فيروس كورونا كشف عن خطر سياسات الدول الكبرى على الكوكب، وغياب المشاركة الإنسانية لدى القادة الكبار، فضلا عن هشاشة نظام الدفاع البشرى لدى الدول، حيث تتوجه دفاعات الدول إلى الأبنية العسكرية والسلاح، بينما يتجاهلون أخطارا أهم تهدد البشر جميعا. وبينما تنفق الدول الكبرى أكثر موازناتها فى دعم التسلح وإنتاج وتسويق السلاح، وخطط الحروب الباردة ونشر الصراعات، يأتى فيروس مجهرى ليثبت ضعف أنظمة الدفاع الإنسانية والاقتصادية ونتائج التعامل بأنانية وفردية. وحتى صناعة الدواء فى العالم تكاد تتشابه مع صناعة السلاح من حيث إعلاء قيم الأنانية والسباق التجارى فوق الهدف الإنسانى والعلمى.
كل هذه الأمور ظهرت خلال الحديث والبحث عن علاج أو لقاح لفيروس كورونا، هناك دول تتسابق لإنتاج اللقاح الخاص بكورونا. فيما يتعلق بالمصل واللقاح، فقد جرب الصينيون استعمال البلازما المتعافين فى حقن مصابين، ووجدوا نتيجة إيجابية، ولهذا وافقت هيئة الدواء والغذاء الأمريكية على استخدام هذه الطريقة، وفى سياق اللقاح أعلن الدكتور أنتونى فاشى أن تجارب التوصل إلى لقاحات مستمرة، لكن الأمر يتعلق بالتجارب النهائية والأعراض الجانبية، لأن طرح لقاح بسرعة قد يسبب أضرارا للمرضى أو يضاعف من العدوى والانتشار، لكن هناك تلميحات باتجاه احتمال طرح اللقاح لحصار الفيروس، مع ما يمكن أن يؤدى إليه من أعراض جانبية قد تكون غير مرغوبة، خاصة أن اللقاحات فى هذه الحالة تختلف فى نتائجها من مريض لآخر.
فيما يتعلق بالعلاج، هناك أكثر من طريقة أعلن عنها الأطباء فى دول مختلفة، سواء باستعمال دواء الملاريا أو أدوية مضادة لالتهاب والالتهاب الرئوى ومضادات مختلفة. فيما طرح بعض أطباء كوبا استعمال الإنترفيرون، والذى سبق استعماله مع الفيروس الكبدى. وتجرى أستراليا تجارب على استعمال لقاح المضاد للسل فى مواجهة أعراض كورونا، خاصة بعد ظهور أبحاث تشير إلى أن بعض مواطنى الدول الذين تلقوا تطعيمات ضد السل ظهرت لديهم مقاومة أكبر لفيروس كورونا، ومن هذه الدول مصر والدول التى تستخدم لقاحات السل.
وفى سباقات إنتاج دواء أو مصل أو لقاح أعلنت بعض الشركات عن إجراء أبحاث لإنتاج لقاح، اختلفت التواريخ المعلنة لإتاحة اللقاح، بين شهور أو عام وأكثر، وبالرغم من أن كورونا كان فرصة لشركات الدواء لإنتاج دواء أو لقاح، إلا أن شركات الأدوية العالمية الكبرى المعروفة لم تعلن عن توجهها لتطوير لقاح مضاد للفيروس الجديد. وهو ما وصفه الدكتور «أنتونى فاشى» مدير المعهد الوطنى للأمراض المعدية بالولايات المتحدة بأنه «محبط للغاية». والسر فى أن الكبار بقطاع الأدوية غير متحمسين للسير فى تطوير لقاح للفيروس «كوفيد 19» أن هذه الشركات تخشى أن تنتهى أزمة كورونا بسرعة كما حدث مع أوبئة أخرى ظهرت خلال العقدين الماضيين.
تصدرت الأمر شركات صغيرة مثل «مودرنا»، عمرها فى السوق تسع سنوات ويدعمها تحالف الأوبئة الشركة تقول إنها بدأت إنتاج اللقاح فى يناير وإن تجارب تبدأ فى إبريل وتستمر شهورا. وهو ما تراه الشركات الكبرى فترة طويلة تجعل من عوائد أو أرباح اللقاح غير مجزية، خاصة إذا انتهت أزمة كورونا بسرعة، وفى هذه الحالة تكون الشركات أنفقت بلا جدوى.
تفضل شركات الدواء العمل فى إنتاج أدوية الأمراض المزمنة المستمرة أو تضمن استمرار كورونا طويلة تتجاوز العامين، أو عاد الفيروس للانتشار مرة أخرى بعد انحساره وأصبح مستوطنًا مثل الأنفلونزا الموسمية. وترى شركات كبرى أن ما جرى مع أنفلونزا الطيور والخنازير وسارس أن الفيروسات رحلت بسرعة مما جعل أبحاث اللقاح غير مجدية، وربما لهذا تسعى الشركات العاملة فى إنتاج اللقاح الحصول على منح ومساعدات حكومية حتى لا تنفق من رأس مالها الخاص. ولهذا تستفيد الشركات من حملات الدعاية والرعب لتحصل على معونات وتحقق أرباحا.