تتنوع أشكال الموروثات التاريخية التى تحفظ لنا بعضا من تفاصيل الحضارات القديمة التى دشنها أجدادنا فى الماضى، ولا يتجسد تاريخ الحضارات العظيمة قديماً فى الهياكل الشامخة التى تركتها خلفها، وعُدة الحرب، مثل الخوذ والسيوف المنقوشة فقط، لكن توضح القطع النقدية وجهة نظر فريدة للتاريخ أيضًا إلى جانب التماثيل والمعابد وغيرها من الهياكل التاريخية.
وخلال معرض "النقود الإسلامية - تاريخ يُكشف"، المقام فى مركز جامع الشيخ زايد الكبير فى أبوظبى، يتسنى للزائر فرصة التجول بين "أحد أهم مجموعات العملات القديمة فى العالم"، وفقاً لما قالته مديرة إدارة التواصل الحضارى والأنشطة الثقافية فى مركز جامع الشيخ زايد الكبير، أمل بامطرف، فى مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وأشارت أمل بامطرف، إلى أن المعرض يعرض مجموعة "فريدة وحصرية" من العملات التى تنتمى إلى عصور مختلفة، ولا تتجسد فرادتها فى قيمتها فحسب، بل فى القصص التى تكشف عنها أيضاً، وتلقى القطع النقدية الضوء على إنجازات الثقافة الإسلامية المزدهرة، وتسلط الضوء على القواسم المشتركة والروابط الإنسانية بين الثقافات، كما يُقدم المعرض العملات المعدنية "كوثائق تاريخية لا مثيل لها، ورمز للسلطة"، حسب ما ذكرته بامطرف.
وخلال المعرض، سيتمكن المرء من التعرّف على الأشكال المبكرة للعملات التى تم توزيعها قبل "ولادة" أول عملة ذهبية، بحسب تعبير بامطرف، وهى الدينار، ويتضمن المعرض أكثر من 330 قطعة نقدية، وهى تأتى من جميع أنحاء العالم الإسلامى المبكر، إضافةً إلى أجزاء من أوروبا.
ويتراوح تاريخ تلك القطع إلى فترة ما قبل الإسلام، والأيام الحديثة للإسلام، وهى تمتد على مدى ألفين عام، وفقاً لما قاله أمين المعرض الحاصل على دكتوراه فى علم العملات من معهد فيينا، آلان بارون.
وعند سؤاله عن أبرز العملات الموجودة فى المعرض، أشار بارون إلى قطعة نقدية من دمشق من فترة الخلافة الأموية، وتُظهر هذه القطعة أول مرة يتم فيها نقش محراب على عملة معدنية، وهى تُعد "عملة نادرة للغاية وذات أهمية تاريخية"، وفقاً لما قاله بارون.
وأشار بارون، أيضاً، إلى عملة أخرى من الخلافة الأموية توثق أول ظهور للغة العربية على عملة ذهبية، وشرح بارون: "تُعد العملة نادرة بشكل لا يصدق نظراً لتصميمها الذى يتضمن بعض الأشخاص، وهى صور محظورة تقليدياً فى الإسلام".
ويبدأ المعرض، الذى يتمحور مفهومه حول التسامح، من عصور ما قبل الإسلام، ليعرض العملات التى تم تداولها قبل انتشار الإسلام، ثم يسلط الضوء على صنع أول قطعة نقدية إسلامية، ويبين هذا القسم كيفية تصميم العرب لعملاتهم المبكرة قبل إبعاد أنفسهم عن الأيقونات المسيحية لصنع أول عملة إسلامية بحتة.
وحرص المعرض أيضاً على توضيح قوة السلالتين الأموية والعباسية، فيما تتجلى العديد من الجوانب المألوفة من الثقافة العربية التقليدية فى العديد من القطع النقدية المعروضة، الإسلامية منها والأوروبية، مثل فن الصقارة، والإبل.
وقال بارون: "يُظهر المعرض أيضاً أقدم العملات التى صُنعت فى مكة، وهى المدينة الأكثر قدسية فى العالم الإسلامى، إضافةً إلى عدد من العملات النادرة للغاية التى صُنعت فى الحجاز، والتى تشكل اليوم المملكة العربية السعودية، أثناء القرن ذاته الذى عاش فيه النبى محمد".
ويستمر معرض "النقود الإسلامية - تاريخ يُكشف" من 28 يناير إلى 28 أبريل، ومن الجدير بالذكر أن المعرض يُقام تحت رعاية رئيسة الاتحاد النسائى العام، ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، الشيخة فاطمة بنت مبارك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة