بعد إطلاق شاب النار على خطيبته ثم انتحاره.. قاتل نفسه ومن حرضه فى التشريعات العربية.. المشرع المصري والكويتي لا يعاقب المنتحر لكن يجرما "المحرض".. والإماراتي عاقب المُقدم عليه بالحبس والغرامة

الخميس، 06 فبراير 2020 01:24 ص
بعد إطلاق شاب النار على خطيبته ثم انتحاره.. قاتل نفسه ومن حرضه فى التشريعات العربية.. المشرع المصري والكويتي لا يعاقب المنتحر لكن يجرما "المحرض".. والإماراتي عاقب المُقدم عليه بالحبس والغرامة انتحار - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في عام 1845م يقال أن عقوبة الانتحار في بريطانيا قديماَ هي الإعدام، وعلى الرغم من الطرفة والغرابة التي تظهر في القانون، إلا إنه يفتح باب النقاش بشكل موسع حول نظرة التشريعات القانونية للمنتحر، خاصة بعد ازدياد حالات الانتحار في المنطقة العربية مؤخراَ بشكل نستطيع القول أنها اصبحت ظاهرة لا بد من الوقوف عندها ومعالجتها من الناحية القانونية.  

ومما لا شك فيه – أنه لا يوم يمر علينا إلا ونقرأ عبر المواقع الإخبارية عن محاولة انتحار أو حالة انتحار من فوق بناية أو برج أو أمام عجلات وسائل المواصلات المختلفة أو تناول مادة سامه وغيرها من طرق الانتحار، حيث أن العديد من الأجهزة المعنية ووسائل الاعلام تتناول الظاهرة وكيفية التصدي لها من الناحية المجتمعية أو النفسية أو حتى الثقافية للوقوف على أسبابها، ولكن قلما ما تناقش تلك الأزمة من الناحية القانونية.  

صباح اليوم نشر "اليوم السابع" فيديو صادم رصدته كاميرات المراقبة، والذي وثق لحظة إطلاق شاب النار على خطيبته فى الشارع بمنطقة النزهة بسبب شعوره باليأس ورفضها الرجوع له بعد فسخ الخطوبة، ثم إطلاقه النار على نفسه فى محاولة للانتحار، إلا أنه تم إسعافه فور نقله إلى المستشفى وسط ذهول المارة من هول المشهد، فيما قررت النيابة العامة إحالته لمحكمة الجنايات، الأمر الذى فتح معه باب التساؤلات هل القانون المصري يعاقب المنتحر حال نجاته من محاولة الانتحار؟ 

في التقرير التالي "اليوم السابع" يلقى الضوء على إشكالية التصدي لظاهرة الانتحار في التشريعات العربية في الوقت الذي تتصدر فيه دول أوربا أكبر نسبة حالات انتحار في العالم بينما وفقا لإحصائية منظمة التعداد السكاني الدولية للعام الحالي 2019، فإن نسبة الانتحار في مصر هي الـ 150 من 183 دولة فيما تحتل تركيا المركز الـ 100 وقطر الـ 112، إلا أن الصدارة من نصيب بلجيكا واليابان والهند وفرنسا – بحسب الخبير القانوني والمحامي سامي البوادى.

العديد من الدول العربية وعلى رأسها مصر تحاول بشكل كبير التصدي لظاهرة الانتحار من الناحية القانونية، فقد بذلت الدول العربية مجهودات مضنية في سبيل التصدي لهذه الظاهرة دون الاعتماد على التحريم الديني حتى أن أغلب هذه التشريعات جرَّمت التحريض على الانتحار والمساعدة فيه، ولكن أغلبها لم تجرم الانتحار نفسه ولا الشروع فيه حتى لا تقع أعباء أكثر على الشخص عند فشل محاولة انتحاره فيعاود الانتحار مرة أخرى.

 النوع الوحيد من التحريض المجرم على فعل ليس مجرم

أما عن مسألة التحريض من الناحية القانونية يعرَّف بأنه: "حمل شخص آخر ومحاولة حثه بأي طريقة كانت على الإقدام على الجريمة"، حيث أن التحريض على الانتحار هو النوع الوحيد من التحريض المجرم على فعل ليس مجرمًا، ويكون التحريض بأية طريقة مثل الكتابة أو التلقين، أما توفير وسائل الانتحار فهي ترقى لأن تكون مساعدة تتعدى التحريض – وفقا لـ"البوادى".  

الانتحار في القانون المصري والكويتي

والواقع يؤكد أن القانون المصري لا يعاقب على الانتحار لكنه يجرِم التحريض والمساعدة دون الفعل ذاته، وكذا الحال فى القانون الكويتي الممثل بالمادة "158" من قانون الجزاء: "كل من حرض أو ساعد أو اتفق على الانتحار وانتحر يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز 3 سنوات وغرامة لا تجاوز 3 آلاف روبية - وهي العملة المتداولة في بعض القوانين - أو بإحدى هاتين العقوبتين"، ويشترط القانون في بعض الأحيان وقوع الانتحار وقتل النفس حتى تتم معاقبة المحرض والمساعد، كما في القانون الكويتي والسوري والعراقي.

 موقف المشرع الإماراتي من الانتحار  

أما عن موقف المشرع الإماراتي من الانتحار، فإن قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 ينص في المادة 335 على عقوبة محاولة أو الشروع في الانتحار وعلى عقوبة مشددة بحق كل من يحرض على الانتحار حيث أن المادة تنص على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تتجاوز 5 آلاف درهم أو بالعقوبتين معاً كل شخص يشرع في الانتحار، ويعاقب بالحبس كل من حرض آخر أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار إذا تم الانتحار بناء على ذلك".  

عقوبة المحرض

وإذا كان المنتحر لم يتم الثامنة عشرة أو كان ناقص الإرادة أو الإدراك عد ذلك ظرفاً مشدداً، أي تزداد الإجراءات القانونية عليه لكونه يشكل خطراً على نفسه، كما يعاقب المحرض بعقوبة القتل عمداً أو الشروع فيه بحسب الأحوال إذا كان المنتحر أو من شرع في الانتحار فاقد الاختيار أو الإدراك.

موقف المشرع العماني من الانتحار

أما المشرع العماني يعاقب على الشروع في الانتحار وهو ينص على السجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر وغرامة لا تزيد على 3000 ريال عماني لكل من شرع في الانتحار، كذلك هي حال القانون القطري الذي يعاقب: "كل من شرع في الانتحار بأن أتى فعلاً من الأفعال التي قد تؤدي إلى وفاته يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة، أو بغرامة لا تزيد على ألف ريال أو بالعقوبتين معًا".

موقف المشرع السوداني من الانتحار

والقانون السوداني أيضًا يرى الأمر بالطريقة نفسها التي يراها المشرع العماني والقطري فهو ينص في مادته رقم "133" على أن: "من يشرع في الانتحار بمحاولة قتل نفسه بأي وسيلة يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز سنة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا".

7a675deb3d9a147859ec11cecd6a60c2
 

موقف المشرع السورى من الانتحار

وكذا الأمر في القانون السوري، إلا أنه أخذ بظرف التخفيف من مسؤولية القاتل في حالة الإشفاق في المادة رقم "528" من قانون العقوبات، إذ "يُعاقَب بالسجن 10 سنوات على الأكثر من قتل إنسانًا قصدًا بعامل الإشفاق بناءً على إلحاحه بالطلب"، وبخاصة في حالات المرض المستعصي، فقد وجد المُشرع السوري هنا أن دافع القتل إنساني إشفاقًا على طالب الموت فخفف العقوبة.

موقف المشرع العراقي من الانتحار

الفقرة "3" من المادة "408" من قانون العقوبات العراقي تنص بشكل صريح على عدم تجريم الشروع في الانتحار بأنه: "لا عقاب على من شرع في الانتحار"، لكن المُشرِّع العراقي في المادة رقم "408" الفقرة "1" فرض عقوبة السجن مدة لا تزيد على 7 سنوات لكل من حرض على الانتحار أو ساعد فيه.

 
alko-1280x720
 

كما أن القانون يشترط في بعض الأحيان وقوع "الانتحار" وقتل النفس حتى تتم معاقبة المحرض والمساعد كما في القانون الكويتي والسوري والعراقي، وفصّل القانون السوري هذا الأمر؛ إذ يعاقب المحرض والمساعد حتى لو لم يقع الانتحار لكن نجم عنه إيذاء أو عجز دائم، وذلك في المادة "539" من قانون العقوبات.

 

وشدد القانون العراقي العقوبة على المحرض والمساعد إذا كان المنتحر قاصرًا لم يُتم الثامنة عشرة من عمره أو ناقص الإدراك والإرادة، أما إذا كان فاقدًا لهما، فيعاقب المحرض والمساعد بعقوبة القتل العمد أو الشروع فيه.

 

المحامى سامى البوادى
المحامى سامى البوادى

موقف المشرع الأردني من الانتحار

أما في القانون الأردني فإن الشروع في الانتحار لا يعاقب عليه إلا إذا كان عسكريًا وفعل ذلك للهروب من خدمته العسكرية، كما أن قانون العقوبات الأردني لا يجرم الانتحار في حال وقوعه ولا يعاقب عليه والسبب في ذلك أن المنتحر في حال وفاته لا جدوى من ايقاع العقوبة الجزائية عليه، فالعقوبة شخصية وبمجرد وفاته لا مجال لمعاقبته لأن المنتحر يكون في ذمة الله تعالى.

لماذا لا تعاقب بعض الدول العربية المنتحر؟

أما تدور فلسفة المشرِع بشأن عدم تجريم "الانتحار" و"الشروع فيه" حول أمرين هامين، فالمنتحر قد انتهت حياته، ولذلك تسقط عنه أية عقوبة قانونية، أما من يشرع في الانتحار فهو فاقد للأمل يائس من الحياة لأي سبب كان، سواء كان ضغطًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا أو نفسيًا، فلا يرى المُشرِع هنا أنه من المنطقي معاقبته على يأسه بما يزيد منه، بل تجب مساعدته، كما أنه عدّ الموت وسيلة نجاة، فلا فائدة من معاقبته بعقوبة أخرى

-الوطن-العربي
 

بينما تشريعات عربية أخرى اتخذت منحى آخر في هذا الشأن، فعاقبت على الشروع في الانتحار، مثل القانون العماني الذي ينص على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبالغرامة التي لا تزيد عن ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من شرع في الانتحار بأن أتى فعلًا من الأفعال التي تؤدي إلى الوفاة عادةً"، وكل من شرع في الانتحار بأن أتى فعلًا من الأفعال التي قد تؤدي إلى وفاته يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة أو بغرامة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة