نواصل مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) قراءة تاريخ العرب وأيامهم وسيرتهم وما جرى لهم من أحداث وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب" وسؤال اليوم: هل سمعت عن الدولة المعينية.
يقول جواد على:
تعد الدولة المعينية من أقدم الدول العربية التى بلغنا خبرها، وقد عاشت وازدهرت بين "1300- 630ق. م" تقريبًا على رأى بعض العلماء، وقد بلغتنا أخبارها من الكتابات المدونة بالمسند والكتب الكلاسيكية.
أما المؤلفات العربية الإسلامية فلا علم لها بهذه الدولة، ولكنها عرفت باسم "معين" على أنه محفد من محافد اليمن وحصن ومدينة، وذكرت أنه هو و"براقش" من أبنية التبابعة.
وأقدم من ذكر المعينيين من الكتاب "الكلاسيكيين" "ديودورس الصقلى" و"سترابون" "سترابو"، وقد سماهم Minae= Meinaioi وقال: إن مدينتهم العظمى هى Carna= Karna، وذكر نقلًا عن كاتب أقدم منه هو "إيراتوستينس" Eratosthenes، أن بلادهم شمال بلاد سبأ وشمال أرض "قتبان" وأما حضرموت، فتقع شرق بلاد معين4. أما "ثيوفراستوس" Theophrastos
فقد ذكر السبئيين والقتبانيين والحضارمة، وذكر أرضًا أخرى دعاها Mamali ويرى "أوليري" أنه قصد "معين" Menaioi= Minaea، وأن تحريفًا وقع فى نسخ الكلمة، فصارت على الشكل المذكور، أي "Mamali". وقد ذكرهم "بلينيوس" Pliny أيضًا، فأشار إلى أن بلادهم تقع على حدود أرض "حضرموت" Atramitae.
ولم يتحدث أحد من الغربيين بعد الجغرافى المذكور عن "معين"، حتى دخل السياح الأوروبيون بلاد العرب بعد نوم طويل، فبعث عندئذ اسم "معين"، وكان فى مقدمة من نشر خبر هذا الشعب "يوسف هاليفي" Joseph Halevy. و "أدورد كلاسر" Eduard Glaser و "أويتنك" Euting5 و "جوسن" Jaussen و "ساوينه" Sasignac، وغيرهم ممن سترد أسماؤهم، حصلوا على نقوش معينية نشرت ترجمات بعضها، ونشر بعض آخر بغير ترجمة، ولا يزال بعض آخر ينتظر النشر.
وقد ظهرت هذه الدولة فى الجوف، والجوف منطقة سهلة بين نجران وحضرموت، أرضها خصبة منبسطة، وقد زارها السائح "نيبور" Niebuhr ووصفها، وذكر الهمدانى جملة مواضع فيها، ولم يعرف شيئًا عن أصحابها.
ومن هذه: معين، ونشق: وبراقش، وكمنا وغيرها1. وقد كانت عاصمة تلك الدولة "القرن" "قرن" "قرنو" وهي: "قرنة" "قرنا" Carna= Karna عند بعض الكتبة الكلاسيكيين.
وزار الجوف بعد ذلك السيد محمد توفيق وقد ندبته "جامعة فؤاد الأول" الجامعة المصرية لدراسة هجرة الجراد الرحال والكشف عن مناطق تولده، ودخله مرتين، المرة الأولى سنة "1944م" والمرة الأخيرة سنة "1945م" وقد انتهز الفرصة فدرس سطح تلك المنطقة وخرائبها وآثارها، وأخذ صورًا "فوتوغرافية" لزخارف وكتابات، نشرها فى البحث الذى نشره له "المعهد العلمى الفرنسى للآثار الشرقية بالقاهرة" وذلك سنة "195م" بعنوان: "آثار معين فى جوف اليمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة