كمية الأمطار التى سقطت على مصر خلال يومين تتجاوز حجم الأمطار فى أى فترة، فضلا عن أنها تسقط فى وقت وبكميات غير معتادة، ويفسر بعض خبراء المناخ هذا بأنه نتيجة للتغيرات المناخية فى العالم كله، وأن المنخفضات والرياح السريعة لم يسبق لها أن هاجمت مصر بهذه الضراوة، بينما يرجعها البعض إلى كونها أمطارا طبيعية ترتبط بالنوات الطبيعية وغيرها من الظواهر المعتادة، وإن كانت تتوسع، لكن خلال السنوات الأخيرة بالفعل تشهد مصر تغييرا فى طقسها المعتاد، فلم يعد بالضبط حار جاف صيفا ولا دافئ ممطر شتاء، وإنما ترتفع الرطوبة فى الصيف مع الحرارة وتتزايد فرص سقوط الأمطار.
ربما تكون مصر بحاجة إلى تغيير نمط تعاملها مع الأمطار، ليس فقط فيما يتعلق بتصريف الأمطار لكن أيضا فى حجم الاستفادة من هذه الكميات الضخمة من مياه المطر التى يفترض أن تضاف إلى مخزون مصر المائى، سواء الخزان الجوفى، أو سدود وبحيرات صناعية لاستيعاب مياه السيول فى المحافظات الحدودية أو غيرها، وبالفعل هناك عدوة مشروعات لتخزين مياه السيول والأمطار فى سيناء والغردقة، ويمكن الاستفادة من هذه المياه فى المدن الجديدة لاستعمالها فى الزراعة والأغراض المختلفة، وحسب تقارير الرى والإسكان فقد تلقت الإسكندرية وحدها 5 ملايين متر مكعب من مياه الأمطار هذه المرة، وملايين أخرى تساقطت على أنحاء مصر وهى كميات يمكن أن تمثل مصدرا مهما لزراعة بعض المناطق الصحراوية إذا ما أحسن توجيهها.
نقول هذا خاصة أن الدولة تتوسع خلال السنوات الأخيرة فى مشروعات زراعية وصناعية وصوبات تحتاج إلى مياه يمكن توفيرها من خلال مشروعات مخططة لتلقى وتوزيع مياه الأمطار الغزيرة التى نتلقاها، خاصة ونحن نتحدث عن أهمية ترشيد استخدامات المياه بشكل عام، وليس ارتباطا بسد النهضة أو غيره، لأن نصيبا من مياه النيل ثابت منذ كان عدد السكان 30 مليونا، وتضاعف السكان أكثر من ثلاث مرات، يحتاجون إلى المياه بكميات مضاعفة، وربما تكون فرصة استغلال الأمطار مهمة لتعويض العجز المائى.
وبالفعل هناك محطات لتحلية المياه فى محافظات البحر الأحمر وسيناء وغيرها، عمليات توسعة وتقوية لسدود السيول، ونتوقع مع نجاح الحكومة بدرجة كبيرة فى إدارة أزمة الأمطار الأخيرة أن تكون هناك تحركات لعلاج العيوب الموجودة فى بعض مناطق القاهرة الجديدة، التى تعانى من عيوب منذ إنشائها فى التسعينيات، بينما الأحياء الأحدث مثل الأسمرات أو السيدة التى تستوعب سكان العشوائيات السابقين صمدت بشكل كبير، مثل العاصمة الإدارية بما يعنى أهمية التخطيط والتأسيس بناء على قواعد البناء الطبيعى، وربما لا يكون صعبا على خبراء التخطيط أن يجدوا حلا لهذه العيوب فى القاهرة الجديدة وغيرها، مع حلول لاستغلال مياه الأمطار.
وإذا كنا رأينا إدارة جيدة لأزمة الأمطار من قبل الحكومة وأجهزة الدولة، منذ الإعلان عن توقعات الطقس، ورأينا آلاف العمال فى شوارع القاهرة والمحافظات يعملون لإزالة آثار الأمطار التى تجاوزت قدرات شبكات الصرف، وهؤلاء العاملون يستحقون التقدير، معهم كل من تطوع بجهد لإنقاذ أو إغاثة المحاصرين أو من تقطعت بهم السبل، سواء كنائس أو مطاعم.
وهناك بعض العيوب التى ظهرت وتحتاج لعلاج حاسم، منها وجود بعض أعمدة الكهرباء غير مؤمنة بما أدى الى مصرع عدد من المواطنين بسبب الكهرباء ووصولها للمياه، واضطرت وزارة الكهرباء الى فصل التيار من الشوارع، لتلافى هذا، ويفترض إطلاق خطة من الكهرباء لإنهاء الأسلاك أو الأعمدة المكشوفة ومواجهة خطرها، حتى نبنى على نجاح إدارة الأزمة ومواجهة تحولات طبيعية صعبة وغير معتادة.