للوهلة الأولى، قد تبدو لقطات هذه المصورة المكسيكية التى تجسد قصصًا لحياة الشعوب الأصلية فى المكسيك، مريبة إلى حدٍ ما، إلا أنها تحمل الكثير من ثقافة مجتمعات المكسيك المهمشة، من منظور عاطفى معقد، ومثلما تضفى تركيباتها بالأبيض والأسود قوة على صورها للأفراد، فإن لقطات المصورة جريسيلا إيتوربيديز تبجل، تُعتبر بمثابة رموز سرية وفانية للهوية المكسيكية، ومن بينها نبتة صبار شاهقة، وممتلكات الرسامة المكسيكية الشهيرة، فريدا كاهلو.
وتقدم سلسلة إيتوربيديز، التى تحمل عنوان "Graciela Iturbide's Mexico"، والمعروضة بالمتحف الوطنى للنساء فى الفنون فى العاصمة واشنطن، بوابة عاطفية إلى موطن إيتوربيديز من خلال 140 صورة التقطت على مدى 50 عاماً.
وتصف الفنانة البالغة من العمر 77 عاماً، لشبكة "CNN" الإخبارية، إنها ترى الأشياء جميلة عندما تمس قلبها، إذ تراها عيناها بينما يقوم قلبها بالتقاط الصور، وتقول إيتوربيديز: "لا أعرف ما إذا كان عملى جيداً أم سيئاً. هذا أمر يقرره الجمهور".
وتأتى لقطات إيتوربيديز القوية عن المكسيك فى الوقت الذى أصبح شعبها موضع نقاش سياسى مكثف عبر حدودها مع أمريكا، حيث يواصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بذل الجهود لتقسيم وتحصين تلك الحدود بجدار مهيب.
وقالت المنسقة المساعدة فى متحف، أورين زهرة، إنها تعتقد أن صور إيتوربيديز تضفى طابعاً إنسانياً على المكسيكيين فى وقت يتم فيه تصويرهم وقفاً لصور نمطية سلبية، ويركز جزء من معرض المصورة على مجتمعات السكان الأصليين فى جميع أنحاء المكسيك، والتى غالباً ما يتم التغاضى عنها.
ومن بين المعروضات نرى صورة رمزية فى لقطة المصورة، تحمل عنوان "Nuestra Señora de las Iguanas"، أى سيدة الإجوانات"، من عام 1979، وهى لامرأة من السكان الأصليين تضع تاجاً من جنس زواحف الإجوانة الحية، لتبيعها فى السوق.
وتجسد هذه اللقطة روح النظام الأمومى فى المجتمع، وقد حازت على إعجاب عالمى وحصدت العديد من الجوائز، وبعد مرور 4 عقود، تظل تلك الصورة رمزاً للنضالات السياسية المتعددة، من بينها التحرير النسائى، والسيادة الأصلية، والعدالة الاجتماعية، وبالنسبة إلى إيتوربيديز، فإن عملية التصوير تمثل التبادل بين المصور والشخصيات، وهى تؤمن بالحفاظ على الاحترام مع شخصياتها وعادة ما تعيش داخل المجتمعات التى تصورها.
وتعرض الصور شخصيات واثقةً من هويتها، ولكنها أيضاً تتحدث عن المجتمع التقدمى الذى يقبل ثقافتها. كما تعد فرصة نادرة لمشاهدة ثقافة مزدهرة وفخورة يتم التغاضى عنها فى كثير من الأحيان من قبل التيار الرئيسى.