تبنت المنصات الإخوانية الدعوة إلى التكبيرات فى الشوارع ومن النوافذ لمحاربة فيروس كورونا: كوفيد 19، ومحاولة الخروج فى مسيرات من أجل نشر العدوى فى البلاد، بحجة الدعاء والتضرع من إزاحة الغمة، وكأن الأوبئة يتم مواجهتها بالأدعية وليس بالأدوية، لكن ربما لم يكن تلك التصرف الجاهل من جماعة الإخوان هو الأول من نوعه، من جماعة متمرسة فى الغباء والجهل السياسى والدينى.
على مدار التاريخ كانت هناك بعض الطقوس التى ابتدعها الجهلة من أجل مواجهة الأوبئة، وبحسب موقع الفتاوى الإسلامية "إسلام ويب" أن خلال اجتياج وباء الطاعون الأسود للعالم فى منتصف القرن الثامن الهجرى، يذكر المؤرخون أن أحداثا عدة شهدتها مصر؛ حيث بلغ من فداحة الخطب أن طاشت العقول وعم البلاء بمصر حتى خرج الأمر عن الحد، ووقع العجز عن العد، وامتلأت الأماكن بالصياح، يقول ابن تغري بردي: فلا تجد بيتا إلا وفيه صيحة، ولا تمر بشارع إلا وترى فيه عدة أموات، واشتد الوباء بعد ذلك حتى عجز الناس عن حصر الموتى، ويستطرد في ذكر الأعراض التي كان يجدها المرضى فيذكر منها: أن المصابين كانوا يحسون بارتفاع في درجات حرارتهم ، ويجدون غثيانا فيبصق الواحد منهم دما ويموت، ثم يتبعه أهل داره واحدا بعد واحد حتى يفنوا جميعا بعد ليلة أو ليلتين.
لما كثر وقوع النكبات والأوبئة في عصر المماليك وما بعده من العصور ادعى بعض الناس أن الاجتماع لقراءة صحيح البخاري سبب في رفع الأوبئة حتى إن هذه العادة استقرت عند السلاطين في مصر خاصة وما جاورها من بلاد الشام منذ عهد الدولة النورية وما تلاها من دول المماليك والعثمانيين؛ بل شرع بعض العلماء في التأصيل لها فهذا الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة يقول: قال لي من لقيتُ من العارفين عمّن لقيه من السادة الـمقر لهم بالفضل: إن (صحيح البخاري) ما قُرئ في شدّة إلا فرجت، ولا رُكب به في مركب إلا نجت، وكان البخاري مجابَ الدعوة وقد دعا لقارئه.
ومما ذكره المؤرخون أيضا أنه لما تواصل البلاء بمصر أمره سلطان البلاد المصرية والشامية الملك الناصر أن يجمع أربعين شريفا، اسم كل شريف منهم محمد، وأن يفرق فيهم من ماله خمسة آلاف درهم، ويجلسهم بالجامع الأزهر؛ فقرؤوا ما تيسر من القرآن الكريم بعد صلاة الجمعة، ثم قاموا هم والناس على أرجلهم ودعوا الله تعالى- وقد غص الجامع بالناس- فلم يزالوا يدعون الله حتى دخل وقت العصر فصعد الأربعون شريفا إلى سطح الجامع وأذّنوا جميعا، ثم نزلوا وصلّوا مع الناس صلاة العصر وانفضّوا، وكان هذا بإشارة بعض الأعاجم، قال ابن حجر: كان بعض العجم قال للشريف إن هذا يدفع الطاعون، ففعل ذلك فما ازداد الطاعون إلا كثرة.
ويذكر الحافظ ابن كثير أنه لما كثر الموت في الناس بأمراض الطواعين وزاد الأموات كل يوم على المائة، وذلك مطلع سنة 749 هـ - وهي أحداث عاصرها ابن كثير وقد ناهز الخمسين من عمره - يقول في صبيحة يوم التاسع من شهر ربيع الأول اجتمع الناس بمحراب الصحابة وقرأوا متوزعين سورة نوح 3363 مرة، عن رؤيا رجل أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرشده إلى قراءة ذلك كذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة