حالة من الهلع أصابت العالم جراء تفشى فيروس «كورونا»، والذى انطلق من إقليم ووهان الصينى، لينتشر بعد ذلك متجاوزا المحيطين الوطنى والإقليمى، إلى نطاق عالمى واسع، ممتدا إلى مناطق أخرى من العالم، من آسيا إلى منطقة الشرق الأوسط، ومنها إلى أوروبا والولايات المتحدة، لتتساوى أمامه دول العالم، بمختلف تصنيفاتها، سواء كانت نامية أو متقدمة، فى الوقت الذى مازال فيه الحديث مرتبكا حول ما إذا كان هناك علاج يمكنه مجابهة المرض القاتل، أم أن الأمور مازالت معقدة للوصول إلى نتائج كبيرة فى هذا الإطار.
إلا أن تداعيات الفيروس القاتل ربما لا تقتصر فى أبعادها على الجانب الصحى، وحالة الهلع المترتبة عليه، وإنما تمتد فى أبعادها إلى ما يمكننا تسميته بـ«خريطة النظام الدولى الجديد»، فى ظل صعود العديد من القوى الجديد، وسعيها نحو تدشين عالم جديد متعدد الأقطاب، بعدما نجحت الولايات المتحدة فى الهيمنة كقوى وحيدة، فى إطار نظام أحادى القطب، منذ نهاية الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفيتى فى التسعينات من القرن الماضى.
ولعل الحديث عن العلاقة التى تربط بين انتشار الفيروس والنظام العالمى الجديد، يرتبط بالعديد من القضايا، ربما فى ظل توقيته، المتزامن مع الحرب التجارية بين الصين، والتى تعد بؤرة المرض، والولايات المتحدة، التى اندلعت مع صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى عرش البيت الأبيض، فى يناير 2017، على خلفية اختلال الميزان التجارى بين البلدين، لصالح بكين، ودعوات واشنطن لاستعادة التوازن، بالإضافة إلى تأثيره على العديد من القوى الدولية والإقليمية المؤثرة فى صناعة القرار الدولى، على غرار أوروبا وإيران.
حالة الذعر جراء انتشار كورونا تفاقمت بصورة كبيرة، بعد الحديث عن إصابة شخصيات دولية مؤثر، من بينهم قطاع كبير من المسؤولين فى النظام الإيرانى، وهو ما أدى إلى وفاة بعضهم، بالإضافة إلى ما أثير حول إصابة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وهو الأمر الذى منعه من المشاركة فى بعض الفعاليات بعد ذلك، إلا أن تقارير صادرة عن الفاتيكان أكدت أن البابا لم يصاب بالفيروس، وإنما كان يعانى من «نزلة برد» عادية.
ولعل «كورونا» قد أصبح بمثابة الشبح الذى بات يطارد ملايين البشر حول العالم، فى ظل ملاحقته لكبار المسؤولين الدوليين، فى الوقت الذى أثار فيه الذعر بين العديد من الحكومات.
وهنا تصبح معضلة «كورونا» متشعبة الأبعاد، بين تغيير حقيقى فى الخريطة الدولية، فى ظل صعود لقوى دولية، وتراجع أخرى على الساحة العالمية من جانب، وكذلك تدفع نحو تغيير فى خريطة العديد من الأقاليم، على غرار الشرق الأوسط.
القوى الكبرى قد تحتاج لتعميم «التجربة الصينية» لمجابهة المخاطر
تعد الصين أحد أبرز القوى التى تأثرت بالفيروس القاتل، خاصة أنها تمثل بؤرة الانتشار، والتى اندلعت من إقليم ووهان، لينتقل منه ليس فقط إلى باقى الأقاليم الصينية، وإنما متجاوزا الحدود إلى العديد من المناطق الأخرى حول العالم، حيث أنه لم يقتصر فى نطاقه مجرد المحيط الإقليمى لبكين، فى القارة الآسيوية، وإنما امتد إلى أوروبا والشرق الأوسط، وحتى الولايات المتحدة، ليصبح الفيروس بمثابة بالونة اختبار للحكومة الصينية، حول مدى قدرتها على التعامل مع الأزمة، فى إطار الخطوات التى تتخذها استعدادا لاحتلال صدارة المشهد الدولى، ومزاحمة الولايات المتحدة.
ولعل التزامن بين انتشار الفيروس والصراع التجارى بين الولايات المتحدة والصين، يمثل فارقة مهمة جديرة بالملاحظة، فى ظل التداعيات الاقتصادية الكبيرة للأزمة على الصين، خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار العديد من الأبعاد أبرزها الإجراءات الاحترازية المرتبطة بانتقال الأشخاص والبضائع من الأراضى الصينية إلى الدول الأخرى، وبالتالى فإن كورونا أصبح بمثابة تهديد صريح للنمو الاقتصادى الذى تحققه بكين، والذى يفتح الطريق أمامها للقيام بدور أبرز على الساحة الدولية فيما يتعلق بالعديد من القضايا، سواء فى محيطها الآسيوى، أو حتى على الساحة العالمية.
انتشار الفيروس وانطلاقه من الأراضى الصينية كان يمثل فرصة مهمة للجانب الأمريكى، لممارسة الكثير من الضغوط على بكين، سواء عبر التنصل من الالتزامات الأمريكية المنصوص عليها فى الاتفاق المبدئى بين البلدين فى يناير الماضى، أو من خلال الحصول على أكبر قدر من التنازلات من الحكومة الصينية، خلال المراحل المقبلة من المفاوضات بين البلدين، التى ستتطرق إلى قضايا أكثر تعقيدا، وعلى رأسها قيمة العملة الصينية «اليوان»، حيث تتهم الإدارة الأمريكية نظيرتها فى بكين بالتلاعب بالعمل من أجل إغراق الأسواق بمنتجاتها، وهو ما ساهم فى الإخلال بالميزان التجارى.
إلا أن الأداء الصينى فى التعامل مع الأزمة فاق التوقعات إلى حد كبير، حيث تحولت مؤخرا من كونها مصدر انتشار الفيروس، إلى أكثر الدول نجاحا فى احتوائه، وهو الأمر الذى تجلى بصورة كبيرة فى قرار السلطات الحاكمة بإغلاق مستشفى «ووهان» المؤقت، الذى دشنته بكين فى غضون أيام معدودة، مع بداية الأزمة، فى إشارة صريحة للنجاح الباهر الذى تمكنت الحكومة الصينية فى تحقيقه، عبر الخروج مما يسمى بـ«دائرة الخطر»، فى الوقت الذى تعانى فيه دولا أخرى، لديها من الإمكانات الكبيرة ما يؤهلها لمجابهة الأزمات، من تفشى المرض القاتل، حتى أنها اتجهت إلى إغلاق أقاليم بأكملها، على غرار إيطاليا، التى تعد أحد أبرز القوى فى القارة العجوز.
النجاح الصينى فى احتواء «كورونا» لم يقتصر على مجرد احتواء أزمة عابرة، وإنما يحمل فى جوهره انتصارا دوليا، على خصومها، الذين سعوا بدورهم إلى استغلالها لفرض المزيد من الضغوط عليها، فيما يتعلق بالقضايا الخلافية، على غرار الحرب التجارية الراهنة، بين واشنطن وبكين، التى بدأت منذ اعتلاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عرش البيت الأبيض، فى 2017، على خلفية اختلال التوازن التجارى بين البلدين.
إلا أن الملفت فى الانتصار الصينى، ليس فقط فى الخطوات الواسعة التى تحققت لاحتواء الفيروس القاتل، وإنما انتقاله «الجنونى» نحو خصومها، سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة، والذين قد يجدون أنفسهم بحاجة إلى الاستعانة بالتجربة الصينية، هو ما يعنى زيادة كبيرة فى نطاق التأثير لبكين، على حساب منافسيها الدوليين، الذين كانوا يخططون لاستخدام «كورونا»، لإجهاض قصة الصعود التى بدأت منذ سنوات، عبر النمو الاقتصادى الكبير من جانب، ودورها السياسى المتنامى فى العديد من القضايا الدولية من جانب آخر.
الصين نجحت فى لفت الانتباه العالمى إليها كقوى دولية عبر التعامل مع الأزمة الكبيرة التى لحقت بها، بعدما توقع الكثيرون أنها ستكون النهاية بالنسبة لها، لتقدم درسا جديدا فى الكيفية التى يمكن بها إدارة الأزمات، وتحويلها إلى فرص يمكن استخدامها، لتحقيق الطموحات الكبيرة فى المستقبل.
«كورونا» يهدد الاتحاد الأوروبى
وفى الوقت الذى تحقق فيه الصين نجاحات كبيرة، فى احتواء الفيروس القاتل، يبدو الهلع مهيمنا على العديد من المناطق الأخرى من العالم، وعلى رأسها أوروبا، وخاصة بعدما انتشر فى أجزاء من القارة العجوز، وعلى رأسها أوروبا، بالإضافة إلى الارتفاع الملموس فى حالات الإصابة فى الولايات المتحدة، وهى الدول التى اعتاد العالم على تصنيفها فى قائمة «دول العالم الأول»، التى لديها من الإمكانات ما يمكنها من مجابهة مثل هذه الأخطار، لتثور التساؤلات حول ما إذا كان العالم فى مرحلة «ما بعد كورونا» سوف يختلف عما قبلها.
فلو نظرنا إلى النموذج الأوروبى، نجد أن تداعيات الفيروس القاتل لا تقتصر على مجرد الأبعاد الصحية المترتبة عليه، وإنما تمتد بصورة كبيرة إلى خريطة القارة العجوز فى المرحلة المقبلة، عبر العديد من الإجراءات، سواء تلك التى تم اتخاذها، أو المنتظرة، والتى تتعلق بشكل مباشر بالمستقبل السياسى لأوروبا، فى ضوء العديد من القرارات المتعلقة بمنع استقبال مواطنى إيطاليا، التى تعد بمثابة البؤرة الأوروبية لتفشى كورونا، وهو ما يمثل انقلابا صريحا على قواعد الاتحاد الأوروبى.
ويبدو أن عددا من دول القارة بدأت بالفعل اتخاذ إجراءات، وعلى رأسها النمسا، والتى منعت القطارات القادمة من إيطاليا دخول أراضيها، بينما كان الحديث عن نظام «شنجن» برمته محورا للحديث داخل أروقة الحكومة الإيطالية، وإن كان رئيس الوزراء جوزيبى كونتى آثر تأجيل أى خطوة فى هذا الإطار، وهو ما يعكس أن الأمر ربما يكون مطروحا فى المستقبل القريب، حال عدم نجاح السلطات الحاكمة فى القارة العجوز على احتواء الأزمة.
ولعل الحديث عن منع الانتقال الحر بين مواطنى القارة، وإن كان لأهداف تتعلق بالوقاية من «كورونا»، يعد بمثابة خطوة كبيرة نحو العودة إلى ما يمكننا تسميته بـ»حقبة الحدود الوطنية»، والتى قوضها قواعد أوروبا الموحدة، عبر ما يطلق عليه «فيزا شنجن»، وهو ما يمثل انتصارا جديدا لتيارات اليمين المتطرف فى المرحلة الراهنة، والتى بزغ نجمها بصورة كبيرة فى السنوات الأخيرة فى دول المعسكر الغربى، منذ صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى عرش البيت الأبيض، فى يناير 2017، بالإضافة إلى النجاحات الكبيرة التى حققها حلفائه اليمينيون فى العديد من الدول الحليفة.
وتعد مسألة الهجرة، أحد أهم الأولويات لدى تيارات اليمين المتطرف، سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة، حيث كان التدفق الكبير للمهاجرين إليها بمثابة «الكابوس»، الذى سعوا إلى مطاردته، سواء بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة باحتمالات تسلل عناصر إرهابية إلى داخل تلك الدول، وبالتالى تنفيذ عملياتهم فى قلبها، أو على خلفية الأزمات الاقتصادية، والتى ارتبطت إلى حد كبير بانتقال مواطنى دول أخرى ومزاحمة المواطنين الأصليين فى فرصهم الاقتصادية.
ففى أوروبا، نجد أن انضماما عدد من دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبى، كان سببا رئيسيا فى زيادة نسبة البطالة فى دول الجانب الغربى من القارة العجوز، حيث كانت فرصة الانتقال الحر سببا فى ظهور عمالة بأسعار أرخص، إذا ما قورنت أجورهم بالمواطنين الأصليين، وبالتالى كانت الأولوية للمهاجرين على حسابهم فى سوق العمل.
وهنا كانت التحديات المتراكمة سببا فى حالة من الغضب لدى قطاع كبير من المواطنين فى العديد من الدول الأوروبية، مما دفعهم إلى التعبير عن ذلك، عبر الصناديق أولا من خلال التصويت للتيارات اليمينية، ثم بعد ذلك من خلال إطلاق المظاهرات الغاضبة، والتى شهدت موجات عنف غير مسبوق، على غرار احتجاجات «السترات الصفراء»، فى فرنسا.
التزامن بين تفشى فيروس كورونا، والتحديات الأمنية والاقتصادية سالفة الذكر، يساهم بصورة كبيرة فى إضعاف سياسة الحدود المفتوحة، التى طالما انتهجتها أوروبا لعقود طويلة من الزمن، تحت إطار الاتحاد الأوروبى، وبالتالى فإن الفيروس يعد بمثابة مسمار جديد فى «نعش» أوروبا الموحدة، خاصة وأنه جاء بعد وقت قليل من «الطلاق» الرسمى بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى «بريكست»، والذى دخل حيز النفاذ فى يناير الماضى، وبالتالى ربما يمثل فرصة مهمة لدعاة الانفصال عن أوروبا لتعزيز دعواتهم فى المستقبل القريب إلى العودة إلى الجذور الثقافية والسياسية التى تميزهم، بعدما توارت خلف أوروبا الموحدة لعقود طويلة من الزمن.
لم يقتصر نطاق الفرصة التى يمثلها «كورونا»، على تيارات اليمين الأوروبى، وإنما امتد إلى خصوم أوروبا الموحدة من الخارج، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والذى يبقى أكثر المؤيدين لتفكيكها، وذلك فى إطار رغبته فى تقويض فرصة القارة العجوز فى مزاحمة الولايات المتحدة على قمة النظام الدولى فى المستقبل، ليتحول الفيروس القاتل إلى اختبار حقيقى لقوة أوروبا ومدى قدرتها على الصمود، ليس فقط فى حماية صحة مواطنيها، وإنما على البقاء فى مواجهة التحديات.
تحالفات جديدة من رحم «كورونا»
تداعيات كورونا لم تقتصر على تعزيز مكانة الصين باعتبارها إحدى القوى الدولية المؤثرة، أو التشكيك فى قدرات قوى أخرى، طالما نظر إليها العالم باعتبارها المهيمنة على النظام الدولى، وإنما امتدت إلى خلق أبعاد جديدة للسياسة الدولية، عبر تغيير طبيعة التحالفات الدولية، بل وإيجاد مفهوم جديد للدبلوماسية، فى إطار ما يمكننا تسميته بـ»التضامن الدولى»، وهو ما يبدو واضحا فى العديد من التطورات التى تشهدها الساحة العالمية فى الأيام الماضية.
فلو نظرنا إلى الصين، نجد أن اندلاع الفيروس من أراضيها، خلق فرصة مهمة لها، خاصة بعد نجاحها فى احتوائه، لتقدم يد المساعدة لدول أخرى، ربما تخلت عنها حلفائها، سواء فى محيطها الإقليمى، أو فى دول أخرى، مما ساهم ليس فقط فى تعزيز مكانتها على المستويين الدولى والإقليمى، وإنما أيضا فى تشكيل خريطة جديدة للتحالفات الدولية فى ظل صراع النفوذ المحتدم بين الولايات المتحدة، والتى تسعى للاحتفاظ بمكانتها فى صدارة النظام الدولى، والقوى الأخرى التى تسعى لمزاحمتها، وعلى رأسها الصين وروسيا.
الولايات المتحدة، من جانبها، تبنت نهجا يحمل فى طياته تخليا عن الحلفاء، سواء فى آسيا أو أوروبا أو مناطق أخرى فى العالم، وهو الأمر الذى لم يرتبط فقط بأزمة «كورونا»، وإنما يرجع إلى ما قبل ذلك، وتحديدا مع صعود الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، قبل أكثر من 3 أعوام، عبر إجراءات تجارية استهدفت الحلفاء، قبل الخصوم، حيث استهدفت الإدارة الأمريكية حلفائها فى أوروبا الغربية وآسيا بإجراءات جمركية على صادراتهم القادمة إلى أراضيها، وهى الإجراءات التى ساهمت بصورة كبيرة، فى النيل من اقتصادات تلك الدول.
النهج الأمريكى المناوئ للحلفاء لم يقتصر على الإجراءات الاقتصادية، وإنما امتد إلى الجانبين السياسى والأمنى، فى ضوء التهديدات الأمريكية المتواترة بالتخلى عن الناتو، وتغيير توجهاته وأولوياته فى المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى مساعى واشنطن لتفكيك الاتحاد الأوروبى، وغيرها، وهو الأمر الذى ساهم بصورة كبيرة فى توتر العلاقة بين أمريكا وحلفائها فى السنوات الماضية، وبالتالى توجهها نحو البحث عن حلفاء جدد يمكن الاعتماد عليهم فى مواجهة التحديات المحدقة بهم.
التحول نحو حلفاء جدد تجلى بوضوح، منذ ما قبل تفشى الفيروس القاتل، حيث بدا واضحا فى التقارب بين أوروبا وروسيا، فيما يتعلق بالتعاون فى مجال الطاقة، بل وامتد كذلك إلى الجانب الأمنى، عبر الاعتماد عليها، ولو جزئيا فى سوريا، لمنع تدفق المزيد من اللاجئين، فى ظل سياسات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والقائمة على تصدير أزمة اللاجئين لأوروبا، فى إطار الابتزاز التركى للقارة العجوز فى الأشهر الماضية، لدفعها نحو الدخول على خط الأزمة فى سوريا.
إلا أن أزمة «كورونا» ربما تمثل حلقة جديدة مما يمكننا تسميته بمسلسل «تشتت حلفاء واشنطن»، خاصة مع التوجه نحو الاعتماد على الصين فى تعزيز الإجراءات التى تتبناها العديد من دول العالم لمجابهة الفيروس القاتل فى المرحلة المقبلة، سواء بين الدول الآسيوية، وعلى رأسها كوريا الجنوبية واليابان، واللذان يعدان بمثابة الحلفاء التاريخيين لأمريكا فى القارة الصفراء، أو حتى فى أوروبا، فى ظل ما أعلنته وكالات الأنباء مؤخرا حول تنسيق بين روما وبكين، للحد من تأثير الأزمة التى أصبحت بمثابة «كابوس» يؤرق حياة الإيطاليين.
ومن رحم «كورونا»، يتجلى بعدا جديدا للدبلوماسية الدولية، يمكننا تسميته بسياسة «التضامن الدولى»، التى تمثل انعكاسا للجانب الإنسانى، ولكنها تحمل فى طياتها طبيعة برجماتية بحتة، فى ظل مقارنة المواقف الدولية تجاه الأزمة، ففى الوقت الذى تتجاهل فيه الولايات المتحدة القيام بدورها كقوى دولية مهيمنة على النظام الدولى، فى حماية العالم من المخاطر، تبدو قوى جديدة قادرة ولديها الاستعداد التام للقيام بهذا الدور لتقدم نفسها كقوى مؤثرة، وذلك بالتزامن مع انطلاق العالم نحو حقبة جديدة.
وهنا يمكننا القول بأن فكرة التضامن الدولى فى ظل الأزمة الراهنة، تمثل مدخلا مهما لتوطيد التعاون.أو الاقتصادى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة