يبدو أن أغنية "متروحش تبيع المياه في حارة السقايين" جملة لها انعكاس على أرض الواقع، بل علي عالم البيزنس والمال، فمن ظاهر كلمات الأغنية الشهيرة، هي أن لا تذهب بمنتجك إلي مكان هو مصدر هذا المنتج بل ويصدره لدول أخرى بما فيها بلدك، وهذا هو حال بعض المصدرين الذين وجهوا بضائعهم لدول إفريقية رغم أن هذه الدول في مقدمة المنتجين.
وبصورة أكثر وضوحاً، أنك مثلا إذا أردت أن تصدر الزيتون فلا يمكن أن تبيعه فى فلسطين، وإذا رغبت فى الاستيراد إلى مصر فلا تستقبل البرتقال فنحن ثاني أكبر مصدر له فى العالم، وهكذا تجرى الأمور، وفى تجربتي خلال زيارة إلي أوغندا تستمر أسبوع، رصدت عدد من التجارب غير الناجحة للمصدرين للمصريين، عقب إرسالهم منتجات غير مقبولة لدى السوق الافريقى، وكذلك منتجات أو محاصيل تكون الدول الأفريقية متفردة فى إنتاجها أو زراعتها.
حسام زغلول أحد المصدرين المصريين، ويقيم في كامبالا، روى كواليس دخول 3 شاحنات مصرية من منتج الفول بالصلصة، وهنا في كامبالا في أوغندا لا يتناول المستهلك الفول بقيمة مضافة عليه، قائلا: "هنا مش بياكلوا الفول زينا يعني بالطحينة والصلصلة وغيره، بيأكلوه بصورته الأولية، وحالياً الثلاث حاويات لا نعرف كيف نصرفهم في هذا السوق".
وتابع حسام زغلول: "حاليا بنبيع الفول المدمس بالصلصة بأقل من تكلفة سعر استيراده، والحاوية فيها 20 طن بعدد 3600 كرتونة للحاويات الثلاثة، وهنا الفول في اوغندا يتم استعماله واستهلاكه سادة دون أي إضافات، فلو كان استورده سادة لتم بيعه بسهوله، وهناك دول كان يمكن أن تنجح فيها تجربة تصدير الفول لها بالإضافات وهي السودان وإريتريا والصومال وإثيوبيا لأنها شعوب تقبل الفول بكافة صورة".
وبسؤاله عن أن حجم إنتاج مصر من الفول قليل جدا، قال، إن محصول الفول المصرى هو الأفضل بل الأغلى لكن مؤخراً تعرض المحصول إلي الإصابة بالهالوك، وهو ما رفع الاستيراد مقابل الإنتاج المحلي، ولدينا في مصر مصانع تنتج فول مصنع بجودة عالمية عليه طلب كبير في بعض الدول، لكن ليس في اوغندا.
وعلى جانب آخر يرى المصدر المصرى قصه منتج آخر ضل طريقه بالسوق الافريقي قائلا: "البلح هنا بيدخل بشكل لم يقبله السوق المحلى، وخلال شهر رمضان البعض يستورد البلح للسوق لكن لا يعرف كيف يصرفه، ولابد للمورد أن يعرف طريقه بيع المنتج، فدخول البلح في "شكاير" جعله غير مطلوب، فالسوق هنا يحتاج البلح في عبوات صغيرة وزن كيلو، ودخوله بهذا الشكل يقلل من تنافسيته، حتي إن الكميات التي تدخل في رمضان إلي أوغندا المصريين هم من يستهلكونها".
وزي الأغنية ما بتقول" متروحش تبيع المياه في حارة السقايين"، وهو ما تؤكده لنا القصة الثالثة، حيث يقول حسام زغلول الذى يعيش ويصدر لأفريقيا لأكثر من 7 سنوات، " حصل مشكلة تانية أن أحد المصدرين استورد فاصوليا حمراء وبيضاء من مصر إلي السوق الأوغندى، رغم أن فاصوليا اوغندا هى الأفضل في القارة السمراء، ونحن في مصر نستورد منهم، فالفاصوليا هنا طبيعية" أورجانك" وطازجة بشكل يومى، وهنا لم يعرف أين يبيعها".
ويواصل حديثه: " وفي فترة ما أدخل مصدر مصرى 16 حاوية عصير بقطع الفواكهة علبة زنة 240 مل وصل سعرها 3600 شلن أوغندي، وهنا عبوة العصير الطبيعي 500 مل بسعر 2000 أو 2500 شلن فقط، وهذا الشخص تعرض لخسائر كبيرة، حتي أنه يبيع البضاعة بأقل من سعر تكلفة النقل، لأن العصير اقترب من الدخول" اكسبير" ليصبح منتج غير قابل للتداول.
وكشف زغلول، أنه تم استيراد 8 حاويات زيتون مصرى، وهنا فى أوغندا المستهلك لا يعرف الزيتون نفسه كمنتج، لا يعرف المصرى ولا زيتون أي دولة أخرى، وحالياً بيجرى توزيع عينات بالمجان على المحال لنتمكن من بيعهم".
واختتم حديثه، أنه تم استيراد صلصلة طماطم في بطرمانات زجاج، ورغم أنه منتج مطلوب في هذا السوق، إلا أن تجار التجزئة رفضوا استلامها بسبب تخوفهم من كسر الزجاجة، لأن تحطم واحدة سيؤدى إلي خسائر للتجار، والمطلوب هنا في السوق الأوغندى صلصلة معبأة فى علب كارتون".
وتابع زغلول، أن بعض المصدرين سعروا منتجات هنا علي أساس سعر المولات التجارية الكبرى، وبعد دخولهم للسوق تفاجأ بالسعر الحقيقى للمستهلك "وينصح المصدرين بقوله" لا تستقى معلومات من على الانترنت عليك النزول إلى السوق ودراسته ومعرفته احتياجه وتكاليفه، وكذلك المنافسة وغيرها من العوامل حتى لا تتعرض للخسائر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة