أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم الخميس، أن إيطاليا أضحت بحاجة إلى الدعم لكي تتمكن من التصدي إلى فيروس كورونا المستجد؛ لا سيما بعد أن انتشر في عدة مدن إيطالية وأجبر السلطات هناك على إغلاق بعض المدن ومطالبة أكثر من 50 ألف شخص في إقليمي لومبارديا وفينيتو على البقاء في منازلهم.
ورأت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن الخطر الأكبر لا يتمثل في إمكانية عدم السيطرة على احتواء الفيروس من المنظور الطبي؛ فهناك أضرار كبيرة ربما تغيب الآن عن أذهان البعض. فإغلاق المدن يقلل بدوره من الإنفاق المحلي والسياحي في حين أن الحجر الصحي في أماكن أخرى، مثل ألمانيا، خفض الطلب على الصادرات الإيطالية. ومع ذلك، ورغم أن ثقافة الاختباء ربما تترك تداعيات سلبية على الاقتصاد في المدى القصير، لكنها لا تزال حتى الآن أفضل سياسة.
وأضافت الصحيفة: "آخر تحليل أجرته المفوضية الأوروبية على إيطاليا طالبها بإتباع "سياسات مالية حكيمة" وتعزيز طرق الاستثمار لزيادة الإنتاجية. لكنه سيكون من الخطأ التركيز كثيرًا على هذه الأهداف في الوقت الحالي. لاسيما وأن إيطاليا تحتاج إلى مساحة للتعامل مع ما أصبح يمثل تحديًا لكل أوروبا. وإذا كان هذا يعني إحداث عجز أكبر في الميزانية، فليكن ذلك".
وتابعت الصحيفة تقول: "لا توجد أي لحظة مناسبة يمكن لأي دولة أن تستعد من خلالها لاستقبال الفيروس. وبالنسبة لإيطاليا، فإن فيروس كورونا وصلت في وقت حرج للغاية تمر به البلاد. حيث كان ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو يتقلص بالفعل في نهاية عام 2019. فضلا عن أن المحاولات الحتمية لحماية الصحة العامة عبر فرض قيود على الشركات الضعيفة وإغلاقها ربما تخاطر الآن بدفع البلاد إلى الركود الرابع لها منذ أزمة 2008".
وأبرزت: " أن تفشي المرض في المناطق الغنية مثل إقليمي فينيتو ولومبارديا في شمال إيطاليا أصبح هو التهديد الأكبر في العالم الغربي. وللاستجابة إلى ذلك، اتخذت الحكومة الخطوة المعقولة المتمثلة في عزل 11 بلدة بالكامل. وفي ميلانو، وهي العاصمة المالية والتجارية لإيطاليا، تم إغلاق المدارس والمكاتب ومناطق الجذب السياحي. فضلا عن إغلاق منطقة "بازيليكاتا" الجنوبية حدودها أمام القادمين من العديد من المناطق الشمالية " .
ومن المنظور الاقتصادي، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن هذه الاغلاقات والقيود المفروضة على السفر ضربت سلاسل الإمداد التي تشكل لب الاقتصاد الحديث في مقتل. فلسوء الحظ بالنسبة لإيطاليا، تفشى المرض في المناطق الشمالية ذات الإنتاجية العالية والمُدرجة في سلاسل الإمداد الأوروبية، بقدرتها على توفير المكونات الحيوية للمصانع الألمانية؛ حيث كانت الصادرات هي المصدر الوحيد لنمو إيطاليا منذ عام 2008 - والأمر لا يقتصر فقط على المواد الهندسية والأزياء الفاخرة، التي تعاني بالفعل من تراجع الطلب الصيني. فقد تأثرت السياحة هي الأخرى.
وأردفت الصحيفة البريطانية تقول: "محاولات احتواء الفيروس تعد المشكلة المباشرة في الوقت الحالي، لكن هذا لا يمنع أن نسعى لإنقاذ الاقتصادي الإيطالي الذي ربما يطول أمده. ويلقي الكثيرون في إيطاليا باللوم في الركود على عدم وجود بنك مركزي يتمتع بالحكم الذاتي وعملته الخاصة: حيث إن اليورو منع إيطاليا من تخفيض قسمة العملة بنحو ربما يساعد في استعادة القدرة التنافسية".