لا صوت يعلو الآن فوق صوت الفيروس القادم من الصين، كورونا الذى قلب العالم رأسا على عقب، فتسبب فى إغلاق حدود بين الدول وأوقف أغلب رحلات الطيران من أنحاء العالم إلى الصين، ناهيك عن توقعات بالتباطؤ إن لم يكن الركود الاقتصادى العالمى، بينما علقت إيران صلاة الجمعة فى بعد الأماكن وأوقفت السعودية رحلات العمرة والسياحة.
وفى ظل كل هذا لم يكن هناك مانعا من استخدام الفيروس كسلاح سياسى من قبل دول ضد خصومها، فاستغلته الولايات المتحدة لمهاجمة الصين ونظامها السياسى واتهامها بالتعتيم على حالات الإصابة ونشر معلومات قالت بكين إنها غير صحيحة، بل واتهمت السلطات الصينية الولايات المتحدة بالتسبب فى حالة الذعر العالمية التى دفعت دول لإلغاء الطيران مع الصين .
وخلال مؤتمر صحفى له يوم الثلاثاء الما ضى، انتقد وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بكين لما وصفه بالرقابة على وسائل الإعلام والعاملين في مجال الرعاية الصحية. ورأى بومبيو أنه يتوجب على بكين "تقديم معلومات دقيقة لوسائل الإعلام" حول الفيروس، معتبراً أن الصين "لم تكن مستعدة لمواجهة تحدي كورونا".
كما انتقد بومبيو بكين لطردها ثلاثة من مراسلي صحيفة "وول ستريت جورنال" وقال إن حرية الصحافة ضرورية لضمان توافر المعلومات الدقيقة عن الفيروس، للعامة والأطقم الطبية. وقال بومبيو للصين: "طرد صحفيينا يفضح مرة أخرى موقف مشكلة الحكومة التي أدت إلى سارس والآن فيروس كورونا، وهي تحديدا الرقابة، التي قد تكون لها تداعيات قاتلة".
لم تقتصر محاولات وزير الخارجية الأمريكي لتسيس كورونا على هجومه على الصين فقط، فقد اتهم إيران بإخفاء تفاصيل بشأن تفشي الفيروس كورونا، معرباً عن قلقه "من احتمال إخفاء إيران تفاصيل حيوية" بشأن انتشار الوباء. ودعا بومبيو إيران إلى "قول الحقيقة" عن تفشي الفيروس، معتبراً أنه "يجب على جميع الدول، بما فيها إيران، أن تقول الحقيقة حول فيروس كورونا".
من ناحية أخرى، قالت صحيفة "تايمز" البريطانية إن الشعبويين فى أوروبا يستغلون انتشار فيروس كورونا لتعزيز حملتهم المطالبة بإجراءات أكثر صرامة ضد الهجرة وإعادة الحدود إلى داخل الاتحاد الأوروبى.
وأشارت الصحيفة إلى أن قادة اليمين المتطرف من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وأسبانيا يزعمون أن المؤسسة الموالية لأوروبا هى المسئولة عن انتشار المرض الذى يمكن وقفه من خلال حملة منطقية على حرية التجارة والسفر ، واتهم السياسيون التقليديون الشعبويين بالمتاجرة بالخوف من أجل الفوز بالأصوات.
ففى فرنسا، حيث تم تسجيل 17 إصابة بكورونا وتوفى شخصية بسبب الفيروس. زعمت مارى لوبان، زعيم حزب التجمع الوطنى أن حكومة الرئيس ماكرون تكذب بشأن مدى انتشار المرض، وقالت: "عدم قول الحقيقة هو فى الواقع يفاقم الشعور بالخطر بين الشعب". وفى مقابلة إذاعية معها أمس، الأربعاء، نبذت عدم تماسك الاستجابة الفرنسية على انتشار المرض، وطالبت بعودة قيود الحدود بين الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي التى كانت رفعتها، وخاصة فى الحدود مع إيطاليا، حيث أصيب 400 شخص بالفيروس وتوفى 12 آخرين.
وجاءت تصريحاتها فى ظل مخاوف فى فرنسا مع قدوم 3 آلاف من مشجعى يوفنتوس لتشجيع فريقهم فى مباراته بدورى أبطال أوروبا أمام فريق ليون مساء الأربعاء. ودعا السياسيون المحليون لمنع أنصار الفريق، لكن الحكومة رفضت.
وفى إيطاليا ، ألقى ماتيو سالفينى، وزير الداخلية السابق وزعيم حزب الرابطة الشعبوى باللوم على الهجرة فى انتشار كورونا، ودعا إلى جدود مراقبة. وطالب حزب الرابطة بفرض قيود على السفر من الصين والدول غير الأوروبية الأخرى.
وفى ألمانيا، حيث تم تسجيل 19 حالة، عزت أليس فيديل، القيادية فى أحد أحزاب اليمين المتطرف، دخول كورونا البلاد إلى فكرة الحدود المفتوحة. وفى أسبانيا، التى سجلت 12 حالة على الأقل، قال سانتيجو أباسكال، رئيس حركة فوكس الشعبوية، إن الحكومة الاشتراكية كانت حريصة للغاية على إسقاط الحدود ولم تأخذ حتى الحد الأدنى من الإجراءات التى يميلها المنطق السليم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة