"وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".. بهذه الآية الكريمة من سورة الأعراف أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نستمع وننصت للقرآن الكريم أثناء تلاوته، فماذا إذا كان هذا القرآن يتلى داخل سرادق عزاء؟!، التى تحول بعضها الآن إلى ما يشبه ساحات أفراح ومهرجانات، بسبب تجاوزات بعض المعزين وبعض قراء القرآن الكريم أيضًا، حتى أن أحد المعزين أشهر "مطواة" فى وجه القارئ ليجبره على مواصلة التلاوة.
أحد المعزين يشهر مطواه فى وجه قارئ ليجبره على مواصلة التلاوة
الشيخ محمد حشاد نائب نقيب القراء، شيخ عموم المقارئ المصرية، أكد أن السبب في حالة الهرج التي تحدث داخل المآتم وتحولها لمهرجانات لا عزاءات هو المشايخ في المقام الأول والجمهور في المقام الأخير، قائلاً: "كنا نروح الليالى لو حصل هرج ومرج يمتنع القارئ عن التلاوة ويسكت ولا يقرأ حتى يهدأ الحضور مهما كانوا، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالاستماع والإنصات للقرآن الكريم أثناء التلاوة".
الشيخ محمد حشاد نائب نقيب القراء، شيخ عموم المقارئ المصرية
وتابع حشاد لـ"اليوم السابع": "فيما يتعلق بالقارئ فهو عليه دور كبير جدًا لأنه يفترض أنه الأعلم بالقرآن الكريم والأعلم بما أمرنا به الله بأن ننصت للقرآن الكريم إذا قرئ، وبالتالي يجب عليه أن يأمر المستمعين بالإنصات ولكن للأسف القارئ يسر بهذه الخزعبلات، بل على العكس البعض منهم يأخذ معه أناس معينين ليفعلوا ذلك".
المستشار هشام فاروق عضو شرف نقابة القراء
واستنكر حشاد قيام بعض القراء أو أصحاب المآتم بإحضار مصورى الحفلات لتوثيق العزاء، قائلاً: "الآن نرى قيام البعض بعمل بث مباشر للعزاء ويحضرون مصورى حفلات ومذيع ليروج للقارئ ويقول في الميكروفون الدكتور فلان الفلانى وربما كان لا يحمل الابتدائية"
وروى شيخ عموم المقارئ المصرية، واقعة عاصرها بنفسه للشيخ الراحل راغب مصطفى غلوش، قائلاً:"المرحوم راغب مصطفى غلوش كان يقرأ فى مكان ما ووجد الناس تصيح وتهلل من حوله وأحد الحاضرين يقول لهم تعالى هنا وتعالى هنا في محاولة للتنظيم، فقطع الشيخ التلاوة وقال استمع للقرآن هو احنا فى فرح .. الناس شايفة المقاعد وظل حوالى 5 دقائق دون تلاوة إلى أن هدأ الجميع".
المعزون يتركون مقاعدهم ويلتفون حول القارئ
فيما يؤكد المستشار هشام فاروق عضو شرف نقابة القراء، أن هذه الظاهرة بدأت في عزاءات القراء المشاهير مثل: "الشحات أنور وراغب غلوش ومحمد عبد الوهاب الطنطاوى وغيرهم إذ يتحول المأتم إلى فرح بأتم معنى الكلمة! ضحك وكلام ولغو وغاغة وصياح".
وأضاف فاروق لـ"اليوم السابع":"لما أثار ذلك استهجان الناس لتنافيه مع هيبة ووقار القرآن ووجوب الإنصات إليه ومع موقف العزاء والاعتبار بالموت، أصبحوا يسمونها ليلة تكريم بدلا من ليلة عزاء أو مأتم، حتى تُسْتباح فيها كُلُّ المُحَرَّمات أثناء تلاوة القرآن من غاغة وفوضى وضحك وكلام ولغو وصياح وصراخ وعواء".
المعزون يلتقطون سيلفى مع القارئ
وتابع عضو شرف نقابة القراء:"هذا قطعا ليس صنيع المُسلمين المؤمنين بقول الله جلَّ وعلا في سورة فصلت:"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ"، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:الْغَوْا فِيه بالصياح ؛ وقال مجاهد:بالمُكاء (الصفير) والتصفيق والتخليط في المَنْطِق حتى يصير لغوا ؛ وقال الضحاك:بإكثار الكلام...(تفسير القرطبي)".
واستطرد فاروق:"يقول سُبحانه في مقام التحذير والوعيد الشديد:"إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(فصلت-40) قال مجاهد:"يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا" أي عند تلاوة القرآن بالمُكاء والتصدية (التصفيق) واللغو.
واختتم عضو شرف نقابة القراء قائلاً:"ورغم أن التكريم يكون فقط للشخص الحي ؛ أما الميت فيكون تأبينا فإنهم لا يستحون ، إذ لا تعنيهم لغة القرآن في شيء! بل القرآن ذاته! علما بأنه حتى التكريم للحيِّ والتأبين للميت – بمعنى الإشادة به وتعداد مناقبه - منهي عنه لقول الله تعالى:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّـهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا" ولقوله جلَّ وعلا:"فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة