من متابعة تعامل الدولة والجهات الصحية مع أزمة كورونا، يمكن القول إن التحرك فيما يتعلق بالشؤون الوقائية سواء هذه المرة أو المرات السابقة نجح بدرجة كبيرة فى مهمة الوقاية، والسيطرة. مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك حالة من الإفزاع تجتاح العالم، وأخبارا وتقارير متضاربة عن سبب المرض أو طريقة انتشاره أو مصادر ظهوره، ولعبت «السوشيال ميديا» وماتزال دورا فى تضخيم الحدث، وتبالغ فى نشر صور وفيديوهات وتقارير لا مصدر موثوق لها، وتساهم فى مضاعفة الرعب. ويجد فيها البعض مجالا لاستعراض معلوماته التى لا يعرفها أساسا. وحتى عندما تحركت الدولة والجهات الصحية للتعامل بشكل احترافى مع كورونا، فقد استمرت عمليات نشر لأخبار مضللة عن إصابات، ثبت خطأها.
ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعى، بعشرات التقارير والقصص، أغلبها لا أساس له خبريا أو معلوماتيا، هناك تقارير نسبت إلى مراكز بحث عن تلاعب جينى، منها اتهام لأمريكا بالوقوف وراء إنتاج الفيروس للإضرار بالصين، بينما تقارير أخرى تشير إلى أن الفيروس نتاج تجارب صينية.وأيضا انتشرت تقارير عن أطعمة صينية وحيوانات كانت وراء ظهور الفيروس. وهى تقارير تبدو مصنوعة تتناول أسواقا صينية تباع فيها حيوانات وحشرات للأكل. ولا تختلف عن مثيلاتها من تقارير الحروب الجرثومية، لا أساس لها فى أى مصدر صحفى موثوق، ومع هذا فإنها تجد طريقها إلى النشر على مواقع التواصل، ويتناولها خبراء كورونا، الذين لا يختلفون عن خبراء النووى والطب والسدود والحوادث. هذه التقارير المصورة والفيديوهات، والأبحاث المزعومة عن أبحاث جرثومية، كلها تمثل جزءا من ضجة تضاعف من الرعب. ووسط كل هذا فقد كانت تحركات الدولة فى مصر للتعامل مع أزمة فيروس كورونا، سريعة ومحترفة سواء فيما يتعلق بالمصريين فى الصين ممن رغبوا فى العودة، أو الإجراءات المتبعة فى المطارات والموانئ.
صدرت تعليمات رئاسية بإعادة المواطنين المصريين الراغبين فى العودة من ووهان وأى مدينة صينية. وتم إرسال طائرة مجهزة بطاقم يضم 5 أطباء وممرضتين. تحمل 302 راكب هبطت فى مطار العلمين بمحافظة مرسى مطروح، ثم تم نقلهم بأتوبيسات إلى مقر الإقامة الدائمة فى فندق لمدة 14 يوما وفى حالة الاشتباه يتم نقل المشتبه به إلى مستشفى النجيلة العام لتأكيد الكشف والعلاج إن كانت هناك ضرورة، ومن هنا فإن الدولة تصرفت بشكل احترافى يحترم المواطنين ويستعد لكل الاحتمالات.
تم تقسيم العائدين إلى 5 مجموعات وتم وضع أكواد لونية لكل مجموعة «الأحمر والأخضر والبرتقالى والأزرق والأصفر»، على أن تسكن كل مجموعة فى منطقة محددة ولها زى محدد ولا تختلط المجموعات ببعضها حتى انتهاء فترة العزل المقرر لها 14 يوما هى فترة حضانة الفيروس.
والاشتباه يعنى أن تكون الحرارة أعلى من 37 درجة، وهذا لا يعنى الإصابة لكن يستدعى التأكد النقل فى سيارات إسعاف معقمة ومحكمة السيطرة للغاية لنقلهم إلى مستشفى النجيلة لإجراء الفحوص والتحاليل اللازمة للتأكد من سلامتهم.
صحيح أن القادمين على الطائرة المصرية من الصين لا يعانون من أعراض تشير لإصابتهم بكورونا، ومع هذا فقد كانت خطة نقلهم إلى مكان منعزل للتأكد من خلوهم، وبعدها يعودون إلى أسرهم، وفى حالة حاجتهم لعلاج يكون هذا بعيدا عن الزحام.
تستحق وزارة الصحة التحية على التعامل المحترف مع كورونا، وتنفيذ التعليمات الرئاسية باحترافية وتخطيط، وسط حالة من الفزع، فضلا عن شائعات وأخبار مفبركة، ثبت خطأها.