«فى واحد معرفوش، قال إن خال جارهم ليه ابن عم فى السعودية، والتانى فى إيطاليا، ليهم ابن خالة ساكن فى الشرقية، قريبه اللى فى أسوان قاله إن بنت خالتهم اللى فى إسكندرية ليها جارة بنت عمتها سافرت دمياط سمعت إن جار عمها ليه خال جارهم قاله إن ابنهم عيان بسخونة، شك إنها عدوى كورونا، لإنه كان بياكل فى طبق صينى ومتكتمين على الموضوع فعلا ربنا يستر».. هذه إحدى الصيغ النموذجية التى تملأ صفحات فيس بوك وتويتر، منذ أيام، ويقسم أصحابها أنهم سمعوا أو قيل لهم أو حلموا بأن هناك حالات كثيرة وإصابات عظيمة تم التكتم عليها، وأن مصر فيها كورونا وتنكر وترفض الإفصاح، وإذا قلت لهم إن منظمة الصحة العالمية تتابع الموقف، وإن التكتم صعب يبتسم الواحد منهم ويتمطع ويلقى برد عميق حول انهيار المنظومة، وغياب الاستراتيجية الصحية، وتهافت ذكريات العقلية الحكومية، ثم يعيد الانشكاح ليلقى قطعة نثرية عن «انتشار الكورونا فى العالم المتقدم»، مما يؤكد ويبرهن على أنها عندنا ونحن لم نأخذ بالنا.
لاحظ أن كل، إن لم يكن أغلب، من أعلنوا عن وفيات أو إصابات سرية، كتبوا أنهم سمعوا قالولهم، وينقلون «عنعنات» بلا دليل، ولم يتحدث أى منهم عن حالة يعرفها فى محيطه، ويلفت النظر أن هناك من بين من «يهجصون» يكتبون أنهم صحفيون، ومع هذا لا يبذل أى منهم جهدا لتطبيق قواعد عمله البسيطة.
ونحن لا نقول إن كل الأمور مثالية، لكن على الأقل نشاهد تحركات من الدولة فى ملف كورونا تعطى انطباعا بأن هناك جهودا تبذل، وأن وزيرة الصحة تعمل بدأب واهتمام، وهى جهود ندعمها ونطالب بالمزيد، لكن هذا لا يرضى خبراء «كل حاجة»، ومع الاعتراف بأن موضوع الشائعات أمر لا يتعلق بمصر فقط، وهو ظاهرة عالمية، وفقد أعلنت مصار حكومية أمريكية أن هناك 2 مليون تويتة قدمت أخبارا ومعلومات ونصائح مزيفة وخاطئة حول كورونا، وهناك موقع أوربى نشر خبرا عن إصابة بابا الفاتيكان بالكورونا، مستغلا ظهور البابا فرانسيس فى حالة إعياء، اللافت أن عددا من سكان فيس بوك وتويتر عندما نقلوا الخبر وأعادوا « تشييره» لمجرد أنه من مصدر إنجليزى، واتضح أنه موقع مضروب أساسا.
ومع الاعتراف بأن الشائعات والأخبار المفبركة ظاهرة عالمية ترتبط بمواقع التواصل، لكن الأمر مع مصر مضاعف، وهناك تعمد واضح لإفزاع المصريين ونشر صورة بأن مصر ينتشر بها كورونا، وهى دعاية تسبب خسائر اقتصادية وسياحية، مما يجعلها متعمدة.
وبعد إعلان مصر عن حالات مشتبه فى إصابتها بفيروس الكورونا، وعزلهم بدأت تتكشف حقيقة الكثير من التهجيص الافتراضى حول الموضوع، وبعضه ليس تهجيصا، لكنه من عمل لجان إلكترونية تنفذ أجندة عدائية واضحة، وهناك قرائن، من متابعة قناة الجزيرة وموقعها وقنوات تركيا الممولة من قطر، وحقوقيين يعملون لدى قطر أو بتمويل قطرى، ثم إن قطر أصدرت قرارا بوقف تأشيرات المصريين، لم توقف تأشيرات القادمين من إيران أو الصين، بالرغم من وجود إصابات مؤكدة ووفيات.
عندما نقول إن هناك تعمد بإثارة الفزع فى مصر ومنها، لدينا قرائن، وخلف هذه اللجان بحسن نية أو بكيد وتعمد وعبط كان لدينا وما يزال من يعيد نشر هذه «التهجيصات»، وقد تابعنا بوست واحد عن شخص مجهول يتحدث عن ابن أخته الذى ارتفعت حرارته وتم نقله لمستشفى وحجزه بالكورونا، لكن غباء لجان الدعاية كشفهم فقد انتشر بوست «ابن أخت» المجهول بأسماء عشرات ومئات من أعضاء لجان «الأخوال» إياهم، ولم يفكر أى منهم فى تغيير الصيغة، وهو ما أثار سخرية كثيرين على مواقع التواصل، بوست «توارد الأخوال» أعادنا إلى بوست الفتاة التى سافر خطيبها إلى ليبيا وهو مجند مع أنه وحيد أمه وأبيه.!
طبعا وسط هذا الزحام هناك أشخاص عبَّروا عن قلقهم وطرحوا أسئلة مشروعة عن أهمية توفير المعلومات أو الشفافية، ووسط هؤلاء بعض المدعين ممن غلفوا عدائيتهم فى غلاف من الموضوعية والحرص على الشعب، وإن كانوا دسوا اتهامات حول غياب الخطط العظمة أو التخطيط الاستراتيجى، لدرحة أنهم اعتبروا زيارة وزيرة الصحية للصين أمرا يخالف قواعد الطب والسياسة وسخروا من الأمر، مع تصدير شعور بالدونية والضعف، ومنهم من تساءل أين الخطط، أين الاستراتيجيات، وهم غالبا لا ينتظرون إجابة، ويجيبون بأنفسهم.
وإذا كان من الطبيعى أن نشعر بالقلق ونطرح تساؤلات، وقبل أن نقف فى صف التأييد أو المعارضة، يحتاج البعض إلى تأمل الموضوع من زواياه المختلفة، وعدم السير خلف الهجاصين و«المعنعنين».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة