يمر اليوم ذكرى رحيل الملك فاروق الأول، إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 1965 ، وخلال هذا التقرير نستعرض جزءا من الحياة الشخصية للملك فاروق، ولعل أهم ما يأتي على رأس ذلك هو علاقته المتميزة بوصيفة زوجته الملكة ناريمان التى اختارها كى تكون بجواره بعدما عاشت بجوار أخته الأميرة فوزية منذ 1945م كوصيفة، لنكشف مدى هيام الملك بتلك السيدة الشركسية الجميلة، مما جعل زوجته الأولى الملكة فريدة تتهمها في مذكراتها بإفساد زوجها الملك لتحقيق أغراضها الشخصية! حسب ما جاء في كتاب "ناهد والملك فاروق" للباحث حفنى المحلاوى.
كتاب ناهد والملك فاروق
فمن خلال كتاب "ناهد والملك فاروق"، نستعرض أبرز التفاصيل لتلك العلاقة، حيث تمكن الكاتب من حصر أهم الشخصيات التى تدور حولها أحداث فصول هذه الأوراق فى ثلاث شخصيات رئيسية وهو "ناهد رشاد" الوصيفة، فى المقدمة، ومن ورائها زوجها الدكتور يوسف رشاد، ثم يلحف بهما في طابور هذه الأحداث الملك فاروق.
والآن حان الوقت كى نسأل: من تكون ناهد؟! ومن يكون يوسف؟!، وللإجابة عن هذه الأسئلة يقول الكاتب بشكل عام لقد كانت هذه الخطوة هي أصعب مراحل الإعداد لموضوع هذه الأوراق، خاصة حين خاب ظنى وكنت أتصور وجود معلومات وفيرة وموثقة شانها في ذلك شأن من كان قريبًا من الحياة الملكية، وأضف إلى ذلك أن معظم اخبار ناهد رشاد لم يتم تسريبها إلا بعد رحيل الملك، وكأنما كان يخاف منها أو عليها من تلك الأخبار، وقد شاركها في هذه الصفة زوجها طبيب الملك الدكتور يوسف رشاد، الذى لم نعثر له على أخبار منفصلة إلا نادرًا.
ناهد رشاد
ويعاود الكتاب الحديث مرة أخرى عن ناهد رشاد التي كانت تعرف في الأوساط الرسمية باسم "ناهد هانم"، حيث تقول أوراقها الرسمية التي احتفظ بها أرشيف القصر الملكى باعتبارها إحدى الوصيفات، إن اسمها ناهد شوقى بكير، ولدت بمدينة حلوان عام 1917م، وكانت أمها وخالتها من وصيفات السلطانة "ملك" زوجة السلطان حسين كامل أخو الملك أحمد فؤاد وعم الملك فاروق، وكان ذلك في عام 1915م.
أما أبوها فهو الدكتور شوقى بكير كان يعمل أستاذًا بكلية العلوم كما أكد لنا ذلك الكاتب الصحفى مصطفى أمين، وقد عاشت ناهد ما الأميرات الصغيرات داخل قصر السلطان حسين كامل باعتبار أمها وخالتها كانتا وصيفات من زوجة السلطان، ولما حان وقت زواجها اختارت لها أمها الطبيب يوسف رشاد ابن أحد المحافظين السابقين وطبيب البحرية الملكية، وقد تزوجت عام 1938م، وكان عمرها آنذاك 21 عاما.
وقبل الاستمرار في الحديث عن ناهد رشاد نقف وقفة قصيرة مع زوجها، حيث أنه من الضرورى توضيح سيرته حتى نربط كيف عرف فاروق الأول ناهد، زوجها يوسف رشاد كان بطلا رياضيًا، فقد حصل على عدة بطولات فى الملاكمة ورفع الأثقال، ويبدو أن قوة عضلاته كانت طريقة نحو القصر الملكى، فلولا تلك العضلات المفتولة وقوة جثمانه لما تمكن من إنجاز مهمته الملكية التى فرضت عليه حين وقوع حادث سيارة فاروق الاول والتى تعرف بـ "حادث القصاصين"، لقد تطوع لحظتها لحمل الملك ووضعه فوق كرسيه نهارًا ثم كان يعاود نفس المهمة ليلاً.
وكما يقول الكتاب إن حادث القصاصين كان له قيمة تاريخية هامة فى حياة ناهد، أكثر من قيمته بالنسبة لحياة زوجها يوسف رشاد، ويؤكد هذا المعنى كما يقول الكاتب وفقا لما ذكره مرتضى المراغى وزير الداخلية والحربية السابق في عهد الملك فاروق الذى قال "ولم يكن يوسف رشاد وحده هو الذى استولى على إعجاب الملك، فقد شاركه فى هذا الإعجاب أيضا زوجته "ناهد" التى اشتهرت باسم "ناهد رشاد" لقد كانت فى ذلك الوقت صغيرة السن، بجانب جمالها الشركسى، فقد كانت على حد قول مرتضى المراغى الذى رآها كثيرًا فى حضرة الملك شقراء ذات عينين سوداوين كعيون نساء المغول، ومنذ حادث القصاصين قرر الملك فاروق أن يلحقها هى الأخرى وصيفة لشقيقته الأميرة فوزية".
ويؤكد كتاب "ناهد والملك فاروق"، أن ناهد رشاد قد تفوقت على غيرها من نساء الملك وحاشيته بما كانت تتمتع به من ذكاء فاق جمالها، مكنها من التأثير على ذلك الملك الشاب، بل وكما ذكر مرتضى المراغى مكنها من التاثير على تاريخ مصر كله!.
ولقد أصدر الملك فاروق أمرًا ملكيا بتعيين ناهد رشاد ليست وصيفة فقد، بل كبيرة للوصيفات، وكان دافعه إلى ذلك وكما يقول مرتضى المراغى انها دخلت إلى قلب فاروق من اول يوم رآها فيه مع زوجها الدكتور يوسف، وكان أول هذه القصور التي عملت بها ناهد رشاد بجوار الأميرة فوزية كان قصر أنطونيادس في الإسكندرية التي تم غعداده على عجل لإقامة مطلقة شاه إيران، ويقول عادل ثابت أحد أقارب فاروق أن ناهد رشاد كانت في ذلك الوقت داخل قصر انطونيادس سيدة هذه الفيلا بأوامر شخصية من الملك نفسه بل أكثر من ذلك وكما يؤكد عادل ثابت أن ناهد رشاد كانت العين التي يرى بها فاروق أحوال اخته المطلقة، وبالتالي تحولت على جهاز رقابى حتى على سلوكها الشخصى.
ويشير الباحث حفنى المحلاوى، أن ناهد رشاد حتى وهى وصيفة خصوصية للميرة فوزية أخت فاروق كانت ولا تزال تفكر في الملك بشكل شخصى جدًا، وتعد الأيام بل والساعات التي سوف تكون بعدها بجواره من جديد، فبعد طلاق الملك فاروق لزوجته فريدة، وبعد زواج الأميرة فوزية بعد طلاقها من ساه إيران، عادت ناهد هانم رشاد مرة أخرى إلى قصر عابدين مقر حكم فاروق، ابتداء من منتصف عام 1948م، وقد كان رجوع ناهد رشاد هذه المرة وعلى حد قول مرتضى المراغى الذى كان يشغل في ذلك الوقت منصب وكيل وزارة الداخلية رجوعًا قويًا، حيث امر فاروق بأن تكون بجواره وصيفة بلا ملكة، بل ربما قصد بذلك أن تكون وصيفته الخاصةن ودخلت ناهد رشاد مقاصير الحريم الملكى وصارت من يومها احب الشخصيات إلى فاروق لجمالها وجرءتها، وفى المقابل انجذب غليها فاروق بكل كيانه ووقع في غرام أنوثتها وعقلها، فلم يعد يفارقها والكلام مازال لمرتضى المراغى، منذ رحيل زوجته الولى بطلاقهان وظلت بجواره في جناح الحريم داخل القصر الملكى.
وأكد كتاب "ناهد والملك فاروق"، أن ناهد نفسها حكت لمحمة الثورة كيف تعرفت على الملك فاروق وكيف دخلت القصور الملكية مع أخته الأميرة فوزية.