فقد 210 أشخاص حياتهم فى أمريكا اللاتينية خلال عام 2019 بسبب الاحتجاجات وقمع المتظاهرين التى انتشرت فى جميع أنحاء القارة والتى أظهر فيها الأمريكيون اللاتينيون تعبهم من الفساد والعنف وعدم المساواة والتخلف الديمقراطى والإفلات من العقاب الذى يطغى عليهم.
ونشرت صحيفة "لا برينسا" الكولومبية تقريرا قالت فيه إن عدد القتلى فى أمريكا اللاتينية جاء نتيجة الاستخدام المفرط للقوة الذى استخدمته حكومات أمريكا اللاتينية فى محاولة لإسكات مطالب تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأشار التقرير إلى أن السلطات فى أمريكا اللاتينية لجأت إلى العنف خلال المظاهرات، بدلا من إنشاء أليات لتعزيز الحوار ومعالجة شواغل المواطنين.
وتم تسجيل معظم القتلى فى هايتى، الدولة الكاريبية التى تعتبر فى أزمة مستمرة، ويجمع تقرير منظمة العفو الدولية بيانات من الأمم المتحدة تُظهر مقتل 84 شخصًا فى سياق المظاهرات ، 19 منهم على أيدى قوات الأمن.
وفى العام الماضى ، اندلعت احتجاجات ضد حكومة الرئيس جوفينيل مويس ، والتى استهدفت الفساد، ولقد أظهر سكان هايتى تعبهم من عجز رئيسهم عن معالجة الأزمة الاقتصادية القوية ، وخلق فرص عمل وظروف معيشية أفضل.
وتأتى فى المركز الثانى، فنزويلا، حيث توفى 47 شخصًا على الأقل فى إطار الاحتجاجات ضد نظام نيكولاس مادورو ، وجميعهم من جروح ناجمة عن أعيرة نارية، ويذكر التقرير أيضًا أن 39 شخصًا آخرين فقدوا أرواحهم على أيدى أفراد قوات الدولة أو أطراف ثالثة تتصرف بموافقتهم ، وهى جماعات الصدام المعروفة باسم "المجموعات الجماعية" ، والتى تستخدم فى القمع، وقتل 11 شخصاً آخرين ماتوا يُزعم أنهم أُعدموا خارج نطاق القضاء.
وأوضحت إريكا جيفارا روساس ، مديرة منظمة العفو للأمريكتين ، فى مقابلة مع صحيفة "الباييس" الإسبانية، أن نيكاراجوا وفنزويلا لا يزالا بؤرًا ساخنة للعنف الدولة ضد أولئك الذين يظهرون رفضهم لأنظمة ماناجوا وكاراكاس.
وحول الاعتداءات على الصحفيين، يُظهر تقرير منظمة العفو الدولية أنه خلال عام 2019 ، كانت هناك 208 عمليات قتل لنشطاء وصحفيين ، وكولومبيا هى أخطر بلد ، حيث وقعت 106 جريمة قتل، بينما كانت المكسيك أكثر دول العالم فتكاً للصحفيين ، حيث قتل 10 صحفيين على الأقل العام الماضى.
وتعتبر أمريكا اللاتينية واحدة من المناطق التي تضم أكبر الإمكانيات الاقتصادية بالعالم، ولكن هذه المقومات الاقتصادية والبشرية والبيئية والثقافية، غزتها آفات الفساد وعدم المساواة، فأمريكا اللاتينية ما زالت أكبر منطقة فى العالم تعانى من عدم المساواة الاجتماعية، وخطواتها لتصحيح هذه المأساة الحقيقية خلال السنوات الأخيرة شحيحة وبطيئة للغاية، وفى بعض الدول مثل فنزويلا تتراجع بل وتهدم ما أحرزت من تقدم، مشيرا إلى أن الاحتجاجات في أمريكا اللاتينية ما هى إلا تعبير الشعوب عن إحباطهم من انتشار الفساد فى القارة اللاتينية.
وأصدرت منظمة الشفافية الدولية (IT) تقريرا أكدت فيه أن فنزويلا ونيكاراجوا أكثر الدول فسادا فى أمريكا اللاتينية، بينما تحتل باراجواى المركز الخامس، حسبما قالت صحيفة "اوى" الإسبانية.
وتتخلف أمريكا اللاتينية عن المناطق الأخرى فى مؤشرات مختلفة من القارات الأخرى، فعلى سبيل المثال، في مكافحة الفساد، كانت قضية شركة "اوبرشيت" الكبرى أبرز مظاهر فساد رؤساء القارة اللاتينية في الفترات الأخيرة، كما كانت هناك شكوك حول إساءة المعاملة من قبل بعض القضاة والمدعين العامين، ويرى الخبراء أن الفساد يزداد سوءا في القارة.
وأشار التقرير إلى أن فنزويلا ونيكاراجوا في مقدمة الدول الأكثر فسادا مع 173 نقطة، و161 نقطة، ويأتي بعدهم البرازيل 35 نقطة، والسلفادور 34، وبوليفيا 31، والمكسيك 29 وجمهورية الدومينيكان وباراجواي 28، وجواتيمالا وهندوراس 26.
وأوضح التقرير أن هناك الكثير من العوامل المشتركة التي تبرز الفساد، ومنها الانتهاكات الكبرى لحقوق الإنسان وقمع المعارضة والخدمات العامة الضعيفة والإجراءات الحكومية التي تحدث دون استشارة المواطنين.
واختتم التقرير بأهمية التصدي للفساد، من خلال تعزيز الضوابط بين مختلف سلطات الدولة، وحماية العمليات الانتخابية لضمان الشفافية، والحد من التأثير الاقتصادي في السياسة، وتشجيع المجتمع بأسره على المساهمة في عملية صنع القرار.