لم يصب وباء كورونا قطاع الصحة فى العالم فحسب، بل التهم الاقتصاد والصناعة، ولعل أبرز هذه الدول التى طالما اشتهرت بجدارتها وقوتها الصناعية، ألمانيا، حيث أطلقت مستشارتها أنجيلا ميركل ، خطابًا استثنائيًا للشعب منذ أيام أعلنت فيه أن الدولة لم تمر بمثل هذه الفاجعة منذ الحرب العالمية الثانية، تتوقف عجلة الانتاج والتصنيع لأجل غير مسمى.
وجاءت توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التى قالت فيها: إذا لم يتحسن الوضع قريبًا وإذا أصيب مزيد من الدول بالفيروس ، فقد ينخفض النمو العالمي إلى النصف هذا العام .
وألغت برلين رحلات شركات الطيران لوفتهانزا إلى الخارج، كباقى الدول الأخرى فى محاولة لكبح جماح الوباء المتفشى بين الدول، كما تم إلغاء الأحداث والفعاليات الكبرى مثل معرض الكتاب في لايبزيج ،وبورصة السياحة الدولية في برلين ، الأمر الذى أكد إصابة كورونا للاقتصاد الألمانى.
من جانبه حذر يواكيم لانج ، المدير الإداري لاتحاد الصناعات الألمانية ، أن ما يحدث هو اختبار ضغط على الاقتصاد قائلًا: "يمكن تسجيل التأثيرات بوضوح في الاقتصاد العالمي وفي الصناعة الألمانية الموجهة نحو التصدير .
و توقع بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس الآن أن ينخفض الناتج الاقتصادي الألماني بنسبة 0.2 % هذا العام، حيث تعاني ألمانيا من ضعف النمو العالمي وتصدر إلى الصين أكثر من الدول الأخرى.
كما أن العلاقات التجارية مع الشرق الأقصى، الذى طالما كان الشريك التجاري الأكثر أهمية لألمانيا، حيث استحوذت الجمهورية الشعبية مؤخرًا على 8.5% من إجمالي تجارتها الخارجية، وبسبب وقف التصدير والاستيراد، توقف عملية التبادل التجارى.
كما تتأثر الصناعات المعدنية والكهربائية، نظرًا لأن المتخصصين ذوى الخبرة هم الأفضل أداءً في الشركات، والذين يبلغ عمرهم 60 عامًا فأكثر ،ويتم إبقاءهم فى المنازل حاليًا بسبب الوضع الصحى.
وتنتشر المخاوف بشكل خاص في صناعة المعادن والكهرباء، والذى كان في حالة ركود منذ ربيع عام 2019 ، والآن تهدد الأعمال بتراجع أكثر، وأكبر قدر من عدم اليقين هو بين شركات السيارات ومصنعي الماكينات.
ولسنوات عديدة ، استفادت هندسة المصانع من الصعود الاقتصادي للإمبراطورية العملاقة ، التي استثمرت بكثافة في المصانع الجديدة ، مثل أي فرع آخر، لكن الاقتصاد الصيني الآن بطيء ، ولا أحد يعرف متى ستعود البلاد إلى وضعها الطبيعي.
كما يساور مصنعي السيارات الذين يديرون العديد من المصانع في الشرق الأقصى اهتمامًا كبيرًا بالتطور، في الأسبوعين الأولين من فبراير ، انخفض عدد مبيعات السيارات في الصين بنسبة 92%. و 60 %من جميع المركبات التي تم شراؤها في الصين تأتي من ماركات أجنبية ، وبالتالي من الماركات الألمانية.
كما يحذر كليمنس فويست ، رئيس معهد إيفو للبحوث الاقتصادية ، من "العواقب الوخيمة" للصناعة الألمانية - ويدعو السياسيين لمساعدتهم على توضيح أنهم يفعلون كل ما هو ضروري، والخيارات الممكنة ، وفقًا لـ Fuest ، هي توسيع مزايا العمل لوقت قصير وفرض الطوارئ للشركات التي تواجه صعوبات بسبب انقطاع سلاسل التوريد الخاصة بها.
كما وجهت منظمة الدول الصناعية OECD في باريس ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن الوباء هو أكبر تهديد للاقتصاد منذ الأزمة المالية لعام 2008.
وخفضت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشكل ملحوظ توقعاتها للنمو لعام 2020.
وشدد كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي ، لورانس بون ، على أن "الفيروس يهدد بتوجيه ضربة إضافية للاقتصاد العالمي"، وقد أضعفته بالفعل النزاعات التجارية والتوترات السياسية.
وفى محاولة لدرأ الصدع، ذكرت دير شبيجل، أمس الجمعة، أن ألمانيا تخطط لتأسيس صندوق حجمه نصف تريليون يورو لدعم الشركات التى تواجه صعوبات فى المدفوعات بفعل أزمة فيروس كورونا، إذ سيكون بمقدوره ضمان التزامات أو ضخ رأس مال عند الضرورة.
وسيكون الصندوق البالغ حجمه 500 مليار يورو تقريبا (538.05 مليار دولار) مماثلا لصندوق خاص لاستقرار الأسواق حجمه 480 مليار يورو أسسته الحكومة لدعم البنوك وقت الأزمة المالية.
وقالت دير شبيجل إن الحكومة مستعدة لإحياء ذلك الصندوق أيضا إذا واجهت البنوك مصاعب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة