تجاوز عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس "كورونا" الألف شخص فى إيطاليا، ليصل إلى حوالى 1016 مواطنًا، يوم الخميس، ممن أصيبوا بالمرض، لتحتل صدارة الدول الأوروبية من حيث الإصابات والوفيات، بينما أصبحت بين أكثر 5 دول إصابة، مع الصين وإيران واليابان وكوريا الجنوبية، وهو الأمر الذى يطرح تساؤلات عدة حول تداعيات التفشى الكبير فى المدن الإيطالية فى المرحلة الراهنة، والتى تتسم بحساسيتها الشديدة، سواء على المستوى القارى فى أوروبا أو على الجانب الدولى بشكل عام.
الزيادة الكبيرة فى أعداد المصابين بفيروس "كورونا"، فى إيطاليا، تمثل صدمة كبيرة ليس فقط للمتابعين والمحللين، وإنما للمواطنين الإيطاليين، فى ضوء التوقعات التى دارت فى معظمها، مع بداية الأزمة، حول قدرة دول الغرب، سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة على مجابهة الفيروس، فى ظل ما يتمتعون به من إمكانات كبيرة.
إيطاليا اتخذت العديد من الإجراءات أهمها:
- إغلاق الأقاليم التى تفشى فيها الفيروس فى شمال إيطاليا.
- فرض قيود على تنقلات المواطنين وتجمعاتهم فى كل أنحاء البلاد.
- إلغاء الفعاليات الرياضية.
- إغلاق المدارس والجامعات.
إلا أن تنامى الفيروس، وزيادة أعداد المصابين به، أصبح بمثابة تهديد قوى، ليس فقط لإيطاليا، وإنما للقارة بأسرها، فى ظل احتمالات انتقال العدوى إلى مواطنين من دول أخرى، سواء من أولئك الذين قاموا بزيارتها، أو نتيجة زيارات الإيطاليين للدول الأخرى، سواء فى إطار العمل أو السياحة أو لأى أهداف أخرى.
وهنا تمتد خطورة الفيروس، لتتجاوز التهديد الصحى المجرد، لمواطنى أوروبا، وتمتد إلى مستقبلها السياسى، فى ظل إجراءات اتخذتها بالفعل الحكومة الإيطالية، كإغلاق أقاليم كاملة، بحيث لا يسمح لقاطنيها بالدخول أو الخروج منها، فى إطار محاولات السلطات الإيطالية لاحتواء الأزمة، من جانب، أو خطوات أخرى تتخذها دولاً أخرى، على غرار منع مواطنى إيطاليا من الدخول إلى أراضيهم.
على مستوى الداخل الإيطالى، تحمل أزمة كورونا مسارين متوازيين، أولهما دعم تيارات اليمين المتطرف، والذى يحمل أجندة مناهضة للهجرة، فى حين أن إجراءات العزل ربما تكرس لواقع جديد، قد يساهم فى تغيير الخريطة مستقبلاً، مع تصاعد النزعات الانفصالية فى العديد من دول القارة فى المرحلة المقبلة، وعلى رأسها المشهد الكتالونى، الذى يسعى خلاله سكان الإقليم إلى الانفصال عن السيادة الإسبانية.
أما على المستوى القارى، فإن إجراءات منع دخول المواطنين الإيطاليين يمثل انتهاكًا صريحًا لقواعد الاتحاد الأوروبى، والتى تقوم على حرية الحركة بين دول القارة، وهو الأمر الذى يمثل خطوة جديدة من شأنها تقويض الاتحاد الأوروبى، خاصة أنها تتزامن مع دخول "بريكست" حيز النفاذ.