محمود درويش ليس صوتا شعريا واحدا.. كيف طور الشاعر قصائده؟

الجمعة، 13 مارس 2020 02:00 م
محمود درويش ليس صوتا شعريا واحدا.. كيف طور الشاعر قصائده؟ الشاعر الراحل محمود درويش
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى ميلاد الشاعر الكبير محمود درويش، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب، الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، كما يعد درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، وخلال السطور المقبلة نستعرض  كيف استطاع الشاعر محمود درويش في تطوير شعره كما جاء في كتاب "محمود درويش الغريب يقع على نفسه.. قراءة في أعماله الجديدة" لعبده وازن.

ويقول عبده وزان: لا يعنى اختيار محمود درويش عنوان "الأعمال الجديدة" للدواوين الأخيرة التى أصدرها تباعًا، أن أعماله السابقة أضحت "قديمة" فالتحول الذى طرأ على شعره فى مرحلة الثمانينيات وخصوصًا مع ديوان "هي أغنية، هي أغنية" وما بعده، حمل الكثير من الجديد شعريًا ولغويًا، ولا يمكن وصف هذا التحول إلا انطلاقًا من دواوين سابقة مثل "ورد أقل" و"أحد عشر كوكبًا" وسواهما.

غلاف محمود درويش الغريب يقع على نفسه
غلاف محمود درويش الغريب يقع على نفسه

 

ويقول عبده وزان، قد تكون المرحلة الأولى مرحلة "قديمة" نظرًا إلى العلاقة الشعرية المباشرة بالقضية الفلسطينية التي كان محمود درويش واحدًا من أبرز شعرائها. حينذاك كانت القصيدة تتباهى بالتزامها السياسى مخاطبة "الجمهور" ومحرضه إياه على النضال. وترافقت هذه القصيدة مع نشوء الكفاح المسلح وأضحت المعادل الشعرى له، تمتدح البطولة والحماسة وتدعو إلى الشهادة فداء للأرض المسلوبة. وإطلاق صفة "القديمة" الآن على دواوين درويش الأولى "أوراق الزيتون، عاشق من فلسطين، آخر الليل" يعنى أكثر ما يعنى انها دخلت "تاريخ" المقاومة من باب القصيدة وذاكرة "الجماعة" شعريًا، علاوة على أنها تمثل "بدايات" محمود درويش حين كانت "شعريته" طرية العود، فطرية وتلقائية. حينذاك كان الموقف الشعرى رد فعل على الموقف الوطنى وعلى المآسى المتعددة، وكانت القضية تسبق الشعر وتصنعه وكان الشعر دومًا وراءها، يتأثر بها أكثر مما يؤثر فيها.

وأوضح كتاب "القراءة الكاملة في أعمال محمود درويش"، تبدو "الأعمال الجديدة" حديثة لا في المفهوم الزمنى فحسب وغنهما شعريًا أيضًا، غنها أعمال جديدة في المعنى "الحداثوى" كذلك، كونها لا تتوانى عن ترسيخ "حداثة" محمود درويش التي لا تشبه أي حداثة أخرى، لا حداثة بدر شاكر السياب ولا أدونيس ولا أنسى الحاج ولا سعدى يوسف، على أن محمود درويش ما زال يصر على كتابة قصيدة التفعيلة ولكن محررًا إياها من إرثها الثقيل ورتابتها المضنية، بل مازحًا بينها وبين "فضاء" قصيدة النشر من غير أن ينحاز إلى الأخيرة انحيازًا شكليًا أو تقنيًا. ولعل الخصال التي تتميز بها قصيدة درويش الجديدة هي إيقاعية في ناحية منها.

ويشير عبده وازن، فالإيقاع لدى محمود درويش تخطى النظام التفعيلى المغلف مازجًا بين الإيقاع الداخلى الذى يصنعه تجانس المفرادات والحروف والتقفية الداخلية، والإيقاع الخارجي الذى تصنعه التفاعيل والقوافى.

وأكد عبده وازان، أن محمود درويس راح منذ الثمانينيات يتحرر من "الإرث" الوطنى والقومى الذى ألقى على عاتقة في صفته شاعر فلسطين أو شاعر القضية، كما أطلق عليه، لكنه كلما كان يتحرر من ذلك الإرث كان يبدو أكثر قربًا منه، فالقضية التي كانت ماساة الجماعة أصبحت أيضًا مأساة الفرد، والمأساة التاريخية أضحت كذلك مأساة ذاتية، أما شاعر فلسطين فأصبح شاعر الوجود الذى لن يتخل عن مأساته الشخصية، وشاعر الأرض والقضية أصبح شاعر الإنسان في يأسه ورجائه، في انتمائه ولا انتهائه، واصبح أيضًا الشاعر  الحالم والرائى، المألوم والمجروح، والباحث أبدًا في عتمة اللغة عن ضوء ساطع.

ورأى كتاب "قراءة في أعمال محمود درويش"، أنه يصعب فعلا تسمية محمود درويش "شاعر فلسطين" او شاعر القضية أو الأرض وسواها مما أطلق عليه من كنايات وصفات. أصبح الشعر أبعد من القضية التي انطلق منها وحملها في روحه، أصبح في مقدم القضية بعدما كان وراءها، ولم يعد يحتاج إلى أن يحتمى بها ليقدم نفسه، لكنه لم يتخل عهنا حتى في اشد القصائد نأيا وتعربًا واغترابًا، فهى أضحت بمثابة الجوهر الكامن في عمق التجربة الشعرية والإنسانية على السواء.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة