عاطف محمد عبد المجيد يكتب: الحب ضرورة لسلام الكون

الخميس، 12 مارس 2020 05:00 م
عاطف محمد عبد المجيد يكتب: الحب ضرورة لسلام الكون غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طفلًا، كان د. وسيم السيسي يرى خالته الدكتورة وديدة طالبة كلية الصيدلة وهي تقوم بتخدير الضفدعة وتشريحها، وكان هذا يبهره كثيرًا وهو يرى القلب ينبض والرئتين تنتفخان، وكانت خالته تقول له: إحنا برضو كده..عندنا قلب ورئتان.     
 
هذا ما يحكيه السيسي في مقدمة كتابه "إحنا مين" الصادر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية، وفيه يقول الكاتب إن القراءة كانت هي الوسيلة الوحيدة لإشباع نهمه الجارف للمعرفة، وساعدته على ذلك مكتبة والده الضخمة.
 
لقد تساءل الكاتب احنا مين في هذا الكون اللا نهائي؟ مما أدى به إلى أن يقرأ في علم الفلك، النجوم، الكواكب، المدن النجمية، أو المجرات.الكتاب يحمل أسئلة أخرى منها هل نحن وحدنا في هذا الكون العجيب؟ أم أن هناك حضارات على كواكب أخرى وكائنات بأشكال أخرى؟       
 
السيسي يذكر أنه وجد إجابة لسؤاله إحنا مين عند ويل ديورانت في موسوعته قصة الحضارة: إحنا مين؟ ومتى بدأت الحضارة؟ ومنذ متى كان السعي الحضاري؟ وكيف كنا في العصر المطير؟ وكيف أصبحنا في العصر الحجري الوسيط؟ وكيف انتقلنا من حياة الغابة إلى قانون الأخلاق؟                                                
شاي باللبن وبقسماط
أما ما جعل الكاتب يفكر في هذا الكتاب فهو تعجب الكثيرين وتساؤلهم عن العلاقة بين الطب والتاريخ، الفلك، التطور، علم الأجنة، التشريح المقارن، والرد بسيط جدًّا، يقول، إنه العامل المشترك الأعظم بين هذه العلوم جميعًا، ألا وهو الإنسان. 
   
هنا يسأل السيسى احنا مين جسمانيًّا، جينيًّا، دينيًّا، نفسيًّا، كما يتساءل احنا مين بالنسبة لآثارنا؟ وهل ضاعت هويتنا؟ واحنا مين مع تاريخنا؟ ومع المملكة الحيوانية ومع إسرائيل ومع العلوم ومع أبي العلاء المعري؟       
                   
الكاتب الذي يتساءل في نهاية كتابه أنا مين، يورد مقولة سقراط اعرف نفسك بنفسك، مضيفًا أن أحد الفلاسفة يرى أن كل إنسان أربعة: الإنسان كما يراه الله، كما يراه الناس، كما يراه أقرب الناس إليه، كما يرى نفسه.           
 
السيسي الذي يقول إنهم كانوا، أيام كان في الابتدائية يقدمون للتلاميذ شايًا باللبن ومعه بقسماط جميل الطعم لا ينساه، وإن والده كان صديقًا لأنور وجدي وليلى مراد، يشير هنا إلى حبه للقراءة وانهماكه فيها، وإلى كون والدته عقلانية برجماتية.
 
هنا أيضًا يقول الكاتب إن كريستين لاروش الحاصلة على جائزة نوبل قد ذكرت في كتابها رمسيس الثاني أن التوراة ظلمته ظلمًا كبيرًا، وقد طُبع من كتابها مليون نسخة، حتى لُقبت الكاتبة بصاحبة المليون نسخة، كما يذكر أنه دائمًا ما يتساءل لماذا نجد نسبة الإلحاد في ألمانيا وإنجلترا حوالي 70% وهم عقول قوية وأصحاب فكر عميق؟ ولماذا نقول: هذا الشيء واضح وضوح الشمس ولا يعترض علينا أحد؟ لماذا لا نقول هذا الشيء واضح مثل الله حتى لا يختلف عليه أحد؟ 
 
كما يقول إن الحب إذا نقص في حياة الإنسان، فربما لا يحس بالحاجة إليه، لكن حياته تضطرب اضطرابًا شديدًا، مهما حاول أن يعالج هذا الاضطراب بالثروة أو الشهرة أو الجنس الآخر، إذ لافائدة، لأن الحب ليس فقط ضرورة لحياته، بل ضرورة لسلام الكون.   
                                                            
حضارة رفيعة المستوى
الكاتب يرى هنا أن الحب هو الذي يربط الشمس بكواكبها، وهو الذي يربط النواة بإليكتروناتها، والحب تحت اسم مستعار هو الجاذبية، مضيفًا أن الإنسان يوم أن نجح في خلق حالة كراهية في مكونات الذرة، الانشطار النووي، دمر هيروشيما وناجازاكي، ويمكن أن يدمر نفسه والكوكب الذي يعيش عليه.   
 
في هذا السياق يتساءل الكاتب أليست الشمس واحدة، لكن ظلالها تختلف باختلاف الأجسام/ العقول التي تقع عليها، رائيًا أن الدين واحد لكن العقائد مختلفة.
 
ومجيبًا عن سؤال احنا مين جسمانيًّا، وبعد أن يذكر الفرق بين المخ القديم والمخ الجديد، والصفات المشتركة بين الإنسان والقردة العليا، يقول إن الشيء العجيب أنه حتى اليوم وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وفي بعض المدارس يحرمون تدريس نظرية داروين رغم اعتراف الكنيسة الكاثوليكية بها! مضيفًا أن دارون حدثنا عن الجسم ولم يقترب من النفس أو الروح.
 
ومتحدثًا عن الإنسان جينيًّا يقول إن العالمة الأمريكية مارجريت كندل أجرت بحوثها على الشعب الألماني واليهودي والمصري، فوجدت أن نقاء الجنس الآري / الألماني خرافة، كما وجدت أن الشعب اليهودي لم يعد باقيًا منه إلا السامريون الذين لا يزيد عددهم عن ألف شخص.كندل التي أخذت عينات من العواصم والمدن والقرى والنجوع والكفور في مصر من مسلمين ومسيحيين وجدتها واحدة في 97,5% من العينات، فهم شعب واحد جينيًّا.   
 
وهذا ما يؤكد ما وصل إليه ستامب منذ عشرات السنين حين قال إن المشكلة في مصر ليست في غزوها، بل في الوصول إليها، فنادرًا ما نجد شعبًا متماثلًا في شكله الظاهري، بل في طباعه وأخلاقه ومزاجه كالشعب المصري.  
 
هنا يؤكد الكاتب أنه ليس عجيبًا أن يعلن عمدة برلين كارين شوبارت: كيف كان سيكون شكل العالم اليوم، لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟ ذاكرًا ما قاله والاس بادج عالم المصريات البريطاني: نحن في حاجة إلى قرنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية!     
 
السيسي حين يتحدث عن الهوية يقول إن مصر لن تقوى ولن يعود إليها وجهها الحضاري إلا بالقومية المصرية، وبإيماننا أننا شعب واحد. 
 
هذا الكتاب الذي يحاول فيه السيسي أن يجيب عن سؤال إحنا مين من جوانب شتى، يجيب في نهايته عن سؤاله أنا مين؟ قائلًا: أنا من أحب الناس جميعًا، ويتمنى أن يحبه الناس جميعًا.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة