يتصور الكثيرون أن القانون به ثغرات يستغلها منعدمو الضمير لتحقيق أهدافهم، ولكن الحقيقة التي لا مناص منها أنها ليست ثغرات، وإنما هي استخدام خاطئ لمواد القانون لتحقيق أهداف وأغراض غير شرعية والكيد والإضرار بالآخرين، فالأصل هو مدى مطابقة مواد القانون للوقائع التي تنظره المحكمة أو يتم التحقيق فيها أمام النيابة العامة.
دعوى التسليم للاستيلاء على أملاك الآخرين
ومثال ذلك "دعوى التسليم" التي سنها المشرع لمصلحة المجتمع وأفراده، وتكمن خطورة هذه الدعوى التي استغلها أصحاب الضمائر الميتة للاستيلاء على أملاك الآخرين، في تذييل حكمها بالصيغة التنفيذية التالية: "على الجهة التي يناط إليها بالتنفيذ أن تقوم بتنفيذ هذا الحكم متى طلب منها ذلك ولو بالقوة الجبرية"، فالمشرع لم يقصد الإضرار بالأفراد، ولم يشرع هذه الدعوى ليستغلها محترفو الاستيلاء على أملاك الغير.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية بالنسبة للملايين من المواطنين المتمثلة في السؤال والإجابة عليه.. كيف يستغل محترفو النصب "دعوى التسليم" الاستغلال السيء - استغلال شرعي لتحقيق غاية غير مشروعة؟، وذلك في الوقت الذى تعرف فيه دعوى التسليم بأنها دعوى سنها المشرع كضمانة لتنفيذ عقد البيع وأثر من أثاره، والذي يتم بوضعه تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته، والانتفاع به بغير حائل، وذلك طبقا لنص المادة 435 مدني، وفي حالة عدم تمكن المشتري أو الحائز حسن النية من حيازة العقار يحق له رفع دعوى على المغتصب بالتسليم، ومطالبته بمقابل الانتفاع بما يسمي – الريع -كتعويض له عن عدم الانتفاع بالعقار – بحسب الخبير القانوني والمحامي محمد عبد التواب.
البداية بتحرير عقد بيع ابتدائي لعقار مملوك للغير
تبدأ دعوى التسليم التي يستغلها بشكل مباشر أصحاب الضمائر الميتة للاستيلاء على أملاك الآخرين، بتحرير عقد بيع ابتدائي لعقار مملوك للغير، ويدعى البائع ملكيته لهذا العقار ويبيعه للمشترى، الذى هو من طرفه ومتفق معه ومذيل بالتوقيعات والشهود، ثم إقامة دعوى تسليم بالمحكمة، ويتم حضورهم في أول جلسة وتقديم محضر صلح مطالبين المحكمة بإثبات محتواه بمحضر الجلسة، وجعله في قوة السند التنفيذي، ويقر المدعى عليه - البائع الوهمي - بالطلبات والتصالح وموافقته على التسليم – وفقا لـ"عبد التواب".
مخطط الاستيلاء على أملاك الغير
وفى تلك الأثناء - يتم عمل إشكال وقف تنفيذ من طرفهم ومن الغير، ومرور ميعاد الاستئناف بدون أن يستأنف المدعى عليه، ثم استلام الحكم المذيل بالصيغة التنفيذية، ومطالبة جهة التنفيذ بتنفيذ الحكم النهائي الصادر لمصلحة المشترى، وتسليمه العقار وكلها إجراءات قانونية سليمة، كل هذا والمالك الأصلي لا يعلم بما يحدث، ويفاجأ بالحكم واستيلاء أشخاص لا يعرفهم على العقار ملكه، ويلجأ إلى كافة الجهات المسئولة ويقيم دعوى بطلان حكم وكل هذا يأخذ وقتا طويلا دون أن يستطيع أن يضع يده على عقاره، والمشكلة الأكبر أن من قام بالاستيلاء على العقار ملكه يبيعه إلى آخر، وهكذا، حتى يتوه الحق ويدخل المالك الأصلي في دوامة لا تنتهى .
4 شروط لدعوى التسليم
وفى الحقيقة فطن المشرع لهذه الألاعيب من محترفي الاستيلاء على أملاك الغير، وعدل دعوى التسليم، ووضع لها ضوابط في القانون رقم 76 لسنة 2007 تمثلت في التالى:
1-إخطار ذوي الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق بالدعوى، حتى يتسنى لأي منهم أن يتدخل فى دعوى التسليم المتداولة بشأن عقاره، ليضع تحت بصر المحكمة الجزئية التي تنظر الدعوى الأدلة المثبتة لحقه على العقار "هنا نجد أن البائع الذي يبيع حق ليس ملكه يجب عليه أن يثبت للمحكمة طريق ملكيته للعقار كيف آلت إليه".
2-أسند المشرع للوحدة المحلية دورا في الإخطار بدعوى التسليم، يتمثل في إلصاق ملصق واضح وفى مكان ظاهر بواجهة العقار وفى مقر نقطة الشرطة أو عمدة الناحية ولوحة إعلانات في مقر الوحدة المحلية، وذلك منعا لتحايل المدعى في دعوى التسليم بإجراء إخطار شكلي، ومنعا لتحايل طرفي دعوى التسليم بالطلبات من الجلسة الاولى أو بتقديم عقد صلح لإلحاقه بمحضر الجلسة، فلا تحكم المحكمة في الدعوى إلا بعد تمام الاخطار ولو سلم المدعى عليه بطلبات المدعى.
3-جعل المشرع الاختصاص بدعوى التسليم من اختصاص المحاكم الجزئية مهما كانت قيمتها المادية باعتبار أن المحكمة الجزئية هي الأقرب لمكان العقار ومن أجل احاطة هذه الدعاوى بسياج من الأمان ورد كيد محترفي الاستيلاء على الأملاك الخاصة.
الجدير بالذكر أن تلك الضوابط سد المشرع بها الباب على محترفي الاستيلاء على أملاك الغير، ومن هنا نؤكد أن دعوى التسليم لم تكن ثغرة في القانون، وإنما كان الاستناد إليها بشكل خاطئ مثال ذلك الانترنت وجد للفائدة، ولكن هناك من يستخدمه استخدام خاطئا هل معنى هذا أن به ثغرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة