعدى".
أشهر-مكوجي--(4)
أشهر-مكوجي--(7)
أشهر-مكوجي--(8)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة