من زوايا متعددة يشير فيروس كورونا فى العالم، بين التفاؤل والتشاؤم. ويظل الرعب أشد فتكا من الحذر، وما يزال التضارب حاكما فيما يتعلق بالمستقبل القريب للفيروس، وما إذا كان سيستمر فى الصيف، ومصير اللقاحات التى أعلنت عنها شركات أمريكية وصينية.
التفاؤل جاء من الصين، وأعلن الرئيس الصينى، شى جين بينج، أمس أنه «تمت السيطرة عمليا» على تفشى فيروس كورونا المستجد فى مقاطعة هوبى بؤرة انتشاره وعاصمتها ووهان. وأعلن الرئيس الصينى ذلك فى أول زيارة له إلى المدينة منذ بدء الأزمة فى يناير.
الصين هى الأعلى فى نسبة الإصابة، والأكثر كثافة سكانية، ومع هذا نجحت فى السيطرة على فيروس وبائى خطير، وكان نجاح الصين بفضل فرض إجراءات وقائية، وتحسن علمى وطبى، فضلا عن ضبط النفس وتخطى حالة الفزع التى تقود لفقدان السيطرة.
لكن فى الوقت الذى تعلن فيه الصين سيطرتها على الفيروس، تواجه إيران تصاعدا فى حجم الإصابات والوفيات، وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية أمس عن 54 وفاة جديدة بفيروس كورونا فى أعلى حصيلة وفرضت السلطات الإيرانية حجرا صحيا على مدينة جابهار الساحلية بجنوب شرق البلاد، وأعلنت وفاة مدير عام الهلال الأحمر، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا. وارتفعت الوفيات إلى 237 من 7161 إصابة، وشفى 2394. بعد أسبوعين من تفشى كورونا بسرعة مخيفة فى كل المحافظات والمدن الإيرانية، لتصبح إيران بين أكبر بؤر تفشّى الفيروس خارج الصين، وتحتل المركز الثانى بعدد الوفيات بعد الصين والمركز الرابع عالميا على صعيد الإصابات بعد الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا.
وبالفعل فرضت إيطاليا إجراءات شديدة بعد وصول الوفيات من فيروس كورونا «كوفيد-19» إلى 463 حالة، والمصابين 8000. وأعلن رئيس الوزراء الإيطالى، جوزيبى كونتى للشعب: «كن فى المنزل، فلا يوجد وقت كافٍ، فالعدوى تتزايد ولا بد من أن نعتمد قواعد أكثر صرامة، لا توجد منطقة حمراء، فإيطاليا كلها ستكون منطقة محمية، وسيتم تجنب السفر فى جميع أنحاء البلاد».
ومع كسر حاجز 100 ألف إصابة و4000 وفاة، أقر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، بأن الأمر أصبح مثيرا للقلق وقال فى مؤتمر صحفى: «تجاوزنا 100 ألف حالة تم الإبلاغ عنها من فيروس كورونا المستجد COVID-19 فى 100 دولة، وهو أمر مثير للقلق و«حدوث وباء أصبح حقيقيًا، ولكنه سيكون أول وباء فى التاريخ يمكن السيطرة عليه، والنتيجة النهائية هى أننا لسنا تحت رحمة هذا الفيروس» وتلخص تصريحات جيبريسوس التضارب والتفاؤل المتقاطع من تشاؤم. خاصة مع استمرار غياب مفاتيح واضحة للتعامل مع كورونا. وسبق ورفضت المنظمة تصنيف الفيروس كوباء.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ عالمية صحية وقت بداية انتشار الفيروس رافضة أن يتم تصنيف كورونا كوباء.
وتأتى تصريحات مدير منظمة الصحة، بعد أيام من تصريحات أخرى تشير الى احتمالات استمرار فيروس كورونا فى الصيف بينما تصدر أنباء متفرقة عن قرب ظهور لقاح مضاد للفيروس. وأدت هذه الأنباء إلى ارتفاع فى أسعار النفط بعد هبوط، وكان إعلان الصين عن السيطرة على الفيروس أحد علامات التفاؤل، فضلا عن كونه فى حال انتهاء الأزمة يضيف إلى قوة الصين عناصر جديدة علمية وطبية، ربما تعوض الخسائر الاقتصادية الضخمة، التى تعرضت لها الصين، بوصفها قدمت نموذجا مهما فى مواجهة وباء أصاب العالم كله بالفزع، وفى حين تمسكت الصين بخطة هادئة للمواجهة، أصاب الفزع دولا أقل فى عدد الإصابات. بما يؤكد كون فيروس الفزع أشد خطرا من فيروس كورونا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة