وأضاف د. سعيد حامد مبروك أن علو الهمة دأب المجتهدين، وخلق سام من أخلاق المحسنين ، فأصحاب الهمم العالية لا ينظرون إلى سفاسف الأمور ولا وضيعها، وإنما نظرتهم سامقة إلى معالي الأمور، قال تعالى عن سيدنا الخليل إبراهيم (عليه السلام ) : ” إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً…” ، وقال (عز وجل) عن تمام همته ، وقوة إرادته (عليه السلام) في تنفيذ تكاليف ربه: ” وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ….”، وتوالت أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) لغرس الهمة العالية في نفوس صحابته الكرام، من خلال إخبارهم بحب الله تعالى لأصحاب الهمم العالية حيث يقول (صلى الله عليه وسلم ) :” إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا”، أو من خلال بيان ثواب الخير ، وثواب فاعله ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : ” مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ نُودِيَ في الجَنَّةِ : يا عَبْدَ اللهِ ، هذا خَيْرٌ ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلاةِ ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهادِ ، دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيامِ ، دُعِيَ مِن بابِ الرَّيّانِ قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (رضي الله عنه ) : يا رَسولَ اللهِ ما علَى أحَدٍ يُدْعَى مِن تِلكَ الأبْوابِ مِن ضَرُورَةٍ ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوابِ كُلِّها ؟ قالَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم ) : نَعَمْ ، وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ”، أو من خلال تحفيزهم بالسؤال عمن فعل كذا وكذا.
واوضح الشيخ أحمد عصام فرحات أن صلاح الإنسان فى دنياه وأخراه راجع إلى علو همته وقوتها، فعالى الهمة لا يرضى من كل شيء إلا أحسنه، ولا من كل أمر إلا أجله وأعظمه، وقدر الرجل على قدر همته، فمن كان عالي الهمة كان عالي القدر، قال تعالى لسيدنا يحيى ( عليه السلام) :” يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ” أي ادخل باب العلم بقوة، ادخل مصنعك ومدرستك ومعهدك وجامعتك وعبادتك وأنت ممتلئ قوة وجد ونشاط وهمة ، مبينًا أن صاحب الهمة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة، وتكون أوقاته مثمرة ، قال الإمام ابن عقيل الحنبلي: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمرى حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لى ما أسطره) “، فينبغي أن نكون أصحاب همة عالية حتى يحيى الله بنا أمة أو دولة أو مؤسسة أو بلدة أو مشروعًا ، وليسأل كل منا ماذا قدم لدينه وبلده ومؤسسته ومجتمعه؟.