أكرم القصاص

كورونا.. فيروس يحاصر مئات الملايين ويعيد صياغة العالم سياسيا واقتصاديا!

الخميس، 26 مارس 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فيروس غامض غير مرئى، يجبر مئات الملايين من البشر فى العالم على البقاء فى منازلهم، وهو أمر لم تنجح فى فعله جيوش ولا قرارات، بل إن كورونا دفع ملايين البشر للدعوة إلى فرض حظر تجول، فى سابقة تاريخية، تشير إلى عالم جديد يولد من رحم أزمة طاحنة. 
 
لقد اجتهد علماء المستقبليات فى رسم صورة العالم فى ظل عولمة السلع والخدمات والتجارة، لكنهم لم يضعوا فى اعتبارهم أن يظهر كائن غير مرئى ليعيد صياغة الخطط، ويرسم عالما جديدا، ويغير من موازين القوة والمال، ولا يمكن اليوم التكهن بشكل عالم ما بعد كورونا، ولكنها مجرد توقعات يمكن أن تتغير، مثلما تغيرات الكثير من مفردات العالم الحديث، وحتى إجراءات الحذر لم تمنع وصول تهديدات الفيروس إلى زعماء العالم مثل أنجيلا ميركل، وقادة وسياسيون فى أمريكا وغيرها، ولى العهد البريطانى الأمير تشارلز ورؤساء وقادة عسكريون ومدنيين، فضلا عن استمرار تساقط ضحايا الفيروس فى إيطاليا وإيران وإسبانيا وفرنسا وأمريكا وباقى الدول، ولا توجد حتى الآن سوى دول قليلة لم تصل إليها العدوى. 
 
بالطبع فإن عصر التواصل والاتصالات والتكنولوجيا يتيح الكثير من الخيارات، عصر المعلومات يتيح معارف، وأيضا يجعل الرعب نوعا من العدوى، فضلا عن كونه يفتح الباب للكثير من المعلومات المغلوطة والشائعات، والادعاءات، لدرجة أن الناس تعجز عن التفرقة بين النصيحة الطبية الحقيقية، والمعلومات المفبركة. وربما يظهر نجوم مدعون، بينما يتراجع تأثير الأطباء لكونهم يقولون كلاما علميا.
 
ومهما كانت التداعيات فإن أعداد ضحايا فيروس كورونا حاليا وقبلها هجمات أنفلونزا الطيور والخنازير وسارس أقل كثيرا من أى وبائيات سابقة، ومع هذا يظل الرعب هذه المرة أقوى، بينما ظلت هناك توقعات بأن يكون الأمر مجرد تصدير للرعب، يتنقل مثلما تنتقل السلع والأفكار.
 
وحسب التسجيلات التاريخية بلغ ضحايا الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 حوالى 50 مليون، والطاعون والكوليرا تدور حول 20 إلى 25 مليون، بينما الأعداد حتى الآن ومع التوقعات السيئة تقل كثيرا، وفى أسوأ الخيارات لن تتجاوز الأصفار الخمسة أو الستة، وهى بالطبع أرقام كبيرة، خاصة أنها تتم على الهواء، وفى ظل رصد واقعي، بينما فى السابق كانت الأوبئة تجتاح الدول والامبراطوريات فى ظل نظام طبى متهالك وغياب للاستعدادات أو تبادل المعلومات كما هو حادث اليوم.
أيضا تكشف الهجمات العنيفة للفيروسات عن غياب لأنظمة طبية تكون قادرة على الصمود فى الأزمات الكبرى، خاصة مع غموض كبير للفيروسات وتداعياتها وتأثيراتها، وبقدر ما يتوقع أن تترك الجائحات آثارا اقتصادية وتجارية ضخمة، فإنها أيضا سوف تفتح الباب أكثر للمزيد من الإنفاق العالمى على البحث فى مجالات الفيروسات، وأيضا يكشف عن تهافت فكرة الوحدة الإنسانية وربما يقود إلى إعادة نظر فى تكتلات سياسية مثل الاتحاد الأوروبى، أو تحالفات المعسكر الغربى، فى ظل اتهامات بالتخلى والجشع. 
 
ربما لا يكون ضحايا كورونا بالملايين، لكن المؤكد أن هناك تداعيات اقتصادية وتجارية تعيد صياغة عالم جديد، بصورة لم تحدث منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة