لجأت عدد من دول العالم في الآونة الأخيرة إلى إجراء الحجر الصحى وفرض طوق الحماية الصحية على عدد من منشآتها ومدنها للحد من انتشار فيروس كورونا: كوفيد 19، كإجراء احترازى للحد من انتشار المرض ونقل العدوى بين المواطنين.
وعلى مدار التاريخ الإنسانى، فرضت السلطات والمجتمعات إجراءات صحية في حالات انتشار الأمراض والأوبئة، وسجلت حالات عدة للحجر الصحى في التاريخ، بسبب الأوبئة التي ضربت العالم مثل الكوليرا والطاعون والأنفلونزا الإسبانية، منذ العصور الوسطى وإلى الآن، ومع تفشى كورونا الآن أصبح هذا الإجراء من بين الممارسات الأكثر فعالية في الحد من انتشار الجائحة العالمية كما صنفته منظمة الصحة العالمية.
ووفقا لموقع شبكة "فرانس 24" الفرنسية، كان أول فرض لعملية حجر عزل وعزل للمرضى في التاريخ كانت استخدمته السلطات في مدينة دوبروفنيك الكرواتية عام 1377، واستخدم مرة أخرى في مدينة البندقية الإيطالية عام 1423م، حيث فرض العزل على سفن قادمة من مناطق مختلفة ضربها الطاعون.
ومدة الحجر هي 40 يوما ومنها اشتقت الكلمة الفرنسية للحجر، "كارانتين" نسبة إلى "كارانت" وهو الرقم 40 باللغة الفرنسية.
وأطلق على منشآت الحجر التي تستقبل الطواقم المصابة بالوباء، اسم "لازاريتو"، وهو مشتق من اسم جزيرة "سانتا ماريا دي نازاريت" (القديسة مريم الناصرية) الواقعة في خليج البندقية حيث كانت ترسو تلك السفن. وقد يكون تحويرا لاسم أليعازر المجذوم الوارد في الإنجيل، اعتمدت عمليات الحجر بعد ذلك مرارا في أوروبا، كما في حصل مع انتشار وباء الكوليرا العالمي في ثلاثينات القرن التاسع عشر.
وأشار التقرير الذى نشرته الإذاعة الفرنسية بعنوان " من الطاعون إلى فيروس كورونا.. تاريخ طويل من الطوق والحجر الصحى" فأن تعبير "الطوق الصحى" استخدم لأول مرة في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، عندما قامت سلطات باريس بإرسال 30 ألف جندى لإغلاق الحدود مع إسبانيا، بهدف امتداد وباء الحمى الصفراء لكن، حتى قبل هذا التاريخ، أنشئت حواجز صحية في بعض الأحيان في مراحل انتشار الطاعون، كما يذكّر مدير معهد الأمراض المعدية والصحة العامة في جامعة ليفربول توم سولومون.
ويشير إلى "مثل" العزل الطوعي "الشهير" في عام 1665 لقرية إيام في إنجلترا، بعد ظهور إصابة بالطاعون، بهدف تفادي انتقال العدوى إلى باقي المنطقة، وفي جنوب شرق فرنسا، رفع "جدار الطاعون" على امتداد 27 كلم في فوكلوز الفرنسية من أجل حماية مقاطعة فيناسان من الوباء الذي كان يفتك حينها بمرسيليا وبروفانس.
يمكن لفرض قيود على الحركة أن تأتي "بنتائج عكسية"، عبر إثارتها الذعر ما يحث العديد من الأشخاص على الفرار مهما كلف الأمر، بحسب سولومون، وقد تؤدي أيضا إلى اضطرابات اجتماعية خطيرة كما حصل في بومباي عند انتشار الطاعون أواخر القرن التاسع عشر، بسبب إرغام رجال ونساء على الاستشفاء دون أخذ طبقتهم الاجتماعية بعين الاعتبار، كما يوضح باتريك زيلبرمان.