رغم تفشى كورونا عالميا واجتياحه أوروبا التى دخلت مع الصين مرحلة الخطر إلا أن الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية نجحتها فى اتخاذ التداببير الوقائية فعلقت المملكة العمرة، وعلقت مصر الدراسة والفعاليات الجماهيرية، وتعقيم المساجد وتنظيم الحركة، لكن يبقى موسم الزحام الأكبر الذى يجمع 3 ملايين مسلم فى الحج موضع تساؤل هل تعلق الفريضة إذا استمرت كورونا؟.
الدكتور جمال فاروق العميد السابق لكلية الدعوة بجامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أكد أن الفتوى هنا متعلقة برأى علماء الطب والعلوم المتخصصة التى تعرف على المرض موجود أم لا وهل سينتشر فى الزحام، وهل الضرر قائم، وهل للمسافرين أم للجميع؟.
وأضاف فاروق لـ"اليوم السابع"، أن فريضة الحج تعلق هذا العام إذا أكد العلماء وقوع ضررا جماعيا شريطة التيقن وليس ظن الضرر لأن الحفاظ على الانسان اولى وله أن يحج فى العام المقبل.
واشار فاروق إلى أن الضرر اذا أصاب شريحة عمرية أو القادمين من الخارج أو المقيمين فيمنع المتضرر فقط لأن الطب وعلماء الفيروسات أكدوا ذلك والعبرة بالحفاظ على حياة الإنسان وإذا هدد الجميع فتعلق الفريضة حتى يزول الضرر.
أكد الدكتور عطا السنباطى، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر وعضو لجنة المستجدات تفكيك الفكر المتطرف بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الحجر الطبى موجود فى الإسلام، حيث قال النبى "إذا سمعت به بأرض فى أرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منها".
وأضاف لـ اليوم السابع، أنه يجوز منع الفريضة لسبب قهرى، حيث إن عمر بن الخطاب أوقف التحرك وتراجع عن دخول الحجاز وهو فى الشام بل رجع لانتشار الوباء وقال لأبو عبيدة ابن الجراح نفر من قدر الله إلى قدر الله.
وشدد على أن من حق السلطة المختصة أن تحمى صحة الناس باتخاذ الإجراءات والتدابير وتمنع أو تعلق رحلات الحج للقدرة على مواجهة فيروس كورونا، وذلك بناء على فعل النبى والصحابة وقول العلماء.
وأشار إلى أن النبى رفض السلام على مجذوم حتى يوقف العدوى وليعلمنا كيف نحافظ على أنفسنا من المرض، وكان المجذوم قد جاء يبايعه فقال له أرجع فقد بايعناك، وعليه فإن السفر الذى ينقل المرض فيجب وقفه والزحام الذى سينقل المرض فيجب منعه، وتعليق الحج ضرورة وقتية طالما استمر هذا الفيروس وبعد زواله نعود للحج.
وقال عميد الدراسات العليا أن العلماء، أكدوا أن وجود المرض أو الوباء فى أرض يحرم الدخول والخروج منها، والإمام النووى قال حرام شرعا، وقد جاء وفد من ثقيف لمبايعة النبى على الإسلام فوجد شخصا مجزوما فقال "أرجع فقد بايعناك" وقال "لا يوردن ممرض على مصح".
وأوضح أن وجود المرض يجعل الدخول والخروج فى بلاد الوباء أمر ممنوع وحرام إلا لضرورة مثل الأطباء، مؤكدا أن علة تحريم الدخول والخروج سببه أن مقاصد الشريعة العليا وأهدافها الأساسية هى الحفاظ على النفس البشرية من الموت والضرر حتى لو توقفت شعيرة لوقت ما، وقد حرم النبى الدخول أو الخروج للوباء.
قال الدكتور عمر حمروش استاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وأمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن الضرورة تقدر بقدرها وإذا وقع الضرر يفتى بمنع الشئ الذى يتسبب فى الضرر وإذا تلاشى الضرر يعود الإنسان إلى الشئ الاول.
وأشاد حمروش، لـ "اليوم السابع"، بالإجراءات الوقائية السريعة التى تتخذها الدولة للحفاظ على أرواح الناس وما تقدمه من جهد من أجل الحفاظ على الصحة العامة.
فيما اعتبرت دار الإفتاء المصرية، أن وقف الحركة ومنع التزاحم فى تادية الفرائض هو من قبيل الحجر الصحى حتى يزول المرض.
ورخصت الدار لمن يخشى على نفسه من ضرر محقق أن يمتنع عن الشئ الذى يحقق له هذا الضرر حتى لو كان فرضا، واتفقت هيئة كبار علماء الأزهر مع الافتاء فى نفس الرأى.
وقالت الإفتاء، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أرسى مبادئ الحجر الصحى وقرر وجوب الأخذ بالإجراءات الوقائية فى حالة تفشى الأوبئة وانتشار الأمراض العامة بقوله فى الطاعون: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه" (سنن الترمذى/ 1065).
وقال الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، هذا الأمر يتقيد بتقيد ما يقيده الفقهاء بناء على المشرع واختيار الحاكم، والدولة قالت إننا سنمنع التجمعات يجب علينا أن نلتزم بذلك، والدولة أصدرت حكما تشريعيا وأفتى بها المفتى وأفتى بها هيئة كبار العلماء وقالت نحن لا نصلى فى المسجد حفاظا على حياة الإنسان، ففى هذه الحالة يجب أن نطيع أوامر العلماء والفقهاء".
وتابع عبد السميع:"فى هذه الحالة تحت نقدم ما يسمى بحفظ النفس على حفظ الدين، و إذا حدث ما يعرض الإنسان للهلاك من والعدوى المرض ونحو ذلك ففى هذه الحالة نقول لا تذهب إلى المسجد حتى ينتهى هذا الوباء ونطيع المشرع لأنه لم يأمر بالمعصية وإنما أراد بذلك الحفاظ على الروح والنفس".
وكانت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قالت إنه فى ضوء ما تسفر عنه التقارير الصحية المتتابعة من سرعة انتشار (فيروس كورونا- كوفيد 19) وتحوُّله إلى وباء عالمي، ومع تواتر المعلومات الطبية من أن الخطر الحقيقى للفيروس هو فى سهولة وسرعة انتشاره، وأن المصاب به قد لا تظهر عليه أعراضه، ولا يَعْلم أنه مصاب به، وهو بذلك ينشر العدوى فى كل مكان ينتقل إليه.
وتابعت الهيئة:"لما كان من أعظم مقاصد شريعة الإسلام حفظُ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار، فإنَّ هيئة كبار العلماء - انطلاقًا من مسؤوليتها الشرعية - تحيط المسؤولين فى كافة الأرجاء علمًا بأنه يجوز شرعًا إيقاف الجُمَعِ والجماعات فى البلاد؛ خوفًا من تفشِّى الفيروس وانتشاره والفتك بالبلاد والعباد.
كما يتعيَّن وجوبًا على المرضى وكبار السن البقاء فى منازلهم، والالتزام بالإجراءات الاحترازية التى تُعلن عنها السلطات المختصة فى كل دولة، وعدم الخروج لصلاة الجمعة أو الجماعة؛ بعد ما تقرر طبيًّا، وثبت من الإحصاءات الرسمية انتشار هذا المرض وتسبُّبه فى وفيات الكثيرين فى العالم، ويكفى فى تقدير خطر هذا الوباء غلبة الظن والشواهد: كارتفاع نسبة المصابين، واحتمال العدوى، وتطور الفيروس.
وعلقت دار الإفتاء المصرية كافة الفعاليات فيما يتعلق بالتدريب على الإفتاء وتأهيل المقبلين على الزواج، وذلك لمدة 15 يومًا.
يشار إلى حزمة القرارات الاحترازية التى أطلقتها "الأوقاف" فى مواجهة فيروس كورونا، خلال الساعات الماضية، ومنها حظر "تقبيل اليد" بين المشايخ، والتأكيد على وقف تقبيل يد الوالدين مؤقتا، ومنع السلام باليد بين موظفى الوزارة، وغلق جميع الأضرحة والمزارات طوال فترة تعليق الدراسة، و تأجيل جميع الاختبارات والدورات والمسابقات، وتأجيل الدراسة بمراكز الثقافة الإسلامية وإطلاق التدريب عن بعد، والغاءالاحتفالات بالإسراء والمعراج بسبب كورونا وتكتفى بخطبة الجمعة، بسبب كورونا.
وشملت إجراءات وزارة الأوقاف، اطلاق حملة لتطهير وتعقيم المساجد ضد فيروس كورونا، برش السجاد وغسله، وتطهير دورات المياه، ومكان الوضوء، حيث تتلقى غرفة عمليات الوزارة، لدى الانعقاد الدائم، فى مقرها بمسجد صلاح الدين بالمنيل تبليغات تنفيذ المهام الموكلة بالصور للتيقن من جدية الحملات كل فى منطقته.
فيما اتخدت المملكة العربية السعودية عدة إجراءات وقائية مؤقتة للحد من تفشى انتشار فيروس كورونا ومحاصرته والقضاء عليه، مع تطبيق المعايير الدولية المعتمدة، ودعم جهود الدول والمنظمات الدولية، وبالأخص منظمة الصحة العالمية، وهذه الإجراءات تخضع للتقييم المستمر من قبل الجهات المختصة، وأهمها تعليق دخول المملكة للعمرة وزيارة المسجد النبوى الشريف أو السياحة.
وأهابت وزارة الخارجية السعودية بالمواطنين عدم السفر إلى الدول التى تشهد انتشاراً لفيروس كورونا الجديد(19-COVID).
وأوضحت الخارجية ، أن الجهات الصحية المختصة فى المملكة تتابع عن كثب تطورات انتشار فيروس كورونا الجديد (19-COVID)، مؤكدة حرصها على تطبيق المعايير الدولية المعتمدة، ودعم جهود الدول والمنظمات الدولية وبالأخص منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار الفيروس ومحاصرته.
ونوّهت إلى أن إجراءاتها الأخيرة جاءت استكمالاً للجهود التى تم اتخاذها والرامية إلى توفير أقصى درجات الحماية لسلامة المواطنين والمقيمين وكل من ينوى أن يفد إلى أراضى المملكة لأداء مناسك العمرة أو زيارة المسجد النبوى أو لغرض السياحة، وكإجراءات وقائية استباقية لمنع وصول فيروس كورونا الجديد (19-COVID) إلى المملكة وانتشاره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة