وسط حصار فيروس كورونا لمئات الملايين فى العالم، وسط تضاعف أعداد ضحايا الفيروس فى الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا ودول العالم، هناك الكثير من الضخ اليومى لآلاف التقارير والتصريحات والبوستات التى تتحدث عن الفيروس، ومصدره وأسبابه، ومحاولات اكتشاف علاج أو لقاح يمكن أن يوقف زحف المأساة التى تجرى على الهواء، ولا يخلو الأمر من الغاز حول الإصابة والشفاء، كيف صعد منحنى الإصابات أقصاه فى الصين قبل أن يتراجع؟
والأمر نفسه فى كوريا الجنوبية، بينما اتسعت هجماته فى إيران ثم أوروبا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، التى سجلت سبقا فى عدد الإصابات، وبعد أسبوعين فقط على تصريحات هونت من الخطر، وجدت الولايات المتحدة وبريطانيا نفسيهما فى مواجهة كارثة صحية،
كيف تشعبت الإصابات بشكل أربك الأنظمة الصحية للدول، ودفعها لاتخاذ قرارات بالغزل والحجر المنزلى؟ هناك أسئلة تحمل بعضها بحثا عن الحقيقة والبعض الآخر يحمل اتهامات لطرف أو آخر. نظريات مؤامرة متعددة الوجوه، فقد أشار بعض السياسيين فى الصين إلى وجود احتمالات أن يكون كورونا فيروسا مخلقا ضمن حرب بيولوجية متعمدة، الاتهامات ترددت فى روسيا وإيران تجاه أمريكا، باعتبار أن الفيروس ضرب خصوم الولايات المتحدة،
لكن الولايات المتحدة كانت إحدى أكبر الدول التى ضربها الفيروس مع إيطاليا وإيران، وهى نقاط تشكك فى كون الفيروس المستجد أمريكيا، خاصة أن علماء الفيروسات أكدوا، حسب ما نشرته مجلة «نيتشر»، أن كورونا المستجد تطور طبيعى للفيروسات التاجية مثل سارس، واللافت للنظر أن تقريرا تسرب للصحف بأن مئات الآلاف من الصينيين غادروا ووهان وهم يحملون الفيروس، وبالرغم من غياب أى دليل على ذلك، فإن التقرير وجد مساحة من الانتشار على مواقع ومنصات متعددة، وبدا الأمر ردا على الاتهامات الصينية لأمريكا، بإطلاق الفيروس ضد أعدائها، لكن انتقال الإصابات لأوروبا والولايات المتحدة ينفى اتهام أمريكا، كما أنه ينفى اتهام الصين ويقع ضمن الكيد السياسى.
الصين كانت مثلا مجالا للاتهام والسخرية والهجوم من قبل الولايات المتحدة، ومرات كثيرة وقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ليسأل عن سبب تأخر الصين فى تقديم معلومات حول الفيروس، ونشرت مواقع وصفحات فيس بوك ويوتيوب تفاصيل كثيرة عن الصين وأسواق الحيوانات الحية التى يعتبرها هؤلاء مصدر الفيروس المنحور، وبالغ البعض فى محاولة الربط بين الطعام الصينى والفيروس، سواء كورونا أو سارس أو غيرها، وتحول الأمر إلى حمى اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى بشكل تجاوز الرصد إلى الهجوم والسخرية والعنصرية، بالرغم من أن الصين سارعت بتقديم خبراتها ومساعداتها لإيطاليا وأوروبا فى وقت ابتعدت الدول الأوروبية عن بعضها وانغمست فى مآسيها،
لكن الذين يهاجمون الصين باعتبارها مصدر الفيروس، نسوا أن أحد أجيال كورونا المستجد ظهر عام 2012، وسمى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية واكتُشف لأول مرة فى المملكة العربية السعودية، وأعراضه تتراوح بين نزلة البرد والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة سارس، وقتها ذكرت الجِمال كمستودع للفيروس ومصدر حيوانى لعدوى البشر، وجرى وقتها ذكر الخفافيش كناقل للمرض، وتكرر الأمر فى عام 2015 حيث ظهرت حالات متعددة، لكنها لم تصل إلى حد طلب العزل الجغرافى أو المحلى، من قبل منظمة الصحة العالمية، بالرغم من أنها أدت إلى وفيات.
الواضح أن ظهور فيروسات مثل كورونا وسارس كان إنذارا لم يأخذ مجاله من الاهتمام، وسعت بعض الشركات لبحث إنتاج لقاحات أو علاجات، لكنها توقفت بعد انحسار المرض بشكل ما. ولم ينتبه العالم وقتها إلى إشارات العلماء والباحثين، واليوم هناك من بين العلماء من يعتبر كورونا المستجد تطورا طبيعيا لأجيال فيروسية خطرة، وبعضهم يرى أن كورونا الحالى ربما محطة من محطات الفيروسات تشير إلى ظهور أنواع أو طفرات جديدة من الفيروسات، يمكن أن تطلق موجات جديدة من الخطر، وهذه الأشكال تنفى فكرة المؤامرة الضيقة التى تمثل وجها لحروب تجارية وباردة، ولا تمثل أى اتجاه علمى، وأن نظريات أكل الخفافيش أو الثعابين لا تقدم تفسيرا لهجمات فيروسية خطرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة