لفت المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ،إلى تاريخ العلاقة بين جماعات الإسلام السياسي والدولة العثمانية (1299- 1924م)، مؤكدًا أن من أهم أدبيات تلك الجماعات الدفاع المستميت عن الخلافة العثمانية بزعم أنه لم تتعرض دولة في العالم لمثل ما تعرضت له الدولة العثمانية من حملات ضارية استهدفت التشهير بها والنيل منها، واستشهد المؤشر بما سبق بكتاب أستاذ التاريخ عبد العزيز محمد الشناوي: "الدولة العثمانية.. دولة إسلامية مفترى عليها".
وأوضح المؤشر أن جماعات الإسلام السياسي ومؤلفاتها الداعمة للخلافة العثمانية ضربت عرض الحائط بالوثائق التي تثبت فساد الدولة العثمانية وانحرافهم، ومن أبرز تلك الوثائق تنديد المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي (1753- 1825م) بالحكم العثماني في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، الذي ألّفه ليكون وثيقة اتهام تاريخية شاهدة على فضائح وجرائم السلاطين العثمانيين.
وامتدادًا لما سبق، أكد المؤشر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد عودة الإمبراطورية العثمانية من جديد؛ حيث يرى أن العديد من الدول العربية هي إرث عثماني يرغب في استعادته واغتصابه؛ موضحًا أنه لم ولن يتوانى عن إحياء حلمه باستخدام كافة القوى، سياسيًّا أو دينيًّا أو، أو حتى عبر القوة الناعمة عن طريق الأعمال الثقافية والفنية، وخير دليل على ذلك مسلسل "وادي الذئاب" ومسلسل " قيامة أرطغرل" الذي أكد الرئيس التركي أنه "ردّ مهم على أولئك الذين يستخفون بقدرات تركيا وشعبها".
من ناحية أخرى أشار المؤشر العالمي للفتوى إلى قوى ناعمة أخرى يستخدمها أردوغان في الخطاب الديني لكن في أوروبا، لا سيما ألمانيا، وهي قائمة المنظمات والجمعيات التي تتخذها الاستخبارات التركية كواجهات عمل، والتي يصل عددها إلى 15 جمعية مسجلة في ألمانيا تعمل تحت اتحاد إسلامي تركي.
وأضاف المؤشر أن معظم تلك الجمعيات تعمل وفق أجندة الإسلام السياسي المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية، بهدف أسلمة المجتمع في ألمانيا عبر التربية الدينية في المدارس، والهيمنة على المساجد والمراكز الإسلامية ومجابهة المعارضة التركية مثل جماعة "كولن"، وكذلك الجماعات الكردية.
وتابع مؤشر الإفتاء أن أبرز تلك الجمعيات والمنظمات هي: (الذئاب الرمادية) وقدّر أعضاؤها بما لا يقل عن 10 آلاف شخص، ومنظمة (الاتحاد) ولها علاقة بـ(الذئاب الرمادية)، واتهمت بالعديد من جرائم القتل. ومنظمة (الاتحاد الإسلامي "ديتيب") وهي أكبر رابطة دينية في ألمانيا، و(مسجد كولونيا) و(مسجد الفاتح) و(مسجد "المعماري سنان" في موزباخ)، و"جمعية العثمانيون الألمان" ومنظمة "ميلي غوروش".
وفي نهاية تقريره اعتبر المؤشر العالمي للفتوى أن كل ما سبق يعدّ محاولات يائسة واستخدامًا للغطاء الديني لتبرئة الرئيس التركي من الاتهامات المتتالية بفساده السياسي، والأزمات التي طالت كافة مؤسسات الدولة التركية.
كما طالب مؤشر الإفتاء بضرورة مواجهة هذا الخطاب الإفتائي المعوج والسقيم والذي يفتش في النصوص الشرعية عما يبرر به أعمال العنف والقتل، والذي يذهب بالأدلة الشرعية والقواعد الفقهية عن مرادها لترسيخ وتصدير صورة صحيحة لأفعال خاطئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة