تمر اليوم الثلاثاء 4 فبراير ذكرى رحيل الشيخ راغب مصطفى غلوش، أصغر قارئ للقرآن الكريم بالإذاعة المصرية، حيث التحق بالإذاعة وهو فى سن العشرين من عمره أثناء تأديته الخدمة العسكرية عام 1962.
الشيخ راغب مصطفى غلوش
ولد راغب مصطفى غلوش فى قرية برما التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية فى 5 يوليو عام 1938، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يكمل العاشرة من العمر، وهو فى عمر الرابعة عشر ذاع صيته فى القرى المجاورة لبلدته كأصغر قارئ قرآن كريم.
كان الشيخ راغب مصطفى غلوش شديد الطموح، حتى أنه لم يعبأ بما كان يقال عن منافسته كقارئ صغير لم يتعد بعد الخامسة عشر من عمره لكبار القراء فى ذلك الوقت، فأخذ يبحث عن ترسيخ نفسه فى دولة التلاوة.
الشيخ راغب مصطفى غلوش
وعن إحدى المرات التى جمعت الشيخ راغب مصطفى غلوش بالشيخ مصطفى اسماعيل يقول غلوش:"وفقت لأن أجعل من وجود الشيخ مصطفى إسماعيل بمنطقتنا دافعاً ومثلاً أعلى فحاولت تقليده واتجهت إلى مدينة طنطا باحثاً عن عالم قراءات فوجهني أحد المعارف إلى رجل بالمعهد الأحمدي اسمه المرحوم الشيخ: إبراهيم الطبليهي الذي علمني التجويد والأحكام السليمة وقرأت عليه قراءة ورش وأهلني لأن أكون قارئا للقرآن كل يوم بالمسجد الأحمدي، وخاصة بين أذان العصر والإقامة فالتف الكثيرون من حولي وبفضل الله دخلت قلوب الكثير من الناس، ودعيت للسهر بمعظم قرى محافظة الغربية وعرفت بالمحافظات المجاورة مما جعلني أثق بنفسي تمام الثقة بالجهد والعرق والصبر والحرص الشديد على القرآن وتلاوته بتقوي وإلتزام".
التحق الشيخ الشاب راغب مصطفى غلوش بالخدمة العسكرية عام 1958 وكان عمره يقترب من العشرين، ويقول هو عن هذه الفترة:"نظراً لالتحاقى بقوات الأمن المركزي بالدراسة كنت أتردد دائماً على مسجد الإمام الحسين عنه لأصلي وأتطلع لأن أقرأ ولو آية واحدة بأكبر مساجد مصر والقاهرة وأشهرها وكنت حريصاً على تقديم نفسي للمسؤولين عن المسجد حتى تتاح لي الفرصة لأقرأ عشراً أو أرفع الأذان في هذا المسجد الكبير فتعرفت على شيخ المسجد المرحوم الشيخ حلمي عرفه وقرأت أمامه ما تيسر من القرآن فأعجب بي جداً .. وذات يوم أفصحت له عما أتمناه وطلبت منه أن يسمح لي بالأذان وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة، فقال لي: يا راغب إذا تأخر الشيخ طه الفشني فسيكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ العشر".
الشيخ راغب مصطفى غلوش
ويضيف:"فدعوت الله من كل قلبي أن يتأخر الشيخ طه الفشني وكأن أبواب السماء كلها كانت مفتحة فاستجاب الله لي وتأخر الشيخ طه الفشني واقترب موعد الأذان فقال لي الشيخ حلمي جهز نفسك واستعد، وقال لملاحظ المسجد خذ راغب علشان يؤذن فأخذني وأوقفني بجوار الشيخ محمد الغزالي حتى انتهى من إلقاء الدرس بحلول موعد أذان العصر. كان وقتها الشيخ مصطفى إسماعيل يضيف عبارة في آخر الأذان ويقول: "الصلاة والسلام عليك يا نبي الرحمة يا ناشر الهدى يا سيدي يا رسول الله" فكنت أؤذن كما لو أن الشيخ مصطفى هو الذي يؤذن، كل ذلك وأنا مرتدي الزي العسكري الذي لفت أنظار الناس إليّ، وكان هذا في رمضان والصوت في الصيام يكون رخيما وناعماَ وجميلاً عذباً، وقرأت العشر وبدأت بسورة الحاقة فانقلب جو المسجد إلى ما يشبه سرادقاً في ميدان واندمجت في التلاوة بتشجيع الناس لي والله يفتح عليك ويبارك فيك تاني الآية دي وقرأت آيات أكثر من مرة بناء على طلب الموجودين بالمسجد ووصل وقت التلاوة إلى أكثر من نصف ساعة، وعدت إلى المعسكر وفرحتي لا توصف وزادت ثقتي بنفسي مما جعل القائد يسلمني مسجد المعسكر كمسؤول عنه طوال مدة خدمتي .. وللحق كان القائد يسمح لي بالخروج في أي وقت فكنت أتردد كثيراً على مسجد الإمام الحسين واشتهرت به وفرحت بذلك تماماً لأنني أقرأ بمسجد يقرأ السورة به المرحوم الشيخ محمود خليل الحصري ويؤذن به المرحوم الشيخ طه الفشني ويلقي الدرس به والخطبة المرحوم العالم الجليل الشيخ محمد الغزالي إنه لشرف عظيم يتمناه كل من هو في سني وكل من هو حافظ للقرآن".
الشيخ راغب مصطفى غلوش
ويتابع الشيخ راغب مصطفى غلوش:"كان من بين رواد المسجد الحسيني محمد أمين حماد مدير الإذاعة المصرية آنذاك فقال له الحاضرون يا أستاذ اعط راغب كارت حتى يتمكن من دخول الإذاعة لتقديم طلب الالتحاق كقارئ بالإذاعة وفعلاً أعطانى الكارت وقال تقابلني غداً بمكتبي بمبنى الإذاعة بالشريفين، ذهبت إلى مسجد الإمام الحسين فوجدت الشيخ حلمي عرفة وبصحبته اللواء صلاح الألفي واللواء محمد الشمّاع ووافق الثلاثة على الذهاب معي لمقابلة مدير الإذاعة الذي أحسن استقبالي بصحبتهم وكتبت الطلب وبه عنواني بالبلد وجاءني خطاب به موعد الاختبار كقارىء بالإذاعة المصرية وذلك قبل خروجي من الخدمة بشهر. وحسب الموعد ذهبت إلى الإذاعة ليتم اختباري أمام اللجنة ووجدت هناك حوالي 160 قارئاً فقالوا لي: أنت ضمن الحرس؟ لأنني كنت مرتدياً الزي العسكري – فقلت أنا زميل لكم وعندى امتحان مثلكم فتعجبوا وقال بعضهم ندعوا الله لك، وبعد الاختبار بعشرين يوماً جاءني خطاب من الإذاعة بما حدث أثناء اختباري كقارئ بالإذاعة فأخذت الخطاب، واطلعت على النتيجة فوجت أنني ضمن السبعة الناجحين من 160 قارئاً ولنا تصفية للاختبار في الصوت"
ويضيف الشيخ راغب مصطفى غلوش:"حصلت على شهادة إنهاء الخدمة وذهبت إلى بلدتى فوجدت ما لم أتوقع قابلني أهل القرية مقابلة غريبة عليَّ، الفرحة والسعادة تعمرهم ويقولون لي ألف مبروك يا راغب واحتضنوني وكادوا يحملونني على أعناقهم كل هذا وأنا غير مصدق لما يحدث فقلت لهم: هو انتم عمركم ما شفتم عسكري خرج من الخدمة إلا أنا إيه الحكاية ؟ فقالوا هو أنت ما سمعتش الخبر السعيد؟ فقلت لهم: وما هو الخبر السعيد ؟ قالوا: صورتك واسمك في كل الجرايد بالخط العريض "شاويش ومقرئ"، وكأنه كان مكافأة إنهاء خدمتي الوطنية عام 1962م، لأكون أصغر قارئ بالإذاعة في عصرها الذهبي وذلك عام 1962م.
الشيخ راغب مصطفى غلوش
سافر غلوش إلى معظم دول العالم ومنها إيران، كل شهر رمضان على مدار 30 عاما متتالية، وأنه قام بتأدية الآذان الشيعي بإيران، كما وجهت إليه الدعوات من دول عربية لإحياء المناسبات الرسمية وخاصة في الكويت والإمارات والسعودية.
توفى الشيخ راغب مصطفى غلوش فى مثل هذا اليوم 4 فبراير 2016 بعد مرض نقل إثره إلى أحد المستشفيات عن عمر يناهز 77 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة