يمثل الخديوى إسماعيل واحدة من التراجيديات الكبرى فى التاريخ المصرى، إنه يشبه الشخصيات التى دارت حولها المسرحيات اليونانية الكبرى، فبينما يظن أنه يملك أمره يفاجئه القدر بأنه يملك خطة بديلة ومغايرة تماما.
كان الخديوى إسماعيل الذى تمر اليوم ذكرى رحيله مفتونا بجده محمد على باشا لكنه للأسف لم يؤد على طريقته فقد انبهر بالمظهر خدعته الأضواء الأوروبية وراح يبحث عن البهرجة.
مسكين هذا الخديوى الذى جاء فى ظل ظروف عالمية ليست سهلة فشهية إنجلترا وفرنسا كانت مفتوحة للاستيلاء على العالم، وليس فى العالم أهم من مصر ومكانتها جغرافيا فهى بوابة كبرى لأفريقيا ولآسيا، لذا حيكت الخطط ووقع الخديوى إسماعيل فى حبائل المراهنين وأصحاب الديون.
لا أريد الدفاع عن الخديوى، لقد كانت أخطاؤه فادحة، لكنه لم يكن يفكر أبدا فى إسقاط البلاد فى الدائرة التى وقعت وفيها، ولم يكن متساهلا مثل عمه سعيد أو ابنه توفيق، لقد حلم بطريقة مغايرة لإمكاناته، واستغل الآخرون ذلك.
وبعيدا عن التبعيات السياسية التى لحقت بالبلاد فإن أهل الثقافة يعترفون بأن زمن الخديوى إسماعيل كانت به نهضة ثقافية مهمة، فى أيامه ظهرت ثمرات الجيل الذى كان قد رباه جده محمد على باشا، تلاميذ المدارس كبروا، وصاروا يجلسون فى المنتديات يتحدثون عن المجتمع ويشكلون ما يمكن أن يطلق عليه الرأى العام، وصار للشارع صوتا ومسرحا وكتبا وصحافة.