مع مرور السنوات تتبدل ملامح المدن والمبانى حول العالم، فهناك ما يندثر وتطمس ملامحه بالكامل، والبعض الآخر قد يتحول إلى استخدامات أخرى غير تلك التى أنشئ من أجلها قبل عقود أو قرون من الزمان، أو قد لا يبقى منه سوى أطلال، وفى رحلة البحث عن أمثلة حية لبعض من المبانى الأثرية، سنجد من مدينة مكسيكو إلى عاصمة بكين الصينية، تغير العديد من المبانى حول العالم، التى أصبحت ساحات القتال، على سبيل المثال، أو أرضاً للتجمع السياسى، كما نجد أن المبانى، التى احتفلت بسقوط الملوك أو القادة سابقاً، قد وظفت لمهام أخرى مفاجئة.
ومن جهته، قال أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة إدنبرة، إد هوليس، وهو صاحب كتاب "الحياة السرية للمبانى"، الذى يسلط الضوء على الهياكل التى تغيرت جذريًا عبر الأجيال، إن "العالم الذى نعيش فيه قد صممه أشخاص لم يكونوا مثلنا.. فكان مصير المبانى القديمة، التى تحولت عبر عصور مختلفة، إما التطور أو الدمار أو إعادة البناء.. وعلى سبيل المثال، كان البارثينون معبداً للآلهة أثينا، قبل أن يُستخدم لاحقاً ككنيسة، ومسجد، وخزانة، ومتجر ذخيرة، ومتحف، ومركز للجنود، وغيرها".
البارثينون في مدينة أثينا
وأضاف "ليس ذلك فحسب، وإنما استخدم الكولوسيوم لتقديم عروض القتال، وأنواع أخرى من الترفيه التى تتمحور حول صيد وقتل الحيوانات البرية.. ففى عاصمة روما الإيطالية، من المستحيل التجول دون رؤية أى أدلة ترمز للحضارات القديمة على جدرانها، حيث يُعرّف المؤرخون المعماريون الأبنية المعاد تدويرها والمداخل والمعالم الأثرية باسم (Spolia)".
وأوضح هوليس، أن إسطنبول، وهى مركز الإمبراطوريتين الرومانية والعثمانية، "تعيد البناء بشكل أفضل"، مضيفاً أن "كل عملية إصلاحية أو استبدالية هى نوع من أنواع التحول، إذ لا يستطيع أحد إعادة أى شيء على حاله السابق"، كما يعتقد هوليس، أن المبانى، التى تظهر عليها علامات النضال وندوب المقاومة، هى فى الواقع من أكثر المبانى روعة، وذلك وفقًا لما نقلته شبكة "CNN" الإخبارية.
الكولوسيوم في مدينة روما الإيطالية
ويقول التقرير أنه على سبيل المثال، تروى كنيسة "سان ماركو" فى مدينة البندقية قصصاً رائعة عن الصراع الدولى، ففى أعقاب حصار القسطنطينية عام 1204، قام المجتاحون لسكان البندقية بنهب حجارة البناء التى شكلت ميدان "هيبودروم" لسباق الخيل، قبل نقلها لبناء كنيسة "سان ماركو".
ويروى هوليس، قصة كاتدرائية وجامع قرطبة، وهى مدينة تقع فى جنوب إسبانيا، حيث كانت تحت أيدى الحكام المسلمين والمسيحيين لسنوات طويلة، وأخيراً، تطورت الكنيسة الكاثوليكية الصغيرة لتصبح مسجداً عملاقاً بُنى من قبل السلالة الأموية.
كاتدرائية - جامع قرطبة في إسبانيا
وفى وقت لاحق، تم تقسيمه ليصبح نصف كنيسة ونصف مسجد، وكان العديد من الفنانين المسلمين والمسيحيين قد ساهموا فى إضافة لمساتهم للهيكل الأصلى، حتى أواخر القرن الثامن عشر، حيث تمكن الزوار اليوم من ملاحظة الأعمدة غير المتطابقة، التى نُهبت من مبانٍ أخرى.
واليوم، تعود ظاهرة إعادة البناء، خاصة بعد وقوع الأزمة المالية العالمية فى عام 2008. فعلى سبيل المثال، هناك العديد من المشاريع التى ساهمت ببناء مسارح من مصانع قديمة، كمسرح "Sala Beckett" فى مدينة برشلونة الإسبانية، وتصميم معارض من بنوك مختلفة، مثل متحف "SALT Galata" فى العاصمة التركية، إسطنبول.
كنيسة سان ماركو في مدينة البندقية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة