اكتسبت الثقافة الروسية في القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين دلالة عالمية، وهذه الدلالة يمكن أن يقال إنها ترتبط بثقافة أمة ما حين تنطوى على قيم تصلح للإنسانية جمعاء، وليس من شك أن الثقافة الروسية بالصورة التي عليها قبل الثورة البلشفية قد اتسمت بطابع عالمى، ومن الكتب التي حاولت تسليط الضوء على تاريخ تلك الثقافة الرفيعة، كان كتاب "تاريخ الفلسفة الروسية" لـ نيقولاى لوسكى، والصادر في طبعة حديثة عن سلسلة آفاق عالمية بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
يقدم لنا هذا الكتاب الفريد تاريخ الفلسفة الروسية منذ بداية التفكير الفلسفي المستقل على يد اثنين من أصحاب النزعة السلافية هما "إيفان كيريفسكي" و"خومياكوف" حتى التطورات الحديثة في الفلسفة الروسية.
تاريخ الفلسفة الروسية
يكشف الكتاب أن قرون الاحتلال التتري، ثم الانعزالية التي عانتها موسكو كانت سبباً في حرمان الشعب الروسي من التعرف إلى الفلسفة الأوروبية الغربية، ولم يتصل المجتمع الروسي بالثقافة الغربية على نطاق واسع إلا بعد فتح بطرس الأكبر نافذة تطل على أوروبا، وسرعان ما أثر النفوذ الغربي في موقف الشعب من الكنيسة، وشاع التفكير الفولتيري الحر بين طبقة النبلاء، كما ظهرت من ناحية أخرى رغبة عارمة في التوغل إلى أغوار سحيقة من الحياة الدينية، والعثور على معنى "المسيحية الحقة" وتطبيقها في مجال العمل.
وترجع بداية التفكير الفلسفي المستقل في روسيا إلى اثنين من أصحاب النزعة السلافية هما "إيفان كيريفسكي" و"خومياكوف"، وفلسفتهما محاولة التغلب على النمط الألماني في التفلسف عن طريق الاستعانة بقوة التفسير الروسي للمسيحية، هذا التفسير القائم على مؤلفات الآباء الشرقيين تغذيه السمات المميزة للحياة الروحية الروسية، ويقدم لنا هذا الكتاب الذي راجع ترجمته الراحل د. زكي نجيب محمود تاريخ الفلسفة الروسية منذ بداية التفكير الفلسفي المستقل على يد هذين الاثنين، حتى التطورات الحديثة في الفلسفة الروسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة