في ظاهرة لافتة للإنتباه ومثيرة للغضب، تعكس حالة من الجشع المتبجح ..ألا و هي أن سعر صرف الدولار الأمريكي في مقابل الجنية المصري قد بدأ بالإنخفاض تدريجياً، كدليل قاطع علي تحسن الأوضاع الإقتصادية بالبلاد ، ولكننا بالمقابل لا نلحظ أي انخفاض بسعر أي سلعة من تلك التي تضاعفت أسعارها علي إثر ارتفاع هذا الدولار ، حتي السلع المستوردة التي من المفترض أن تكون بأولوية القائمة و التي لم تتحرك للخلف قرشاً واحداً !.
نعم،فقد ثبت بالفعل أننا بمجتمع لا يسير حسب المنطق و المقبول ، لكنه يسير في غالبية الأحوال عكس التيار .
فبعد تحرير سعر الصرف و تعويم الجنيه ارتفع سعر الدولار في المقابل بشكل سريع ، و في نفس الليلة و قبل أن تشرق شمس اليوم التالي إرتفعت الأسعار إرتفاعاً كبيراً ، حتي أنها قد فاقت و تخطت نسب ارتفاع سعر الدولار !
إذ نري يومياً و بشكل مبالغ فيه التزايد الغير متوقف لأسعار كافة السلع دون شعور بالأمان و الإستقرار و لو حتي لمدة أسبوع واحد علي سبيل الهدنة لإلتقاط الأنفاس .
فأصبح كل منا عندما يذهب للتسوق الذي لا غني عنه و لا مفر منه و يفاجأ كالعادة بأن الأسعار أصبحت تتراقص علي أرضية مطاطية لا ثبات فيها و لا حدود تحدها ولا معايير تحكمها .
الغريب أن موجة الغلاء التي تبعت التعويم و ارتفاع سعر الدولار لم تتوقف حتي يومنا هذا علي الرغم من أن سعر الدولار قد انخفض عدة مرات و لم تعد هناك أسباب منطقية للجنون الذي أصاب التجار و المستوردين و المحتكرين حتي وصل إلي صغار البائعين في أي مكان ليصيبهم بمرض جديد من نوعه تحول إلي وباء ينبغي التصدي له و القضاء عليه و هو الجشع المزمن !، ولم يعد قادراً علي ردع أطماع هؤلاء المستغلين المتلاعبين بحاجات المصريين لا حكومة و لا جهاز حماية مستهلك ولا وزارة تموين .
حتي بعد تحسن الأحوال الإقتصادية و التي تجلت بالأشهر الماضية في إنخفاض قيمة الدولار الأمريكي في مقابل الجنيه المصري بشكل يومي يعد بدوره مفاجأة سارة أثلجت الصدور و منحت المصريين هدنة لإلتقاط الأنفاس و آمال عريضة بانقضاء الأزمة عما قريب و عودة تدريجية لإستقرار أسعار السوق .
و لكن :
للأسف لم يلتفت هؤلاء القتلة المتاجرين بأقوات المصريين إلي هذا التغيير الذي كان يستلزم علي الفور إنخفاض تدريجي للأسعار التي لا تكف يوماً عن التزايد الجنوني ، و كأن شيئاً لم يكن .
و كأنها خطة ممنهجة لذبح المواطنين و حرمانهم بغض النظر عن الحجة الواهية التي تشدق بها هؤلاء للإستمرار في غيهم و هو جنون ارتفاع سعر الدولار ، و كأننا لا ننتج أي شئ علي الإطلاق في السوق المحلية و كله مستورد .
السادة المحتكرين :
شماعتكم التي تعلقون عليها أسباب جشعكم و موت ضمائركم الوطنية و الإنسانية ستتكسر واحدة تلو الأخري ، لكنكم صمُ بكمُ عُمي لا ترون و لا تسمعون إلا أصوات أطماعكم التي لا تنتهي و أموالكم التي تتكدس في حين يجوع كل يوم مزيداً من إخوانكم إن كانوا كذلك من جراء أفعالكم ، قاتلكم الله جميعاً أينما كنتم .
شعب مصر العظيم :
عليك بهؤلاء اللصوص ، فلتترك لهم بضاعتهم تركد و تبور و تنتهي صلاحيتها ، فخير وسيلة لردع جشع الجشعين هي الإستغناااااء .
و تأكد عزيزي المواطن أنك الأقوي و أنك القائد للعملية برمتها ،
إحسبها صح حتي يتصحح المسار المعوج ، فلا تترك أحد يتلاعب بك بل أنت من يمسك بزمام الأمور ، و لا تكن مستهلكاً نهماً و اترك لهم بضاعتهم تبور .
أظن أننا الآن أمام الصورة المكتملة و التي سيخرج منها قريباً شبح الدولار و يبقي وحده بطلاً للموقف ، هو "جشع التجار".