فى مايو 2016، فاجأت صحيفة الجارديان البريطانية الجنسية قراءها بتقديم اعتذار عن موضوعات نشرها مراسلها السابق بالقاهرة، جوزيف مايتون، عن مصر ثبت أنها مفبركة وبلا أدلة. وحذفت جارديان تقارير والأكثر إثارة أنها حذفت مقالات رأى وهو أمر بدا مثيرا. اللافت للنظر أن الصحيفة التى سعت لغسل سمعتها التى مرغها مراسلها السابق لم تعلن التوبة عن سلوكها غير المهنى فى نشر تقارير ومعلومات مضروبة عن مصر.
الاعتذار بدا يومها لافتا لأن أغلب أسهم صحيفة «جارديان» مملوكة لقطر، وتعتبر نسخة من قناة الجزيرة، وقنوات قطر فى تركيا، لكن الأكثر غرابة أن عددا من عمقاء مرضى الإفرنجى عندنا يومها دافعوا عن جارديان وأكاذيبها واعتبروا اعتذارها أمرا رائعا يكشف عن موضوعيتها.
نتذكر هذا بمناسبة التقرير المفبرك حول أرقام إصابات فيروس كورونا فى مصر، حيث نشرت الصحيفة القطرية البريطانية نقلا عن تقرير لنيويورك تايمز أن دراسة اكتوارية لوغاريتمية فى جامعة كندية قالت إن احتمالات المصابين فى مصر يقتربون من 19 ألفا، وهو رقم تكذبه منظمة الصحة العالمية وتقارير قنوات مثل سى إن إ ناو غيرها. اللافت للنظر أن لجان قطر الإلكترونية احتفت بالتقرير اللوغاريتمى، لمراسل جارديان نقلا عن مراسل نيويورك تايمز عن دراسة كندية تقوم على افتراضات افتراضية تائهة. كل البيانات الموثقة من منظمة الصحة والتقارير الأجنبية تؤكد أن الفيروس لم ينتشر بهذه الأرقام وأن البيانات الرسمية أقرب للصحة، وأن أرقام الوفيات لا يمكن إخفاؤها. ثم إن الفيروس كورونا هو فيروس عالمى، اجتاح إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وأوربا والعالم، والأرقام عندهم أضعاف ما هو معلن فى مصر، لكن جارديان والجزيرة وأخواتهما يصرون على نشر الأكاذيب.
هناك سياسة مستمرة، للجارديان وعدد من من الوكالات والمواقع التى تنفق عليها قطر، ومنها مواقع تصدر من هنا أو الخارج، وتعيش على نشر و«تشيير» هذه التقارير من جارديان وغيرها، وتم اختراع نسخ عربية من مواقع تحمل أسماء أجنبية وبعضها تديره منظمات حقوقية عاطلة، كجزء من منظومة متعددة المهام، تحترف «صناعة الكذب»
ومن مميزات مواقع التواصل أنها بقدر ما تساهم فى نشر أعمال الكتائب الإلكترونية فهى أيضا تساهم فى كشف التلاعب، وكيف تحول بعض المراسلين فى مؤسسات كبرى إلى نشطاء يخلطون بين الرأى والخبر.
وإذا كان محرر واحد بالجارديان قدم مائة موضوع يمكن استنتاج عدد التقارير التى قدمتها وسائل أخرى وصنعت بها ولا تزال صورة لمصر تختلف كثيرا عن الواقع وبعضها لا يخلو من مبالغة وادعاء وكذب، وهذه التقارير تصبح مصادر لتقارير منظمات وجهات وظفتها فى نفس الاتجاه. وآخرها تقرير عن كورونا، جاء بعد فشل محاولات وأكاذيب كثيرة صدرت من منصات مختلفة وتنشرها الجزيرة يوميا، متجاهلة حجم الإصابات فى قطر والذى يتجاوز مئات المرات غيرها مقارنة بعدد السكان. لكن «تقول جارديان يقولوا احلبوه».
كان اعتذار صحيفة جارديان عن تقارير مراسلها المزيفة، يفترض أن يعلم من اعتادوا التعامل مع أى كلام بلغة أجنبية على أنه منزل ويبنى عليه تحليلات ونظريات، لكن ما جرى أنهم نسوا فضائح جارديان وعادوا ليصدروا شعورهم بالدونية أمام كل ما هو أجنبى، حتى لو اتضح أنه مجرد قمامة معلوماتية.
هناك طبعا من يتكسب من ترويج هذه التقارير. وهؤلاء يواصلون الدفاع عن مصداقية، اعترف أصحابها بالفبركة، وهؤلاء وصفتهم يومها بأنهم «جارديانيون» أكثر من «جارديان».