من أين تأتي هذه الأعداد من " الفقهاء" و "الخبراء" و "الأطباء" و"المتطوعين" و "المخترعين" و"المبتكرين " الذين أطلوا على الناس مع بداية تفشى فيروس الكورونا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
نصائح وتعليمات وقسم أغلظ الايمان بأن ما يقدمه كل خبير منهم هو الوسيلة الناجعة الوحيدة للعلاج من الفيروس.. وتحولت المسألة الى نوع من العبث والسخرية والنكتة الى حد أن كل من هب ودب بدأ يدلو بدلوه للتخلص من كورونا أو المساهمة المجتمعية للتخفيف من آثارها النفسية ورفع الروح المعنوية.
احدى الراقصات أعلنت تضامنها مع مجهودات الدولة في الإجراءات الاحترازية وبقاء الناس في المنازل بأنها سوف تقدم خدماتها الراقصة مجانا لزبائنها عبر صفحتها على احدى مواقع التواصل الاجتماعي بالتالي لا داعى للمجيء والحضور الى الكازينو أو الكباريه التي تقدم فقراتها فيه حتى تزول الغمة والمحنة عن مصر..!
سيدة آخرى تقدم احدى برامج الطبخ على اليوتيوب نصحت بجعل محشى الكرنب وجبة أساسية طوال اليوم لأنها وبصفتها خبيرة فى علم " الكرنب" وحاصلة على درجة الزمالة الملكية من بريطانيا تأكدت أن الكرنب وآثاره العطرة تقضى على الفيروس في مهده . المضحك أن سيدة أخرى ردت عليه ,اخبرتها أنها عملت بنصيحتها مع زوجها وأولادها واسرتها وعائلتها الكبيرة فامتلآ البيت كله " بالروائح والغازات"..!
تجار الأعشاب استغلوا الأزمة وبدا عدد منهم في عرض بضاعته وتقديم الوصفات الشعبية للتخلص من كورونا ولم ينسوا بالطبع في الإعلان عن أرقام هواتفهم وأماكن متاجرهم.. واحد من هؤلاء أقسم أن دواء التامفلو الذى يمكن استخدامه في علاج الفيروس مثل ما تم استخدامه في علاج فيروس السارس عام 2003 ما هو الا عبارة عن قشر الليمون و" كوباية زبادى وملعقة عسل ..واضرب ياباشا في الخلاط يطلع لك التامفلو..!
أما خبراء الاستراتيجية الكورونية.. والذين عندهم علم مالا يعلمه أحد على الأرض فلديهم الوثائق الأكيدة التي تكشف أنها حرب بيولوجية مقصودة بين الصين وأميركا وروسيا.
عموما ما سبق أمره مفهوم ويمكن استيعابه في حالات الأزمات وظهور مئات بل آلاف الخبراء سواء في الكورة أو في الاقتصاد أو في العقارات والعاصمة الإدارية والتسليح الى آخره.
لكن المفارقة أن فقهاء السلفية خرجوا من كهوفهم مرة أخرى في محاولة للعودة من جديد بعباءة الدين وتديين أزمة فيروس الكورونا دغاعا عن خزعبلاتهم وأفكارهم الجامدة..بعضهم رأى أنه لا فائدة من الدواء ولا سبيل الا بالدعااااء فقط للشفاء من المرض الى حين أن يتمكن العلماء " الكفار" في الغرب من ابتكار دواء لعلاجه..!
المصيبة أن أحد مشايخ السلفية حاول توظيف الأزمة لتبرئة النقاب منه وقال بملء الفم ان النقاب هو الواقي، وأن الاختلاط هو الوباء، وأن الوضوء هو المطهر، وأن الدعاء هو المضاد، والله غالب على أمره. و لا داعي لاستخدام الدواء والمضادات الحيوية، فالدعاء هو المضاد، كما يرى أن الاختلاط بين البشر كان هو الوباء، أي أنه وفقا لمفاهيمه الخاصة وأفكارة، فإن الاختلاط بين الرجال والنساء كان السبب في انتشار الوباء، لذا فإن تحريم الاختلاط هو السبب وليس الإهمال في تقدير خطورة الفيروس، وأن كل ما يعنيه هو منع الاختلاط بين الجنسين...!
ربما شر البلية ما يضحك لكنها أشياء لا بد من ردعها ومنعها حتى لا تزيد من نشر الفزع والخوف وترويع الناس وارتباكهم وهو ما يجب مواجههت ، فوسط الخرافات واستغلال الأزمة دينيا وسياسيا يضيع العلم الحقيقى ويسيطر على الناس الجهل ..على طريقة فيلم " النوم في العسل"..!