من عنق الأزمات يأتي الإبداع، ونحن الآن نمر بأزمة يهتز لها العالم أجمع، وتتمثل في التصدي لفيروس كورونا المستجد، فكيف سيتعامل كتاب المسرح الذين اعتدنا منهم على رصد الواقع مع تلك الأزمة، وهل ستظهر نصوص جديدة تتحدث عن اللحظة الراهنة، أم سيتمهلون لحين انتهاء الأزمة ليقوموا بتأريخها.
يقول مؤلف المسرح والتلفزيون شاذلي فرح: "لابد أن يتحدث المسرح والفن كله عن اللحظة الراهنة، حتى نؤرخ ما يحدث لنا خطوة بخطوة، ليتعرف أبناؤنا وأحفادنا عن هذه الأزمة، حتي لو انتهت ولم تعد لها أهمية فيما بعد، فمثلاً عندما كان هناك تجريف للأراضي الزراعية وبدأ الإعلام ككل يتحدث عن تلك القضية بدأوا في عرض مسلسلات ومسرحيات عن ذلك الأمر، الأمر الذي يعتبر للجيل الحالي لا قيمة له ولكن حينها قام الفن بدور توعوي كبير.
وأضاف فرح: بدأت فى كتابة نص عن كورونا، وهو نص اجتماعى كوميدى يتحدث عن مدينة تم عزلها بسبب الفيروس وكيف تعامل سكانها مع بعضهم البعض، وارتكزت فى النص على أن فيروس كورونا هو مطهر إنسانى وليس قاتلا، وقد أتى لينقذ البشرية، فبسببه أصبح لدينا فرصة لتوطيد العلاقات العائلية، فرصة للتقارب بين بعضنا البعض .
الكاتب الكبير أبو العلا السلامونى يقول إن المسرح يواجه الواقع ويعالجه فى أى مكان وأى زمان، كما يواجه كل القضايا الذى يعيش فيها المجتمع، ولكن لابد أن نعى جيدًا أن النص لكى يقدم لابد أن يتوفر فيه بعض الشروط لتكون الدراما محكمة، فإذا استطاع المؤلف أن يقدم قضية فيروس كورونا المستجد فى إطار درامى وفنى لابد حينها أن نشكره لأنه سيستطيع أن يجذب الجمهور نحو تلك القضية والتى من الممكن أن يقدم خلالها توعية بما يجب أن يحدث، ولكن لو قدمه بشكل دعائى أقرب للمباشرة حينها سيكون المقال المقروء أهم منه .
أما الكاتب المسرحى أحمد سمير الحاصل على جائزة الهيئة العربية للمسرح فى التأليف المسرحى فيعلق قائلاً: دائما ما أكتب حقًا للإنسان وحالة الخوف والهلع التى أصابت العالم ما استدعت عزل الجميع، أصابتنى بالقلق ما دفعنى للتفكير والبحث فى الأمر وطرح عدة تساؤلات أوقفتنى عند أسباب كثيرة ربما تحمل جميعها الإجابة الصحيحة ولكن لم تحمل أى منها خلاص يطمئن أو يخبرنا أن الشمس قادمة فوق هذا الظلام فقررت أن أكتب توثيقًا لهذا الشعور، ومن وجهة نظرى لن يكون الطرح بمسمياته الحالية وإنما التطرق لصراعات سياسية عبر الحروب البيولوجية حتى لا ينحصر النص وما يحويه من دراما فى إطار زمنى محدد بمعطيات محددة ربما تتغير فتجعل من النص مادة غير صالحة، لذا فسأتناول الموضوع عبر كونه مرض فقط دون تسميته، وسأرصد حروب البيولوجيا ودورها فى إخضاع القرارات والصراعات الدولية والنظرة الإنسانية لدور العالم الثالث والذى لن يمتلك علاجه وسيكون الضحية الحقيقية خلف تلك الحروب.
وتابع: كما أننى سأعبر حاجز الزمن عبر عدم تحديد زمن الأحداث تفصيليًا، وربما تكوين مجتمع افتراضى بعيد عن المجتمع البشرى كأن يحدث مثلاً، تلك الحروب بين الكواكب الأخرى بكائناتها الفضائية فيما ينتظر سكان الأرض نهاية ليست فى يدهم، ليعبر سكان الأرض عن دول العالم الثالث، و التى تنتظر الآن وصول دول العالم الأول للعلاج ولا تملك أى شيء سوى الانتظار والدعاء للغير .
ويقول المؤلف المسرحى دكتور طارق عمار: نحن الآن فى ذروة الحدث ولا أحد منا يعرف بدقة كيف ستنتهى، والكتابة إما ان تكون قبل الحدث وتكون تنبؤ، أو بعد الحدث وتكون تبشير به، ولكن الكتابة أثناء الحدث لا تكون دقيقة، فنحن لا نملك حقيقة واحدة عن فيروس كورونا فكلها احتمالات فكيف سيتم بناء درامى على حقائق غير مؤكدة إذا تم نفى هذه الحقائق فيما بعد سيكون النص بلا قيمة، لذا أرى أن على كتاب المسرح أن يتريثوا قليلاً فى كتاباتهم عن الفيروس.
أما الكاتب سامح عثمان الحاصل على جائزة أفضل مؤلف مسرحى بالمهرجان القومى للمسرح، يرى أن الكتابة أثناء الأزمات تكون متعجلة ولم تكن ملمة بكل التفاصيل، فلابد أن تتأكد من بعض الحقائق أولا قبل البدء فى الكتابة، هل هذا المرض صدفة أم لا، هل سيؤثر على موازين الكون أن سيبدأ فى الانحسار، فنحن بحاجة للحظة مستقرة كى نستطيع أن نبنى الدراما .
ويواصل: العبث وليد الحرب العالمية ولكنه لم يظهر بالتوازى معها ولكنه ظهر بعدها، وإذا أردنا كمؤلفين مسرحين الكتابة عن الأزمة لابد أن تكون نصوص توعوية ويدرك المؤلف حينها أن تلك النصوص لن تعيش طويلا ولكنها ستنتهى بنهاية الأزمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة