سجل سيل وادى العريش بشمال سيناء لأول مرة فى تاريخه الوصول إلى البحر المتوسط 3 مراتٍ خلال 6 شهور، متجاوزا سدودا تم إنشاؤها، وحواجز تستهدف حجز ما يمكن من مياه تتجمع من أعالى وسفوح جبال وسط سيناء، وتتخذ مساراتها عبر أودية تصب جميعها فى وادى العريش، وصولًا للبحر المتوسط على ساحل سيناء الشمالي.
على "جسر الوادى" المبطن بالصخور لعدم تسرب المياه، كان "أحمد عبد المجيد" 62 سنةً، يجلس وعينه على زراعات قمح وأحواض جرجير، تتسلل خلالها مياه السيل بلونها الجبلى الداكن، قائلاً وهو يتحدث لآخر عبر الهاتف: "السيل وصل، والحمد لله ميه خفيفه بتسقى الزرع".
كان هذا الرجل من بين آخرين ينتشرون على مسار الجسر، يترقبون لحظة وصول السيل لمدينة العريش، فى تقليد متوارث اعتاد عليه سكان مدينة العريش، فهم مع قدوم كل سيل يصطفون على جانبيه يحييون وصوله، ويتأهبون لتقديم الخدمة لمن يحتاجها من المضارين .
وقال أحمد عبد المجيد، لـ"اليوم السابع" أنه من مزارعى وادى العريش، حيث أرض يتوارثون زراعتها سنويا بمحاصيل موسمية هى القمح والشعير والخضروات، ويحضر لهم سكان المدينة لشرائها.
وأضاف أنه يتابع وصول السيل بعد أن سبقه بجمع كل معداته الزراعية من مزرعته حتى لايجرفها السيل، وأما الزراعات فجرفها أو بقاؤها نصيب.
وذكر أحمد أنه طوال عمره الذى عاشه ومن قبله أجداده، لم يحدث أن وصل السيل لمدينة العريش خلال فترة لاتتجاوز 3 شهور، لافتا إلى أن وصول السيل هذه الأيام متعة وقبل ذلك كان نقمة، حيث الآن تم إنشاء مسار محكم لجسر من الجانبين يمنع فيضانه على البيوت من الجانبين .
واستطرد: كان أصعب سيل شاهده فى حياته بوادى العريش فى عام 1978 عندمًا وصل ارتفاعه ل12 متر وقتها فقد منزله والأهالى وفقدت مراكب صيد ومزارع وغرق اشخاص واستمر 15 يرم متواصله .
اضاف انه فى عام 2010 وصل السيل بارتفاع 6 متر وسبب خسائر وكان منبه لإقامة منشأت إفادتنا الان وهى جسور وكبارى وسدود .
واشارإلى انه وكل اهل العريش مهما يسبب لهم السيل من خسائر يعتبرونه خيرا، وأردف: "بعد كل سيل ناكل أحلى سمك سردينة" فى إشارة إلى أن اختلاط مياه السيل بالبحر تجلب غذاءً جيدا للأسماك .
وأكمل :أتمنى أن تعمم تجربة البدو فى حجز المياه بسدود رملية للاستفادة من الهدر فى البحر والأرض .
ووصل السيل لمدينة العريش عبر مجرى وادى العريش، مسجلا ثانى وصول له خلال عام، وتدفقت مياه السيول فى هدوء وصولا للبحر المتوسط دون أن تسبب أى اضرار.
وسبق وصول السيول قيام مزارعى خضروات برفع معداتهم من مزارعهم من مجرى الوادى، وسارع اهالى العريش رغم برودة الأجواء بالتجمع حول مجرى الوادى ومشاهدة جريان المياه القادمة من اعماق سيناء الوسطى وصولًا لساحلها الشمالى والتقاط صور تذكارية
وسبق فى 26 فبراير الماضى وصول سيل العريش، كما وصل السيل فى اكتوبر من العام الماضى دون أن يخلف اضرار، وسبق فى عام 2010 وصول سيول تسببت خسائر فى مدينة العريش .
وكان مجلس مدينة الحسنة بوسط سيناء فى بيان له إنه نظرا لزيادة كمية الأمطاروطول فترة التساقط، حدثت سيول من الدرجة المتوسطة.
وأوضح البيان أن السيول انحدرت من جبال يلج بمدينة الحسنة، مارا ببئر الدقاق، ويتابع سيره مارا بوادى أبو صويره، ثم يصب فى وادى الحسنة، ومسار سيل آخر عبر وادى المنبطح وادى الجايفه، ومسار سيل وادى المويلح ووادى العين، ومسار سيل وادى السيسب وتصب جميعها فى وادى العريش.
وشهد مجرى وادى العريش احتفالات محدودة من الاهالى بوصول السيول بتجمع اطفال وشباب وهم يشاهدون سيره بهدوء نحو البحر المتوسط .
وبدورها رفعت محافظة شمال سيناء حالة الاستعداد، ولم تتلق غرفة عمليات المحافظة أى شكاوى بوقوع أضرار.
وقال المهندس عاطف مطر وكيل وزارة الزراعة بشمال سيناء، انه لايعتبر وصول المياه للبحر هدر، فهى طوال سيرها تجدد المخزون من المياه خصوصا مع السحب الجائر لرى المزارع حول مجرى الوادى، اضافة لتغذية الثروة السمكية.
وقال سلمى الجميعانى، من اهالى سيناء، ان منطقة القريعة التى يمر السيل بجوارها شرق العريش، بها مساحات زراعية مترامية الأطراف املا ان يتم مستقبلًا وضع خطة حجز مياه السيل بجوارها لريها وتعظيم الاستفادة من الهدر من ثروة مياه السيل .
ويحتجز مياه وادى العريش سد رئيسى هو سد الرافعة أقصى جنوب مدينة العريش فى نطاق مركز الحسنة بوسط سيناء، واوضح المهندس مدحت فكرى مدير إدارة الحسنة الزراعية، انه يحتجز اكثر من 5 مليون متر مكعب مياه، لافتا لضرورة الاستفادة من هذه الثروة بتعظيم مشاريع الثروة السمكية .
وقال ابو اشتيوى ابو الوليد، من سكان وسط سيناء، مطلوب سرعة تكرار نموذج سد الروافعه على مسار وادى العريش وكافة الأودية لحجز مياه الأمطار والسيول واعادة توزيعها على مساحات زراعية جديدة تحتاج للمياه .
وتساءل: لماذا لاتحتجر هذه المياه فى خزانات، ثم تكرر، ويستعان بها كمياه شرب؟ داعيا جهات الاختصاص لأخذ مقترحه بجدية، لافتا إلى أن الدولة تتكلف أموالا طائلة لحفر آبار وإنشاء محطات تحلية.