لكل أزمة نمر يكون لها جوانبها السلبية التى تؤثر فى حياتنا وقد تهددها أحيانًا، لكن الإيجابيات لا تغيب أيضًا عن هذه المحن الحياتية، وهذا ما يحدث خلال أزمة تفشى فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، الذى أصاب وقتل مئات آلاف الأشخاص حول العالم، ورغم فداحة هذه المأساة، إلا أن الجانب الإيجابى هنا يتمثل فى التضامن الاجتماعى والتكاتف الذى ظهرت به الشعوب بمختلف دول العالم، فالفرد يعمل من أجل الجميع دون مقابل أو انتظار كلمة شكر.
وفى إطار تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية التى برزت فى المبادرات المجتمعية للمساعدة فى الحرب ضد الفيروس القاتل، يقوم كبار الطهاة فى المجر بإشعال أفرانهم لطهى وجبات الطعام اللذيذة لعمال المستشفيات الذين يعانون من ضغوط شديدة خلال مكافحتهم بخطوط المواجهة الأولى من أجل وقف انتشار وباء الفيروس التاجى الجديد.
ومن جهته، قال لاجوس تاكاكس، أحد مجموعة الطهاة المنفذين للفكرة: "قد لا تبدو وجبة طعام راقية عندما تكون فى هذا الصندوق الجاهز للميكروويف الجاهز"، وأضاف تاكاكس، البالغ من العمر 47 عاما، لوكالة "فرانس برس" - أثناء تحريك صلصة فوق جزء من لحم الخنزير البافارى المشوى والكرنب على البخار - "لكن حتى تلك اللحظة يمكن تقديمه فى أى مطعم كبير".
وبعد أن أغلقت تدابير الطوارئ المضادة للفيروسات المطاعم فى المجر، قرر "تاكاكس" واثنين من الطهاة الآخرين الذين يديرون جمعية تذوق الطعام المجرية (MGE) عدم تعليق عمل طهاتهم، ويقول التقرير إنه على الرغم من أن المجر قد سجلت 300 حالة إصابة بـ Covid-19 حتى الآن، و10 حالات وفاة، فمن المتوقع أن ترتفع الأرقام بشكل حاد.
بدوره، قال تاماس ب. مولنار، البالغ من العمر 65 عاما، رئيس شركة MGE - وهو يمزق رؤوس الملفوف - "إنه مثل زمن الحرب، وعمال الخطوط الأمامية الذين يخاطرون بصحتهم للقيام بعملهم يحترموننا، وهذا أقل ما يمكننا فعله"، وذلك وفقًا لما نقله موقع "france24".
وتأسست MGE منذ 15 عامًا كمجموعة من الطهاة والجزارين والمدونين، وأثناء "وقت السلم" تنظم MGE عادةً مسابقات الطهى، وأخذ عينات من المنتجات، وتعزيز فن الطهو المحلى، وتروج الجمعية المجرية للمكونات الجذابة على وسائل التواصل الاجتماعى، مدعومة بالعديد من الطهاة المشهورين، ومنذ إطلاق المبادرة قبل أسبوعين، تصل التبرعات الغذائية بكميات كبيرة كل يوم إلى المطبخ الواسع، الذى يقدمه صديق، يقع فى منطقة فخمة من العاصمة المجرية بودابست، كمساهمة فى المبادرة.
وأضاف مولنار: "غدا لدينا لحوم البقر ولحم الخنزير.. ومانجاليكا (طعام هنجارى شهية) قادم من إحدى الشركات، و 80 كيلوجرامًا (180 رطلاً) من الفطر وصناديق البيض والمكرونة اللذيذة من شركة أخرى"، وتابع - بعد تلقى كيس من البطاطس من متبرع مجهول - "من مكونات بسيطة ولكنها جيدة نريد أن نصنع وجبات عالية الجودة حقًا لطاقم المستشفى ليسهل تناولها تحت ضغط العمل."
بعد طهى حوالى 100 وجبة فى الأسبوع، تقدم المجموعة الوجبات إلى مستشفيات بودابست التى تعالج مرضى الفيروس التاجى، وصرح مولنار لوكالة "فرانس برس" - عند مدخل مستشفى اوزوكى يوتكا قبل عودته إلى المطبخ - بقوله "نحن فقط نسلمهم عند المدخل لأنه ليس من الحكمة الدخول".
وقال "بعد ذلك، نخطط لتقديم وجبات ساخنة عالية الجودة للمسعفين وسائقى سيارات الإسعاف"، فيما يقول تقرير الوكالة الفرنسية، إن "هذه المبادرة تعكس محركات مماثلة من قبل طهاة رائدين فى مدن عبر أوروبا المصابة بالفيروسات بما فى ذلك باريس وبرلين وبروكسل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة